لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم( التوبة:128) التفسير( الوسيط لسيد طنطاوي): لقد جاءكم يا معشر العرب رسول كريم من أنفسكم أي: جنسكم, ومن نسبكم, فهو عربي مثلكم, فمن الواجب عليكم أن تؤمنوا به وتطيعوه, فالمقصود من هذه الجملة الكريمة ترغيب العرب في الإيمان بالنبي صلي الله عليه وسلم وفي طاعته وتأييده, فإن شرفهم قد تم بشرفه, وعزهم بعزه, وفخرهم بفخره, وهم في الوقت نفسه قد شهدوا له في صباه بالصدق والأمانة والعفاف وطهارة النسب, والأخلاق الحميدة. قال القرطبي: قوله من أنفسكم يقتضي مدحا لنسب النبي صلي الله عليه وسلم وأنه من صميم العرب وخالصها, وفي صحيح مسلم: عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:إن الله اصطفي كنانة من ولد اسماعيل, واصطفي قريشا من كنانة, واصطفي من قريش بني هاشم, واصطفاني من بني هاشم وعنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: إني من نكاح ولست من سفاح. وقال الزجاج الخطاب في الآية الكريمة لجميع البشر, لعموم بثعته صلي الله عليه وسلم ومعني كونه من أنفسكم إنه من جنس البشر. ويبدو لنا أن الرأي الأول أرجح, لآن الآية الكريمة ليست مسوقة لإثبات رسالته صلي الله عليه وسلم وعمومها, ورنما هي مسوقة لبيان منته وفضله سبحانه علي العرب, حيث أرسل خاتم أنبيائه منهم, فمن الواجب عليهم أن يؤمنوا به, لأنه ليس غريبا عنهم, وإذا لم يؤمنوا به تكون الحجة عليهم ألزم, والعقوبة لهم أعظم. وقوله: عزيز عليه ما عنتم أي: شديد وشاق عليه عنتكم ومشقتكم, لكونه بعضا منكم, فهو يخاف عليكم سوء العاقبة, والوقوع في العذاب. وقوله: حريص عليكم أي: حريص علي إيمانكم وهدايتكم وعزتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة والحرص علي الشيء معناه: شدة الرغبة في الحصول عليه وحفظه. قوله:بالمؤمنين رءوف رحيمأي: شديد الرأفة والرحمة بكم أيها المؤمنون والرأفة عبارة عن السعي في إزالة الضرر والرحمة عبارة عن السعي في إيصال النفع, فهو صلي الله عليه وسلم يسعي بشدة في إيصال الخير والنفع للمؤمنين, وفي إزالة كل مكروه عنهم. قال بعضهم: لم يجمع الله تعالي لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلي الله عليه وسلم فإنه قالبالمؤمنين رءوف رحيم وقال عن ذاته سبحانه إن الله بالناس لرءوف رحيم. رابط دائم :