من يتابع تحركات القوي السياسية خلال الساعات الماضية للتوافق حول أجندة ما يسمي بالحوار الوطني, سوف يكتشف دون عناء في التحليل, أو مشقة في الرصد, أن مواقف كل المتحاورين تنطلق من حسابات انتخابية وحزبية ضيقة, ولا تعبر عن المصالح العليا للوطن الذي بات في أزمة خطيرة تكاد تسقط بالدولة, وقد بدا من الاجتماعات التي عقدت, سواء بين الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة والدكتور السيد البدوي رئيس حزب الوفد, والدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور, أو بين أيمن نور رئيس حزب غد الثورة وعمرو موسي رئيس حزب المؤتمر, أن هناك أزمة ثقة واضحة بين الإخوان والمعارضة, وعدم اتفاق, بل عدم وجود رؤية واضحة لأولويات العمل الوطني, وبدا أن تشكيل حكومة جديدة هو الحل الأساسي للأزمة السياسية للبلاد, برغم أنه قد يكون خطوة ضمن خطوات أخري يجب اتخاذها, حتي أن هذا الحل لم يتم التوافق عليه, حيث تري المعارضة أن استمرار الحكومة حتي إجراء الانتخابات يعني تزويرها لصالح الإخوان, ويغذي هذه الهواجس الإصرار الشديد من الإخوان علي عدم تغيير الحكومة برغم اعتراف أعضاء الحرية والعدالة بفشلها في حل مشاكل المواطنين, وإخفاقها في مواجهة العديد من الأزمات. ولعل تصاعد نبرة الخطاب الإعلامي بين الإخوان والسلفيين في الآونة الأخيرة, يكشف أيضا عن سباق مبكر بين الطرفين علي الانتخابات, ومحاولة كل طرف استقطاب الرأي العام, وأظن أن مبادرة حزب النور التي تدعو إلي تشكيل حكومة إنقاذ جديدة لن تري النور, بسبب الحسابات الانتخابية, ولا أعتقد أن الإخوان سوف تمنح السلفيين فرصة القيام بأي عمل سياسي قومي قد يحقق لها مكاسب سياسية قبل الانتخابات المقبلة. في المقابل, انجرفت جبهة الانقاذ الي نفس اللعبة, حينما لوحت أمس الأول بورقة مقاطعة الانتخابات, وتجاهلت العديد من الاستحقاقات الوطنية التي يتعين اتخاذها. إذن نحن أمام مشهد عبثي, يضع كل القوي الوطنية في موضع اتهام أمام الشعب, الذي بات يكفر بالحرية والديمقراطية, وأصبح فاقد الثقة بكل هؤلاء الذين يبحثون عن مغانم ومصالح حزبية ضيقة بينما القضايا الأهم للشعب غابت من أجندة العمل الوطني. لك الله يا مصر!