مظهر شاهين: أتمنى إلقاء أول خطبة في مسجد عادل إمام الجديد (تفاصيل)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 21 سبتمبر 2025    عيار 21 الآن يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب تنخفض 320 للجنيه اليوم بالصاغة (آخر تحديث)    محافظ كفر الشيخ: إنشاء 3 أسواق حضرية تضم 281 باكية لنقل الباعة الجائلين    أسعار الأدوات المدرسية فى أسيوط اليوم الأحد    التبادل التجاري بين مصر وسنغافورة يسجل 137 مليون دولار خلال النصف الأول من 2025    91 شهيدا منذ فجر السبت بينهم 76 فى مدينة غزة    12 معلومة عن النائبة الهولندية إستر أويهاند بعد ارتدائها علم فلسطين: أسست حزبًا اسمه «من أجل الحيوانات» وتحتفظ بمقعدها البرلماني منذ 19 عامًا    وزير الخارجية الصيني: يجب الالتزام بحل الدولتين وحشد التوافق تجاه القضية الفلسطينية    عاجل- الهيئة العامة للاستعلامات: تواجد القوات المصرية في سيناء يهدف لتأمين الحدود وحماية الأمن القومي    حاكم كاليفورنيا يوقع قانونًا يمنع معظم ضباط الشرطة من ارتداء الأقنعة في بعض العمليات    "بلومبرغ": البنتاغون يحد من وصول الصحفيين إلى معلومات عسكرية    الظهور الأول لأندية دوري المحترفين.. مباريات اليوم في الدور التمهيدي لكأس مصر    مصدر من الزمالك: شيكو بانزا له مستحقات متأخرة.. وغيابه «قرار انضباطي»    منتخب مصر تحت 20 سنة يتفوق على نادي سان لويس التشيلي بخماسية استعدادًا لمونديال الشباب    ياسر ريان: من الوارد انتقال نجلى إلى الزمالك.. ومحمد شريف أقل من الأهلى    أحمد حمودة: الأهلي لديه أزمة في غرفة الملابس.. وأداء الفريق تحسن قليلا أمام سيراميكا    بابلو ماشين: محمد صلاح يحتاج لحصد لقب دولي مع منتخب مصر للفوز بالكرة الذهبية    العثور على جثة موظف بالمعاش في حالة تعفن بدمنهور    تحطيم «الفص» وإخفاء الأثر.. تفاصيل جديدة في تحقيقات سرقة إسورة ذهبية من المتحف المصري    مصرع وإصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة ب «صحراوي المنيا»    خبراء الفلك يكشفون أسرار كسوف الشمس اليوم..حدث محكوم بحسابات دقيقة وأرقام علمية    وزير السياحة: سرقة أسورة المتحف المصري تصرف دنيء..27 ألف موظف بالأعلى للآثار يشعرون أنهم طُعنوا    حسام الغمري: خبرة بريطانيا التاريخية توظف الإخوان لخدمة المخططات الغربية    10 معلومات عن مي كمال الدين طليقة أحمد مكي: طبيبة تجميل تحب الحيوانات وتعتبر والدتها سندها الأساسي    ندوة «بورسعيد والسياحة» تدعو لإنتاج أعمال فنية عن المدينة الباسلة    موعد الحلقة الثانية من مسلسل الحسد التركي وقنوات العرض    بيلا حديد تعاني من داء لايم.. أسباب وأعراض مرض يبدأ بلدغة حشرة ويتطور إلى آلام مستمرة بالجسم    حسام الغمري: التطرف الإخواني خرج من رحم المشروع الصهيوني    ميلان يكتسح أودينيزي بثلاثية ويواصل مطاردة صدارة الكالتشيو    «أهلًا مدارس» |استمرار المعارض حتى نهاية الشهر    تفاصيل لقاء اللواء محمد إبراهيم الدويرى ب"جلسة سرية" على القاهرة الإخبارية    وزير الثقافة يشهد ختام الدورة ال15 من مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي| صور    وزير الشؤون النيابية يستعرض حصاد الأنشطة والتواصل السياسي    «البحيرة» تحتفل بعيدها القومي وذكرى الانتصار على «حملة فريزر»    بعد توقف العمل سنوات .. رصف طريق دمياط الجديدة والميناء    "طب أسيوط