أوقاف السويس تنظم ندوة بعنوان نعمة الماء وحرمة التعدي عليها    الكرملين: روسيا تدعو جميع الأطراف للضغط على كييف لاستئناف المفاوضات مع موسكو    أوكرانيا: إصابة 15 شخصا على الأقل في أحدث هجوم روسي بمسيرات وصواريخ    الرئيس الفنزويلي يدين صمت المجتمع الدولي أمام الإبادة الجماعية في غزة    تقارير: راشفورد يدخل دائرة اهتمامات ليفربول    رسميًا.. ريال مدريد يعلن رحيل فاسكيز    لمدة 14 يوما.. غلق كلي لميدان مدخل الشروق 1 بالقاهرة    كوميديا ودراما اجتماعية.. "ريستارت" يحصد 91 مليون جنيه منذ عرضه    بدء عرض فيلم الشاطر بسينما الشعب في 6 محافظات    لميس الحديدي بعد انتهاء تعاقدها مع المتحدة: فخورة بما قدمت.. وإلى تجربة إعلامية جديدة قريبا    شروط التقديم لمدارس التمريض 2025.. التنسيق وأماكن الدراسة والرابط    منصة جديدة وفرص تدريبية واعدة.. الصحة تعيد رسم خريطة السياحة العلاجية وطب الأسنان    صحة المنيا: الولادة القيصرية خطر يهدد الأمهات.. ودعم الطبيعية محور ندوة علمية موسعة    انطلاق المرحلة 3 من 100 يوم صحة بشمال سيناء.. المحافظ: أولوية قصوى للرعاية الطبية الشاملة    وزير البترول يبحث مع «شلمبرجير» دعم أنشطة الاستكشاف والإنتاج وتعزيز الشراكة التقنية    «الإسكان» تنفذ حملات إزالة لمخالفات بناء وإشغالات بعدد من المدن الجديدة    البورصة المصرية تسجل قمة تاريخية جديدة متجاوزة مستوى 34 ألف نقطة    ضبط 126.9 آلف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 3 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    مصر تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي اللبنانية والسورية    الآثار تطلق حملة ترويج إلكترونية بالسوق العربي لجذب 500 ألف حجز سياحي    خبر في الجول - أيمن أشرف يقترب من الانتقال للجونة    صراع خليجى على نجوم الأهلى    هل يجاور «حكيمى» «صلاح» فى ليفربول؟    "لا تعجبني البالونة الحمرا".. خالد الغندور يثير الجدل: أشياء تافهة    لاعب الزمالك السابق: زيزو كان يحب النادي.. وكيف يفرط الأهلي في قندوسي؟    منافسة عالمية    العلم .. والقدرة    وزير الري يناقش السيناريوهات المختلفة لإدارة المياه في مصر    "رحمة" تلحق بأشقائها الأربعة.. تسلسل زمني لمأساة هزت المنيا    مصرع 3 أشخاص وإصابة 9 فى انقلاب سيارة ميكروباص بطريق قنا - سفاجا    5 مصابين في حريق مخبز بلدي بأسيوط - صور    "فيديو مفبرك".. حيلة سائق لابتزاز شرطي والهروب من مخالفة بالجيزة    تحفيظ وتهذيب وتوعية.. مساجد جنوب سيناء تُحيي رسالتها الروحية    وزير التعليم العالى يترأس اجتماع مجلس إدارة صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ    حكومة غزة: "مؤسسة غزة الإنسانية" أداة استخباراتية خطيرة    ناصر عبد الرحمن يقدم ورشة كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    منير وتامر حسني يحتفلان بطرح "الذوق العالي" بحضور بنات محمد رحيم    صناع مسلسل "فات الميعاد" ضيوف برنامج "هذا