في الوقت الذي يلجأ فيه المواطنون إلي شراء احتياجاتهم بأقل الأسعار نتيجة تدني المستوي المعيشي نجد ان المناطق الشعبية والفقيرة بشكل خاص اصبحت مرتعا خصبا للمنتجات الصناعية المغشوشة مثل الأقمشة والملابس الجاهزة أكثر من غيرها لأسباب عديدة منها ضعف الوعي الثقافي والاستهلاكي ومستوي الدخل بالاضافة إلي ضعف الأجهزة الرقابية بشكل عام والذي يدفع الكثيرين من عصابات المدابغ إلي استغلال ذلك واستخدام صبغات رديئة غير مطابقة للمواصفات تسبب التهابات جلدية وأمراضا سرطانية فور استخدامها, فيما تتنوع الاضرار الناتجة عن هذه الظاهرة أيضا إلي أضرار اقتصادية ومادية واجتماعية كما أن التصدي لظاهرة الغش يتطلب اعتماد مشروع وطني خاص بمكافحتة هذا ما أكده العديد من الدراسات التي قام بها المختصون. ذكر الأستاذ الدكتور/ يوسف عبدالعزيز الحسانين أستاذ الكيمياء الحيوية والتغذية وعميد كلية الاقتصاد المنزلي بجامعة المنوفية, أنه تم اجراء العديد من الدراسات التي تناولت رصد بعض الخامات والمركبات الكيميائية الرديئة التي يستخدمها بعض المصانع في تجهيز الملابس النسيجية الداخلية والخارجية بصفة عامة وللأطفال بصفة خاصة وأصبحت تلقي رواجا هائلا نظرا لرخص سعرها وانتشارها بكل الشوارع علي الأرصفة, بالإضافة إلي زهو ألوانها وتمتعها بدرجة عالية من الثبات. لذلك اعتمدت تلك الدراسات علي تجميع عدد80 عينة من الأقمشة والملبوسات الخاصة بالأطفال من الأسواق المحلية علي مدار عام كامل من كل محافظات وسط الدلتا بجمهورية مصر العربية, وتم اجراء عملية الغسيل لها تحت معاملات مختلفة شملت درجة الحرارة والصابون وبعض الماركات المختلفة من المنظفات الصناعية الشائعة التداول. وأعقب ذلك تحليل المواد السامة والمسرطنة باستخدام تقنيات التحليل الكروماتوجرافي السائلي العالي الأداء في ماء الغسيل الناتج عقب كل معاملة. ولقد أثبتت النتائج أن عينات ملابس الأطفال التي شملتها الدراسة كانت تحتوي علي مستويات زائدة من مادة الآزو عبر عمليات الطباعة والصباغة, وهي مركب كيماوي قد يسبب السرطان بنسبة عالية في حالة ارتداء تلك الملابس. وأوضح الدكتور أشرف هاشم خبير علمي ان مستوي الآزو قد وصل في مستخلص الصبغات إلي أكثر من76,34 جزء في المليون, مما يتجاوز ضعف الحد الذي حدده الاتحاد الأوربي لمواصفات هذه الملابس وهو30 جزءا في المليون. كذلك احتوت بعض العينات الملبسية التي شملتها الدراسة علي مركبات سامة أخري مثل الأمينات العضوية( البنزيدين,3,3 داي كلوروبزيدين) والفورمالين. وأثبتت الدراسات أن استخدام محاليل بعض المنظفات الصناعية شائعة الاستعمال في الأسواق المحلية وتغيير درجة الحموضة ودرجة الحرارة لمياه الغسيل أدي إلي ضعف ثبات اللون بالملابس المغسولة بدرجات مختلفة وزيادة كمية تلك المواد السامة والمسرطنة المنصرفة في ماء الغسيل المنصرف. لذلك أكدت نتائج الدراسات أن تواجد تلك المركبات السامة والمسرطنة وكذلك التي تمتلك القدرة علي احداث الطفرات الوراثية بنسبها المذكورة بالملابس المتداولة بالأسواق المحلية وما يتبعه ذلك من زيادة فرص تلوث البيئة المائية والأرضية بتلك المركبات نتيجة لصرف مياه الغسيل بها, قد تكون احد الأسباب التي تؤدي إلي زيادة احتمالات شيوع الإصابة بالسرطان وأمراض الجلد والحساسية في أفراد المجتمع المحيط. لذا ينصح بضرورة التأكد من مصدر المنتج النسيجي قبل شرائه, مع مرعاة غسله بصورة جيدة قبل ارتدائه لتلافي أخطار المواد والصباغات الكيماوية الموجودة به, وكذا عدم الانقياد وراء المنتجات مجهولة الهوية التي تتميز بتكلفتها البسيطة فأضرارها الصحية والبيئية جسيمة. وبتجولنا بالشارع المصري قال يوسف عتمان بائع ملابس أطفال علي الرصيف ان عملية البيع والشراء شبه متوقفة بالمحلات الكبيرة بسبب ارتفاع الأسعار لذا فهناك من يلجأ إلي شراء ملابسه وملابس أبنائه من بائعي الرصيف فالأسعار أقل بكثير نظرا لعدم التزامهم باستئجار محل أو سداد ضرائب عنه كما أوضح انهم يتعاملون مع مصانع معروفة ويعرضون للجمهور منتجات عالية الجودة تماما مثل ملاك المحلات وأن وجودهم علي الرصيف لا يعني أن منتجاتهم رديئه. وأشار منعم رشاد مستأجر محل بوسط البلد ان انتشار الباعة الجائلين امام محلات الملابس وغيرها يقلل من قيمة معروضاتهم ويعوق حركة المارة ويدفع الجمهور إلي الانسياق وراء الالوان الصارخة الجذابة والتي تكون أقل سعرا بطبيعة الحال نظرا لعدم ارتباط هؤلاء البائعين بسداد ايجار أو ضرائب مثل مستأجري المحلات. وفيما يخص صبغات الملابس أكد رشاد أنهم يتعاقدون مع أشهر المصانع التي تنتج الملابس عالية الجودة والتي تقع تحت رقابة المسئولين وذلك منذ سنوات طويلة مؤكدا أن هناك العديد من الأسر التي اعتادت علي الشراء من محلاتهم دون أي شكوي. وأوضح يحيي زنانيري نائب رئيس غرفة الملابس باتحاد الغرف ورئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة أن هناك مواصفات قياسية يجب أن تتميز بها الملابس الا أن المشكلة تكمن في عدم وجود قواعد وقوانين للمراقبة علي الانتاج المحلي. كما أنه لا يتم العمل بالقرار166 الذي ينص علي أن البضائع المستوردة يجب أن تخضع لتحليل قبل عملية التوزيع حيث ان هناك صبغات عالمية ممنوعة يحظر استخدامها, بعضها قد يسبب أمراضا سرطانية. أما عن الباعة الجائلين المنتشرين علي الأرصفة فإنها مشكلة خطيرة يجب حلها فهؤلاء الباعة ليست لديهم تراخيص بالاضافة إلي أن البضائع التي تعرض في الشوارع هي بصائع درجة ثانية تكون كاسدة في المصانع وبها عيوب غير منظورة. رابط دائم :