خالد اسماعيل أحد أبرز الروائيين في جيل التسعينيات, بدأ تجربته الادبية بكتابة شعر العامية ودراسة الادب الشعبي قبل ان تقوده موهبته نحو كتابة الرواية والقصة وقد صدر له درب النصاري مجموعة قصصية1997 عن هيئة قصور الثقافة, عقد الحزون رواية1999 عن دار الأحمدي, كحل حجر رواية2001 عن دار ميريت, غرب النيل مجموعة قصصية2002 دار ميريت العبابة السودا رواية2004 دار ميريت أوراق الجارح رواية2006 عن دار الدار للنشر, وورطة الأفندي رواية وققص قصيرة2007 عن الدار26 ابريل رواية2008 عن دار فكرة.ومؤحرا صدرت روايته زهرة البستان عن دار ميريت وفيها يوصل تجربته في رصد تحولات نماذج من مثقفي الطبقة الوسطة الواقعين بين الحقل الصحفي والابداعي, وفي مجمل أعماله لا تغيب النبرة الواقعية ولا الحس الساخر كما يسهل دائما المطابقة بين نماذج معروفة في الواقع والشخوص الروائية التي ابتكرها الكاتب ليتأمل من خلالها ما يجري في مصر ولذا يري خالد اسماعيل أنه كاتب وشاهد لديه دائما ما يريد قوله وهو لا يخجل من الاشارة إلي أعماله باعتبارها أعمالا تقليدية فهو ابن مخلص للحدوته والحكاية الشعبيةفي حواره للأهرام المسائي يؤكد انه ضد ما هو سائد ومتعارف عليه, ليخلق عالمه الروائي المختلف وهنا نص الحوار.... لفت نظر البعض ان عنوان زهرة البستان يشير بوضوح للمقهي الذي يتجمع عليه بعض المثقفين فهل المقهي يستحق ان يكون محورا للرواية؟ علي أولا ان اشرح كيف تحول زهرة البستان لمقهي للمثقفين, فعندما وقعت اتفاقية كامب ديفيد بدأ المثقفون الاسرائيليون بتوافدون علي مصر والجلوس علي المقاهي التي كانت تمتلئ بالمثقفين واختصوا واحدة كانت ذات شهرة عريضة وعندما لمس المثقفون الرافضون للعلاقة مع اسرائيل ذلك قرروا البحث عن مقهي اخر فكانت زهرة البستان هي البديل التي أصبحت رمزا من رموز المقاومة, وقد اخترته مركزا للرواية لأنني مشغول بالمثقف ونظرته لمجتمعه وتحولاته. وكيف تري هذا التحول؟ التحول حدث علي مستويين الأول عالمي, فمنذ التسعينيات تحول مقهي زهرة البستان الي مكان لعقد الصفقات بعد ظهور المراكز الحقوقية, فكل مثقفي اليسار تم تخريبهم باستخدام الأموال وهذا تأثير اقوي في ظل هذا الاختلال الطبقي الفاحش فتحول الكثير منهم إلي مناضلين حقوقيين بعملون علي اجندة أمريكا والاتحاد الأوروبي, وتحول محلي قامت به وزارة الثقافة بعملية استيعاب وتدجين المثقفين, اذ لم يسلم منها مؤتمر ادباء الأقاليم الذي اقامه الأدباء بعيدا عن الحكومة فادخلوه في عباءة الدولة حتي تتم السيطرة علي المثقفين, وقدمت الوزارة اغراءات مالية ووظيفةه, منها الجوائز والمنح التي أصبحت رشوة ومشبوهة, فتحول معها المثقف إلي مرتزق. ومن ثم فالمقهي له دلالة رمزية تضاف إلي الفضاء المكاني الواقعي. وهل الرواية طامحة لرصد حالة تسميها الانهيار الثقافي؟ ليس هذا فقط, فأنا رجل انتمي للشريحة الدنيا من الطبقة الوسطي واعتبر نفسي معنيا بهذه الشريحة والانهيارات التي لحقت بها سياسيا واجتماعيا وثقافيا, والكيفية التي تم بها سلب حقوقهم, وأوضحت هذا في حوار داخل نص الرواية علي مدار تسع صفحات ترصد هذا التحول الذي ادي الي سلب كل مكتسبتها, من الغاء قانون الاصلاح الزراعي وتسريح العمال في برنامج الخصخصة وغيرها من التطورات. لماذا كان عرضك لتحولات التيار السلفي يسير في خط متواز مع ما جري للمثقفين؟ تتحدث الرواية عن لحظة فارقة فمكان مثل زهرة البستان شهد علي تحول الاوضاع بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام1990 وانفراد امريكا بالعالم فالأدب كراصد للحظات التحولية الكبري كان يجب عليه الالتفات لهذه المرحلة التي تم التساهل بها مع هذه الجماعات السلفية وتم انتزاع موافقة من المثقفين علي مساندة الدولة أمامهم فكان يجب علي ان اتعرض لهذا فهذه وظيفة الأدب, فمن الذي سمح لهذه الجماعات باختراق الحياة والمؤسسات بهذا الشكل, وكيف نقف مع الاستبداد في وجه الارهاب الذي هو نتاج لهذا الاستبداد. شعرت أنني غير منعزل عن الواقع فقلت لنفسي أكشف بهذه الرواية ما تعتبره مؤامرة قائمة علي تواطؤ المثقفين مع النظام. ألم تخش من ان تصنف الرواية علي انها مسيسة ومباشرة؟ لا اخجل عندما أقول روايتي مسيسة وهناك أمثله رائدة في هذا النوع بعضها لنجيب محفوظ فأنا اعتبر ثرثرة فوق النيل وأولاد حارتنا, والقاهرة الجديدة اعمالا مسيسة لكن المسألة ترتبط بمدي التصاق الأديب بمجتمعه فكلمة مسيسة أصبحت تهمة, والخطورة الحقيقية تكمن في طغيان السياسة علي الفن وعلي حساب الناحية الجمالية وأمر طبيعي ان تحمل شخصيات الرواية أفكارا واتجاهات مختلفة, فاذا كان بعض النقاد صوروا للأدباء من جيل التسعينيات وما بعده أن الجهل فضيله فأنا لست مسئولا عن ذلك, فالكاتب لابد ان يكون مثقفا ويظهر ذلك في اعماله دون الاخلال بفنيات العمل وان رأي أحد عكس ذلك في النص فليحاسبني لماذا كانت مقارناتك في الرواية منحازة للوسط الثقافي في الاربعينيات والسبعينيات وتجاهلت الوضع الحالي؟ هذان الجيلان كانا يمتلكان مشاريع حقيقية للتغيير وكانت لديهما فكرة جادة عن الحرية والعدل الاجتماعي, اما من جاءوا بعد ذلك فهم ضحايا تمت السيطرة عليهم بالفلوس وبالأفكار المشبوهة. * كان اللعب بالزمن هو الأساس الذي قامت عليها الرواية لماذا لجأت لتلك التقنية؟ بنيت الرواية علي الاسترجاع بجانب تقنية تسمي تيار الوعي, فلا يوجد شيء يسمي بالزمن الخطي, فالزمن في فن الرواية حدثت له طفرة, لم يعد ماضيا وحاضرا ومستقبلا, فاللحظة اصبحت تجمع كل هذا, الرواية تسير بحركة وعي الراوي بشكل دائري, فيدخل المشهد من مستوي زمني لمستوي زمني آخر, ولم أخش من استخدامها لأن مهمتيا هي الاكتشاف, لكن لأن النقد منته في بلادنا ونقادنا ذوو وعي مشوه, وهناك مجموعة من الأكاديميين تستثمر جهل الكتاب والمتلقين أصبح الأدباء تابعين لنقادنا البائسين, الذين هجروا بعض المصطلحات والتقنيات مثل الصدق الفني الذي اصبح مهجورا عن عالمنا الأدبي وهو أن يكون العمل متسقا مع الواقع, فغيب بفعل فاعل, فالنقاد التابعون للغرب فتحوا طريقا ضيقا جدا امام الكتاب, اذ كان من المفترض ان يطور الناقد ادواته لكي يلحق بالكاتب لكن الوضع انعكس وأصبح الأديب يكتب كما يريد الناقد. الحديث عن الصعيد ركيزة اساسية في جميع اعمالك وليس عملك الاخير فقط؟ الصعيد كتب عبر4 كتاب سابقين فقط هم يحيي حقي عندما كتب عن فترة عمله بأسيوط, ثم حدثت فجوة كبيرة ظهر بعدها أديبان من الصعيد هما عبد الوهاب الأسواني ويحيي الطاهر عبد الله وهما ينتميان إلي جيل الستينيات, واخر الستينيات ظهر محمد مستجاب, وأنا جئت في الحلقة الأخير لأقدم منطقة سقطت من تاريخ الأدب والمنطقة التي أتحدث عنها في الصعيد لم يكتب عنها فكل جزء في الصعيد له سمات مختلفة وما شجعني علي هذا قراءتي للاعمال الكاملة ليحيي الطاهر عبدالله ورواية لعبدالوهاب الأسواني أخبار الدراويش, ولكن لم اكتف بنقل الحكايات عن الصعيد ولكن استعرت تقنيات السرد به وهو السرد الشفاهي والكتابة بلغة المكان, فاريد ان اكتب ادبا مصريا صميما شكلا وموضوعا, لاني ابن الوعي الجمعي الذي انتج حكايات ألف ليلة وليلة.