مازلت مشغولا بفضيحة لحوم الخيول التي أزعجت الأوروبيين علي مستوي دول الاتحاد, ليس من منطلق خوفي من تناول منتجات لحوم أوروبية مشكوك في أمرها.. بل من منطلق حسدي للمستهلك الأوروبي الذي يجد من يهتم بالدفاع عن صحته ويتصدي لمعدومي الضمائر من تجار الموت والمرض الذين يخلطون الرخيص بالغالي والضار بالمفيد لتحقيق مكاسب رخيصة علي حساب المواطنين, ومن يحرص علي أن تكون وجباته خالية من أي غش بأي صورة من الصور. وأعود مرة أخري للتساءل بيني وبين نفسي عن مدي اهتمام المسئولين في وزارات الصحة والزراعة والتموين وكل ما يتعلق بالمنتجات الغذائية في مصر بمستوي ما يقدم لنا من خبزوفواكه وخضراوات ولحوم طازجة ومصنعة وزيوت وغيرها. وبعيدا عن المسامير وأعقاب السجائر والحصي والحشرات التي تتوفر في رغيف الخبز المدعوم, وعن الهرمونات التي غيرت طعم الفواكه والخضراوات وطالت الدواجن واللحوم الحمراء وأسماك المزارع, توقفت مرات عديدة أمام طبق تقدمه محلات الكشري في عموم مصروهو طاجن المكرونة باللحم المفروم. الطاجن يقدم بسعر يبدأ من3 جنيهات ولا يزيد علي5 جنيهات, ويتكون من مكرونة وصلصة وقليل من اللحم المفروم والبصل! السؤال هنا.. كم تكلفة الطاجن الذي يفترض أنه يحقق مكسبا للمحل الذي يقدمه؟ وما نوع اللحم الذي يحتويه؟ علما بأن كيلو اللحم البلدي وصل إلي65 جنيها, واللحوم المستوردة والمجمدة لا يقل سعر الكيلو منها علي أفضل الأحوال عن28 جنيها. هل سأل أحد من المسئولين نفسه عن طبيعة اللحم الموجود في طاجن المكرونة ؟ أتصور أن الإجابة بالنفي, وإلا لوجب التحقيق الفوري في الأمر. حسدي للمستهلك الأوروبي وحده هو الذي دفعني لمناقشة الموضوع, فهو منزعج من خلط لحم الخيول باللحوم البقرية.. في الوقت الذي يستهلك المصريون أطنانا من اللحوم المفرومة في طواجن المكرونة لا يعلمون علي وجه اليقين كنهها ولا من أي مسلخ خرجت, وما إذا كانت لحوما حية أم نافقة, بلدية أو مستوردة من دون أي انزعاج. المصريون يهضمون الزلط.. مقولة نكررها بسخرية لدي الكشف عن فضائح غذائية أخطر كثيرا من فضيحة لحوم الخيل التي أقامت الدنيا ولم تقعدها في أوروبا, إضافة إلي أن معدة المصريين لم تعد قادرة علي الهضم وأصابتها أمراض الدنيا. فهل ننتبه كمستهلكين لما نتناوله حرصا علي صحتنا أم ننتظر صحوة لم تحدث حتي الآن لمسئولينا؟ طاجن المكرونة مجرد مثال لما يتربص بمعدة المصريين.. فهل من وقفة؟