في ظل وضع اقتصادي صعب تحاول الحكومة جاهدة الا يصل إلي مرحلة الغيبوبة تأتي توترات المشهد السياسي لتلقي بظلالها علي الاقتصاد المصري فتعمق جراحه وتزيد من فاتورة البسطاء الذين يدفعون ثمن هذا التشاحن السياسي. ولا شك في ان المواطن البسيط الذي يمثل أغلبية الشعب المصري لا يهمه هذا الصراع الذي تحكمه أجندات هي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الهدف الاسمي الذي تسعي النظم الديمقراطية إلي تحقيقه والمتمثل في توفير الحياة الكريمة لأبناء الدولة. ان المتتبع لما يحدث علي الساحة السياسية والاقتصادية في مصر يمكن أن يلحظ بسهولة أن الفرقاء السياسيين لم يضع أي منهم مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب أو التيار الذي ينتمي اليه وهنا فإننا لا يمكن ان ننحي مظاهرات يوم 30 من الشهر الحالي بعيدا عن هذا الصراع الأعمي، وإذا كان كل تيار من هؤلاء يتعامل مع الموقف كأنه يمتلك جميع خيوطه فأن حقيقة الأمر تنذر بأن استمرار غياب لغة العقل سوف يؤدي بنا إلي طريق لن يربح منه أي طرف. ولنا أن نتوقف أمام حالة الكساد الاقتصادي التي تضرب الأسواق بقوة والخسائر التي تكبدتها البورصة المصرية خلال الأسابيع الماضية والتي تجاوزت ال30 مليار جنيه، وكذلك المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي ما تلبث أن تخرج من دائرة الخلافات الفنية علي تعامل الحكومة مع الأزمة الاقتصادية لتدخل في دوامة التباس المشهد السياسي المصري ليصبح قرض الصندوق صعب المنال ولا شك أن كل هذه العوامل لا تحمل في ثناياه سوي مؤشرات علي اننا لا نعرف ثقافة الاختلاف التي تبني ولا تهدم فعلي مدار التاريخ حدثت ثورات وسقطت حكومات دون ان يحاول المختلفون الرقص علي جثة الوطن، أما نحن فاننا نمعن الاختلاف والتشاحن ويرفع كل منا راية احتكار الحكمة دون أن يعطي لنفسه وللآخرين فرصة الاتفاق علي أرضية مشتركة تضمن حدا أدني من تماسك نسيج هذا الوطن. ان المواطن البسيط أو ما يطلق عليهم حزب الكنبة أؤشك ان يفقد الأمل في تحقيق حلمه البسيط في حياة محترمة فلم يخرج أي حزب أو تيار بمبادرة لاعادة تشغيل المصانع التي أغلقت أبوابها منذ الثورة وفقد معها الآلاف مصدر رزقهم الوحيد أو تبني أي فصيل مشروعا قوميا لاستصلاح الأراضي وزراعتها ليتيح فرص العيش الشريف لجيل ما زال يبحث عن الاستقرار. وياليت الجميع يعرف ان التاريخ لن يرحم من يدفع هذا الوطن إلي دوامة الفوضي فالجسد ينزف وأوشك ان يفقد كل دمه ولم يحاول المتصارعون تضميد جراحه لتزداد المخاوف من عدم استفاقتنا في الوقت المناسب ووقتها لن يرحم من فقد قوت يومه وأمن أهله كل من رفع راية الفرقة ومزق نسيج الوطن حتي ولو كان يعتقد واهما أنه علي صواب. رابط دائم :