الأهلية" تستهل عامها الجامعي 2025/2026 بندوة تعريفية للطلاب الجدد    روني سالا الرئيس التنفيذى لمجموعة «بيريل أرت»: بطولة «إيزى كارت مصر» حققت تقدمًا ملحوظًا في مستوى الأداء    «وداع على غير العادة».. بيان مهم بشأن الطقس خلال ال 48 ساعة الأخيرة من فصل الصيف    محمد طعيمة ل"ستوديو إكسترا": شخصيتي في "حكاية الوكيل" مركبة تنتمي للميلودراما    حسام الغمري ل ستوديو إكسترا: التطرف الإخواني خرج من رحم المشروع الصهيوني    البرلمان العربي: انتخاب السعودية لمجلس محافظي الطاقة الذرية مكسب عربي    وزير الري الأسبق: ملء مخزون الطوارئ بالسد الإثيوبي يمثل تهديدًا مباشرًا للسودان    مصرع اثنين وإصابة آخر فى حادث انقلاب سيارة بترعة على طريق الكتكاتة بسوهاج    واقعة "ذبح سائق ترسا".. حبس المتهم 15 يومًا على ذمة التحقيقات    مستشار الرئيس للصحة: زيادة متوقعة في نزلات البرد مع بداية الدراسة    من فيينا إلى الإسكندرية.. "ملك السندوتشات" حكاية الخبز الأكثر شعبية فى مصر    عالم أزهري يوضح سبب ذكر سيدنا إبراهيم في التشهد    مواقيت الصلاة اليوم السبت 20سبتمبر2025 في المنيا    على هامش فعاليات مؤتمر ومعرض هواوي كونكت 2025.. وزير الصحة يلتقي مسئولي «ميدبوت» للتعاون في تطوير التكنولوجيا الطبية والجراحة الروبوتية ( صور )    9 كليات بنسبة 100%.. تنسيق شهادة قطر مسار علمي 2025    تحت شعار «عهد علينا حب الوطن».. بدء العام الدراسي الجديد بالمعاهد الأزهرية    موعد صلاة العصر.. ودعاء عند ختم الصلاة    بالصور.. تكريم 15 حافظًا للقرآن الكريم بالبعيرات في الأقصر    المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل تستهدف 12 مليون مواطن    القومي للمرأة ينظم لقاء حول "دور المرأة في حفظ السلام وتعزيز ثقافة التسامح"    مدير مدرسة بكفر الشيخ يوزع أقلام رصاص وعصائر على تلاميذ الصف الأول الابتدائي    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طغيان المجتمع وحرية المعرفة
بقلم‏:‏ د‏.‏ حنا جريس

في مقالي السابق عرضت مجموعة من عناوين لمجموعة من الأعمال الأدبية التراثية التي كتبت وانتشرت في عصر النهضة الإسلامي والممتد من القرن الثالث الهجري‏/‏ الثامن الميلادي وحتي القرن التاسع الهجري‏/‏ الرابع عشر الميلاي‏.‏
وقد كانت هذه الأعمال الابداعية متداولة بحرية وأريحية بين قراء العالم الإسلامي والعربي وربما سامعيه أيضا ممن لا يقرءون عبر الرواة الشفاهيين وعازفي الربابة دون عوائق‏,‏ ودون ما قضايا حسبة أو ملاحقات قضائية أو اتهامات بالفحش وسوء الأدب‏.‏
وكانت هذه الأعمال الإبداعية من الإنتاج الأدبي تمثل وجها واحدا من أوجه التقدم التي ميزت الحضارة العربية الإسلامية في هذه الفترة‏,‏ فقد كانت النهضة الأدبية مصاحبة لنهضة كبيرة شملت العلوم النظرية والتفلسف والتكنولوجيا والعمارة والموسيقي وكل المنتجات الحضارية التي اثرت الحضارة الإنسانية كلها‏.‏
غير أن مدعي حراسة الفضيلة في مجتمعنا في القرن الحادي والعشرين أبوا أن يروا من كل هذا الإنجاز سوي ما صورته لهم خيالاتهم الجنسية المريضة من خدش للحياء وفحش وربما زندقة وإلحاد‏.‏
و بينما جهلوا تماما كل ما أنجزه علماء المسلمين والعرب من إنجازات معرفية‏,‏ فإني أعتقد أنهم لم يدركوا أن مثل هذ الإنجاز الحضاري ما كان له ان يري النور بدون ضمانات الحرية الاجتماعية التي وفرت للمبدع المناخ المناسب للإبداع في كل المجالات‏.‏