الصباح" غدًا على شاشة إكسترا نيوز    دعوة مصرية.. واستجابة صينية    أكاديمية الشرطة تستضيف دورتين تدريبيتين بالتعاون مع الصليب الأحمر    العراق يدشن مشروع مصفاة نينوى بطاقة 70 ألف برميل يوميا    وزير الإسكان يلتقي المدير الإقليمي لمجموعة معارض ومؤتمرات "سيتي سكيب" لبحث التعاون المشترك    تحرير 531 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 787 رخصة خلال 24 ساعة    بعد 12 عامًا.. خلفان مبارك يغادر الجزيرة الإماراتي    موعد المولد النبوي الشريف والإجازات المتبقية في 2025    إنقاذ مصاب من موت محقق بعد تعرضه للدغة أفعى سامة بمستشفى أجا المركزي    «عبد الغفار»: حملة «100 يوم صحة» تقدم خدمات مجانية عالية الجودة    بالتنسيق مع الأزهر.. الأوقاف تعقد 1544 ندوة بشأن الحد من المخالفات المرورية    اعرف حظك اليوم.. وتوقعات الأبراج    قصور الثقافة تواصل برنامج "مصر جميلة" بورش تراثية وفنية في شمال سيناء    انتخابات مجلس الشيوخ 2025 اقتربت وهذا جدول الإجراءات المتبقية    موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث محور ديروط ويوجه بصرف التعويضات ورعاية المصابين.. صور    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا لنعمك شاكرين وبقضائك راضين    سعر الفراخ البيضاء والبلدي وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025    ما حكم اتفاق الزوجين على تأخير الإنجاب؟.. الإفتاء تجيب    انتهك قانون الإعاقة، الحكومة الإسبانية تفتح تحقيقا عاجلا في احتفالية لامين يامال مع الأقزام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريحات باترسون والموقف الأمريكي
نشر في الأهرام المسائي يوم 23 - 03 - 2013

لقد تعلمنا في علم السياسة الدولية عند دراسة أبعاد وخصائص السياسة الخارجية للقوي الكبري, أو الدول الفاعلة في النظام الدولي, وعلي رأسها بالقطع الولايات المتحدة الأمريكية, أن العالم في
علاقاته وسياساته الخارجية يقوم علي تبادل المصالح‏,‏ وأن أمام المصالح يمكن أن تتغير المواقف والصداقات‏,‏ وحتي العداوات‏,‏ كما أن من الخصائص الأخري التي تتسم بها السياسة الخارجية الأمريكية‏,‏ التي عليها إجماع من معظم علماء السياسة الغربيين‏,‏ وحتي الأمريكيين‏,‏ هي السطحية‏,‏ وعدم العمق‏,‏ وذلك في معرض المقارنة بينها وبين السياسة الأوروبية‏,‏ أو الفكر السياسي الغربي‏,‏ وقد كان ذلك محل تعقيب من الكثيرين من علماء السياسة خلال أخطاء السياسة الخارجية الأمريكية التي يعود عائدها ومردودها السلبي بالقطع‏,‏ ليس فقط علي الولايات المتحدة‏,‏ ولكن علي معظم دول العالم‏,‏ كما أن الدور العالمي للسياسة الخارجية الأمريكية‏,‏ باعتبارها الدولة المهيمنة علي العلاقات الدولية التي من خلالها تتدفق هذه العلاقات‏,‏ قد زاد من هيمنتها علي العالم‏,‏ وهو ما جعلها القطب الوحيد‏,‏ والنتيجة المباشرة والمحصلة لذلك هي أنه أصبحت هناك أحادية في التعامل مع الدول‏,‏ أي أن القرارات تأتي من أعلي لأسفل دون أن تكون لها تغذية استرجاعية‏,‏ أي دون أن يكون للدول رأي فيها‏,‏ لذلك ساد التعامل في السياسة الأمريكية النمط الإملائي‏,‏ أي أنها تملي سياساتها علي الدول بدلا من النمط التوفيقي‏,‏ وإن كانت في هذه المرحلة تجمع ما بين النمطين الإملائي والتوفيقي حتي وإن ساد النمط الأولي علي نحو واضح‏.‏
