فيما يتنعم أثرياء العالم بالسياحة في بلاد الله شرقا وغربا, ينفقون أموالهم علي الملذات وماطاب من المأكل والمشرب وفاخر الثياب خلال تنقلهم بين العواصم بالطائرات والسيارات الفارهة, مع الإقامة في فنادق أشبه بالقصور , بينما لا تفوت متوسطي الحال فرصة الاستمتاع برحلات السفاري وارتياد أماكن التنزه الأقل سعرا, لا نجد علي نشرات الأخبار وصفحات الجرائد إلا أخبار القتل والإبادة والحروب الأهلية والفتن الطائفية وبحار الدماء والصراعات الدولية والإقليمية والمجازرالوحشية. قتلي بالآلاف كل يوم في كل البؤر الملتهبة من ميانمار وباكستان وأفغانستان وإندونيسيا شرقا, والعراق وسوريا ولبنان واليمن ومصروليبيا والأراضي الفلسطينية المحتلة في الشرق الأوسط, ومالي ونيجيريا غربا, إضافة إلي ما يجري من جرائم قتل معتادة في دول الأمريكتين لأسباب واهية أحيانا وبدون أسباب في أحيان أخري. وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤء لا تركز إلا علي أخبار الكوارث.. منتهي الكآبة. ماذا لو تغيرالوضع وتجاهلت وسائل الإعلام هذه الأحداث المؤلمة؟ لن يقبل القراء ولا المشاهدون والمستمعون علي متابعتها.. لماذا؟ لأنه من غير المقبول الكتابة وتسليط الأضواء علي الحياة المخملية الوثيرة للأثرياء وفيها مادة خصبة جدا للكتابة والمتابعة وتجاهل المآسي التي تقع كل لحظة في أركان الكرة الأرضية. نسبة كبيرة من البشر اعتزلت قراءة الصحف ومتابعة نشرات الأخبار علي الفضائيات بعد تشبعها بالنكد وعدم قدرتها علي تلقي المزيد من أخبار الحروب والكوارث والمآسي والحوادث. نسبة أخري تتلقي تلك الأخبار باهتمام شديد وتتطلع لمعرفة كل التفاصيل يوما بيوم ولحظة بلحظة ولا تتصور أن يفوتها شاردة أو واردة مما يقع من أحداث علي المستوي المحلي والإقليمي والعالمي وهي النسبة التي تخاطبها وسائل الإعلام. النتيجة أن الميديا بأنواعها أصبحت متهمة بإشاعة حالة من النكد والكآبة والحزن رغم قدرتها علي تسليط الضوء علي الجانب الأكثر تسلية وإمتاعا. الصحفيون أنفسهم يملون الحديث اليومي عن الدماء والجريمة ويصل الأمر ببعضهم إلي الذهاب إلي العيادات النفسية للخروج من حالة الاكتئاب التي تصيبهم جراء المتابعة اليومية لما يجري من أحداث مؤسفة بحكم عملهم, نحن لا نصنع الأخبار ولكننا نتابعها فقط وننقلها لمن يريد, ولهذا نشأت الحاجة لوضع أبواب التسلية في الصحف كالكلمات المتقاطعة والسودوكو والمسابقات الثقافية لتخفيف جرعة الغم علي القراء. لا الجريمة ستختفي من العالم, ولن تتوقف وسائل الإعلام عن متابعتها للمهتمين والمتخصصين والدارسين.. فليسامحنا القراء. رابط دائم :