إن وثيقة الأزهر ينبغي أن تكون معيارا جوهريا من معايير الحوار لانها تعبر عن مختلف الطوائف ولا بديل عن الحوار من أجل مصر بين طرفي السلطة والمعارضة عندما شاهدت عبر وسائل الاعلام مدرعة شرطة ملكا للشعب المصري تحترق أمام الفنادق السياحية المطلة علي نيل مصر, تذكرت كلمات رائعة تغنت بها السيدة أم كلثوم: طوف في جنة ربنا في بلادنا واتفرج وشوف, وابتسامة شمسنا أجمل تحية للضيوف, والنسيم يرقص بموج النيل علي الناي والدفوف.... والسواقي إلي ما نامت ليلة من كام ألف عام, شوف جمال الريف وآمن بالمحبة والسلام,... شوف آثار أجيال ملوا الدنيا حضارة وابتكار, علموا قلب الحجر يوصف معارك الانتصار, حقا من يخرب في مصر لا يعرف قيمة مصر. إن تشخيص المشكلة يتلخص في الدعوة إلي مليونيات أسبوعية مختلفة الأسماء وفقا للأحداث, وتنتهي غالبا بمشاهد نراها ويراها العالم كله عبر وسائل الإعلام من رشق قوات الشرطة بالحجارة من قبل صبية صغار, ومحاولة التعدي علي المنشآت العامة ناهيك عن الحرائق والإصابات, وفقد مصريين من خيرة شباب وجنود وضباط مصر. إن أحد الحلول والمبادرات التي أدانت العنف هي وثيقة الأزهر التي شاركت فيها معظم الأحزاب السياسية وبعض الشخصيات الشبابية, وبحضور ممثلين عن الكنائس المصرية, وقد تبنت الوثيقة نبذ العنف بالاضافة إلي فتح حوار حول الأزمة السياسية الراهنة, وفق تشكيل لجنة تمثل كل الأحزاب ويغلب عليها الطابع التوافقي, ومرت الأيام ولم نسمع شيئا عن هذه المبادرة التي تمثل في تصوري أهم المبادرات لثقة وتأييد شعب مصر في كل ما يصدر عن أزهره الشريف. إن وثيقة الأزهر ينبغي أن تكون معيارا جوهريا من معايير الحوار لانها تعبر عن مختلف الطوائف ولا بديل عن الحوار من أجل مصر بين طرفي السلطة والمعارضة, وأجزم بأن الطرفين يحبان هذا البلد العريق مصر, ومن هذا المنطلق لابد من التنازلات من كلا الطرفين, فلسنا في مفاوضات دولية من أجل استرداد أرض ولكننا علي أرض واحدة, وهنا لابد أن يتذكر الطرفان انه في حروب مصر ضد العدو الخارجي, أستشهد رجال, واختلطت آنذاك دماء المسلم والمسيحي, السلفي والليبرالي, الإخواني والناصري ولم يستطع أحد أن يفرق بين دمائهم, فعلي المعارضة أن تنقد نقدا بناء, بأن تتقدم بحلول للقضايا المطروحة علي الساحة وعلي السلطة أن تدعو رسميا المعارضة للحوار, وفق أجندة وجدول أعمال تتناول فيه القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة المتعلقة بالقرارات التي أدت إلي انشقاق الصف الداخلي للمصريين بدلا من التحول الديمقراطي. إن أجندة الحوار بين طرفي السلطة والمعارضة في حضور الأزهر وممثلي الكنيسة لابد أن تتناول القضايا التالية: أولا الاقتصاد المصري: إن الجماهير الشعبية العريضة من الطبقة المتوسطة لم تحس بالتغيير الملموس علي أرض الواقع سواء في الأسعار, أو رفع الأجور, ولابد أن نتذكر أنه حين أشيع إن مصر علي وشك الافلاس أثناء ارتفاع الدولار وحدث تخوف من المصريين علي مدخراتهم, وجدنا شخصيات وأساتذة جامعات وخبراء في الاقتصاد يبادرون بأنفسهم في مناقشة القضية, وتقديم حلول دون أن يطلب منهم من قبل الحكومة, وهنا سؤال يطرح نفسه لماذا لم يستفد من هذه الشخصيات التكنوقراط في دائرة الحوار المتعلقة بالجانب الاقتصادي؟ ولماذا لا يستعان ببعض رجال الأعمال الشرفاء وكفانا حديثا عن انتمائهم للنظام السابق فليس كل من كان يعمل في السابق سواء كان مستثمرا أو تكنوقراطا أو خبيرا أو أستاذا جامعيا فاسدا, وفي هذا الصدد لابد أن نتذكر باراك أوباما قبل تنصيبه توجه إلي الكونجرس لأداء اليمين الدستورية وفي خطاب التنصيب أكد ضرورة تقديمه تنازلات سياسية في إشارة إلي المعارك المثيرة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري المعارض للحزب الديمقراطي( الذي ينتمي إليه أوباما), وأشار إلي الاستفادة بالمعارضة والمتخصصين في الاقتصاد أيا كانت انتماءاتهم بخصوص الهاوية المالية ورفع سقف الدين الأمريكي, فنحن بحاجة إلي الاستقرار السياسي الذي سيؤدي الاستقرار الاقتصادي. ثانيا المواد الخلافية في الدستور: إن الدستور أبو القوانين واللوائح والاجراءات التنفيذية, خاصة القرارات التي تحدد مصير المجتمع والأجيال, سياسيا أو اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتمنح المادتان(217),(218) من الدستور الجديد الحق لخمسة أعضاء من البرلمان بتقديم طلب تعديل بعض المواد الدستورية ولذلك تحدد المواد الخلافية في الدستور والتي أري كباحثة انها تمثل نسبة30% من إجمالي مواد الدستور, واقترح أن تجمد هذه المواد, وتأجيل إصدار تشريعات مرتبطة بها, لحين انتخاب البرلمان وتعديل هذه المواد, من خلال تشكيل لجنة قانونية مستقلة من أقدم عشرة أساتذة للقانون الدستوري في جامعات مصر للنظر في تعديلها. وللحديث بقية