وقد أدي ذلك في النهاية إلي زيادة درجة العداء للسياسة الأمريكية‏,‏ وللنخبة السياسية الأمريكية من قبل العديد من الدول التي طالها شر السياسة الأمريكية الفرضية والقهرية‏,‏ وقد كان توسع السياسة الأمريكية في استخدام العنف في فرض سياساتها علي الدول الأقل في النظام الدولي‏,‏ ولكي ما تجعلها تدور في فلكها‏,‏ أحد الأخطاء والمثالب البارزة في السياسة الأمريكية‏,‏ ورأينا أن معدل الصراعات والعنف في العالم بعد أن انفردت الولايات المتحدة بإدارة العلاقات الدولية قد زاد علي نحو كبير‏,‏ وكما تؤكد الإحصائيات أن منطقة الشرق الأوسط‏,‏ وهي تلك المنفذ الأكثر سخونة وحساسية‏,‏ والتي تعد نقطة لتلاقي المصالح الأمريكية وتشابكها مع العديد من الدول‏,‏ قد استأثرت وحدها بثلث الصراعات والحروب علي مستوي العالم‏,‏ فهي منطقة ساخنة للصراع‏,‏ لذلك فهي تعد أحد مصادر التوتر علي مستوي النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وهناك مؤشر آخر يدل علي مدي فشل السياسة الخارجية الأمريكية‏,‏ وهو زيادة الصراعات علي مستوي العالم‏,‏ وأنه كلما زاد عدد الصراعات زاد فشل السياسة الأمريكية‏,‏ كما أن ارتفاع معدل الصراع والعنف الدموي يعني المزيد من الفشل‏,‏ لذلك لم يكن من الغريب أن يحدث كل ذلك التخبط في المنطقة‏,‏ وتصل إلي ذلك الحد من التشتت والانفصال‏,‏ حتي ولو كان ذلك جزءا من مخطط أمريكي إسرائيلي‏,‏ إلا أن كيفية التنفيذ تعني المزيد من التشويش‏,‏ لذلك فقدت السياسة الأمريكية مصداقيتها‏,‏ وفقدت هيبتها‏,‏ وأن أيا من الرموز الأمريكية‏,‏ أي المسئولين عن السياسة الأمريكية‏,‏ سواء كان أعضاء في الكونجرس عادة ما تكون تصريحاتهم تفتقر إلي العمق‏,‏ وقد تكون متناقضة‏,‏ ومحل تعقيب‏.‏
لقد رأينا الموقف الأمريكي من ثورات الربيع العربي‏,‏ ورأينا أن الدبلوماسية الأمريكية قد شابها اللغط والتناقض‏,‏ إذ أنها في بداية ثورة يناير كانت تؤيد موقف مبارك‏,‏ وتحاول أن تجد مخرجا له‏,‏ ولكن بعد فترة وجيزة كانت تصريحاتها مائعة ولا تحمل أي معني‏,‏ أي أنها قد حاولت أن تكون علي الحياد‏,‏ ولكن بعد أن تأكدت من ضعف موقف مبارك وحكومته‏,‏ بدأت تطالبه بالرحيل‏,‏ وأن عليه أن ينزل علي رغبة الشعب‏,‏ إذ أن رحيله قد أصبح مطلبا شعبيا‏,‏ وأن عليه أن يستجيب لذلك‏,‏ وبعد أن سقط النظام السياسي المصري ورموزه‏,‏ قد هللت ورحبت بالثورة‏,‏ وبدأت تعلق علي الثورة بأنها قد تعد الثورة الأولي من نوعها في التاريخ السياسي المصري من حيث قوتها‏,‏ وكيف أنها قد أزاحت أقوي نظام سياسي في المنطقة‏,‏ وأنها قد وعدت الشباب بأنها سوف تقوم بمساعدة مصر اقتصاديا من أجل إنجاح هذه الثورة واستمرارها‏,‏ لكن الأمر لم يستمر علي ذلك الوضع