والمؤكد عندي أن عصر النهضة قد انتهي علي يد مثل هؤلاء المتزمتين الذين وأدوا الحرية والإبداع ظنا منهم أنهم يدافعون عن الأخلاق القويمة‏.‏ فما الذي يمكن أن يبدعه هؤلاء الذين توقفوا عند شذرات من الكتابات الدينية المتزمتة وبضعة اسطر تم استقطاعها من آلاف الصفحات من الأدب لتصبح جزءا من عريضة دعوي في المحاكم المصرية باعتبارها عبارات فاحشة وخادشة للحياء‏.‏
وأخطر ما يدعيه حراس الفضيلة هؤلاء هو أنهم يقومون بالادعاء علي التراث وناشريه باعتبارهم يعبرون عن رأي الأغلبية وأن لهم مصلحة في الاختصام مع الأشخاص وحجب المعرفة ومراجعة المكتبات العامة والخاصة بحثا عن الرذيلة وربما حرق هذه الكتب والمكتبات حتي يتم لنا الانتصار في كل المعارك التي نهزم فيها كل يوم علي أيديهم‏.‏
حراس الفضيلة هؤلاء يجرون وراءهم جماهير غفيرة ويظنون في أنفسهم الحق‏,‏ ونظن فيهم أبشع صور الطغيان علي الإنسان وحريته وكرامته وحقه في المعرفة‏,‏ وحقه في أن تتيح له السلطات كل ما يمكن اتاحته من معرفة طالما كان إنسانا راشدا وطالما كانت هذه المعرفة إنسانية وتخص الإنسان جسدا ونفسا وروحا‏.‏ بل وحقه في طلب الحماية من مثل هذا النوع من الطغيان‏,‏ طغيان الأغلبية‏.‏
و طغيان الأغلبية مفهوم شائع ومتداول منذ فترة ليست بالقليلة‏,‏ فربما تجد له أصلا عند الفليسوف اليوناني أفلاطون‏,‏ وربما كان المفكر الفرنسي الكبير‏'‏ دي توكفيل‏'‏ هو أول من صاغه بشكل واضح في كتابه المهم ديمقراطية أمريكا الذي طبع عام‏1856.‏
غير أن وصف استبداد الأغلبية بالمفهوم الثقافي جاء في كتاب الفليسوف الإنجليزي والليبرالي الشهير‏'‏ جون ستيوارت ميل‏'‏ في كتابه الأشهر عن الحرية حيث يقرر في أول سطور الكتاب أنه لا يتحدث عما يعرف بحرية الإرادة وهو المفهوم الذي كان شائعا عن الحرية أنذاك‏,‏ وإنما يتحدث عن حرية الفرد في مواجهة طغيان المجتمع‏.‏
وعند ميل للفرد كامل الحرية في أن يفعل ما يريد طالما لم يتسبب في أي أذي للآخرين‏,‏ وطبقا لهذ المفهوم فإن الفرد يحق له ان يعرف ما يريد أن يعرفه وأن يقرأ ما يراه مناسبا له وأن يشاهد ما يعتقد أنه خير ويسمع ما يطلب سماعه والشرط الوحيد هو ألا يفرض اختياراته هذه علي الآخرين‏,‏ ولا يخترق خصوصياتهم بانحيازاته الأخلاقية والاجتماعية‏.‏
غير أن درس التاريخ يعلمنا أن المجتمعات تضع شروطا لعضوية الفرد داخلها‏,‏ وهي تظل شروطا مقيدة إن ضاقت أو اتسعت غير أنها ليست في أغلب الأحوال في صالح الفرد أو المجتمع‏.‏ ففي كل المجتمعات كان المصلحون الأنبياء والعلماء أفرادا مضطهدين من مجتمعاتهم‏.‏ ودرس التاريخ يعلمنا أن ليس كل ما ترتضيه غالبية المجتمع هو خيرا أو أن كل ما ترفضه هو شر‏,‏ بل إن ما يرتضيه مجتمع ما في زمن ما قد يكون مثار اعتراض وخزي في زمن‏.‏
درس التاريخ هذا كان ماثلا أمام المفكرين الاجتماعيين والسياسيين علي مر العصور فكان أن تراكمت مجموعة متكاملة من الخبرات التي تحاول أن توازن بين الحفاظ علي أمن المجتمع و أخلاقياته و ضمان حريات الأفراد‏.‏
ومن هنا جاءت دساتير الدول المتقدمة لتقدم حرية الأفراد علي رغبات الأغلبية وسلطاتها‏,‏ طالما كانت هذه الحرية لا تهدد الأمن العام‏,‏ وتوسعت القوانين والدساتير في تقديم الضمانات تلو الضمانات التي تقوي من حرية الفرد وتقوض طغيان المجتمع لتضمن التقدم والرقي لبلدانهم ومجتمعاتهم‏..‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.