ورأيناها الآن تري ان هذه الثورة لم تكن مكتملة‏,‏ وأن مستقبل مصر قد أصبح غامضا‏,‏ والأمر مؤسف له‏,‏ والذي عبرت عنه تصريحات باترسون المتقلبة أيضا‏,‏ والتي تؤكد أن المتغطي بالأمريكان عريان علي حد المثل الشعبي الشائع لدينا‏,‏ هي أنها في أثناء الثورة أو في أعقابها مباشرة كانت هناك العديد من اللقاءات من المسئولين الأمريكيين مع شباب الثورة والقوي والتيارات السياسية وقتذاك‏,‏ وعلي رأسهم بالقطع تيار الإخوان المسلمين‏,‏ وقد قرأنا وسمعنا كلنا عن لقاءات مسئولة أمريكية مع القيادات الإخوانية‏,‏ وأنها كانت تري فيهم أنهم لديهم القدرة علي قيادة مصر في المرحلة المقبلة‏,‏ أي بعد الثورة‏,‏ وأيضا القدرة علي إحداث التحول الديمقراطي‏,‏ وأنهم يمكنهم تحريك حالة الركود الاقتصادي‏,‏ وأن الإخوان متمسكون بخيار السلام معاهدة كامب ديفيد‏,‏ وهو ما يهم أمريكا‏,‏ ولكن قالت عنهم باترسون في تصريحاتها لبعض النشطاء السياسيين‏:‏ إن الإخوان محدودو الفكر‏,‏ وإن الوضع الاقتصادي في مصر منهار‏,‏ وإن الصورة بالنسبة للوضع الاقتصادي قاتمة‏,‏ وأن الولايات المتحدة لم تكن تتوقع الأداء المتواضع‏,‏ وعدم الخبرة لجماعة الإخوان المسلمين في إدارة شئون البلاد‏,‏ وأن الاقتصاد المصري ينتقل من سيئ لأسوأ‏,‏ وأن شعبية الإخوان قد تراجعت في الشارع المصري في مقابل ارتفاع واضح لشعبية السلفيين الذين تتحفظ علي آرائهم وأفكارهم السياسية‏,‏ كما أن المعارضة في مصر مفككة وليس لها قائد برغم الدور الذي لعبه الدكتور البرادعي قبل ثورة يناير‏,‏ ولكنه لا يحظي بتأييد واسع في أوساط الشعب المصري‏.‏
وخلاصة هذه الأوضاع لديها هي سقوط الدولة المصرية‏,‏ ذلك ما قالته باترسون ورصدته‏,‏ وهو أيضا ينم عن تغير المواقف الأمريكية‏,‏ وأن دور أمريكا هو دور المتفرج وليس الحليف أو الشريك الذي يمكن أن يوثق فيه من قريب أو بعيد‏,‏ وقد يكون قولها بأن الإدارة الأمريكية لم تكن تتوقع ذلك الأداء الضعيف للإخوان‏,‏ أحد المؤشرات المهمة علي سطحية السياسة الخارجية الأمريكية وفشلها‏,‏ وأنها سياسة قصيرة المدي‏,‏ أو تأتي في إطار دائرة الرد فعل وليس ثوابت ومحددات‏,‏ كما قالت باترسون عن أداء الإخوان إنه يتناقض تماما مع ما كان يصرح به من قبل ذلك بعدة أشهر‏,‏ كما أن باترسون قد تحدثت عن الأزمة الاقتصادية‏,‏ والوضع الاقتصادي المنهار‏,‏ لكنها لم تتحدث عن الدور الأمريكي في هذه الأزمة‏,‏ وما هي جهودها لدعم الاقتصاد المصري‏,‏ ولكي ما تزيد من قوة أداء حكومة الإخوان‏,‏ وفي الوقت نفسه فرص نجاحها التي من المؤكد أنها كانت سوف تعتبر نجاح السياسية الأمريكية‏,‏ ولكن تلك هي أمريكا‏,‏ وسواء كان من في السلطة ينتمون للإخوان أو من الليبراليين‏,‏ فإنها لن تتغير‏,‏ وأن الأداء لأي حكومة يتوقف علي مجموعة من المقومات والظروف الداخلية والخارجية‏,‏ وليس علي تأييد الولايات المتحدة من عدمه أو تصريحات باترسون وغيرها التي تشبه الطقس المتقلب‏.‏
دكتوراه في العلوم السياسي
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.