حالة من القلق تسود الحكومات الأوروبية بعد أن اتسع نطاق «فضيحة لحم الخيل» لتشمل على الأقل خمس دول أوروبية حتى الآن- بريطانيا وأيرلندا وفرنساوالسويد ورومانيا- مما يثير التساؤلات بشأن كفاءة هيئات سلامة الغذاء والهيئات الرقابية فى أنحاء الاتحاد الأوروبى، وقد يؤدى إلى فقدان المستهلكين الأوروبيين للثقة فى كل منتجات اللحوم المطروحة بالأسواق. وتفاقمت الفضيحة بعد أن أعلنت مجموعة «فندوس» السويدية للحوم المجمدة عبر فرعها فى فرنسا أنها ستتقدم بشكوى ضد مجهول إثر العثور على نسبة كبيرة من لحم الخيل فى منتجاتها التى يفترض أنها تحتوى على لحم البقر فقط.كما أعلنت شركة «سبانجيرو» لاستيراد اللحوم فى جنوب غرب فرنسا التقدم أيضا بشكوى أمام القضاء ضد مزودها الرومانى، وذلك بعد أن صرحت شركة «كوميجل» المتخصصة فى صنع الوجبات المجمدة ومقرها لوكسمبورج والتى تورد لشركة «فندوس» وغيرها من الشركات فى 16 دولة أوروبية أخرى بأن اللحم موضع الشكوى يأتى من رومانيا عبر شركة «سبانجيرو». وفى أعقاب ذلك، أعلنت إدارة مكافحة الاحتيال التابعة لوزارة الاقتصاد فى فرنسا عن بدء التحقيق لتحديد مصدر الغش، وتم سحب منتجات «فندوس» وغيرها من شركات التوزيع من مخازن ستة محلات تجارية وغذائية كبرى. كما تم سحب منتجات «فندوس» من الأسواق فى السويد، وكذلك بريطانيا بعد أن أثبتت الفحوص الحديثة لسلطات الرقابة على الأغذية أن عبوات كتب عليها لازانيا بلحم البقر تنتجها فندوس تحوى نسبة تصل إلى 100% من لحم الخيول. من جانبها، أعلنت وزارة الزراعة الرومانية أنها تجرى تحقيقا فى القضية فى الوقت الذى أكد فيه منتجو اللحوم فى رومانيا أن المسئولية تقع على عاتق المستورد الفرنسى خاصة أن سبانجيرو تشترى اللحم المجمد من وكيل قبرصى، وهذا الوكيل فى قبرص لديه وكيل فى هولندا، وهذا الأخير يتزود بها من مسلخ ومشغل للتقطيع موجودين فى رومانيا. وقال رئيس نقابة صناعات الأغذية فى رومانيا دراجوس فروموسو، إنه يصعب عليه تصديق أن مسلخا رومانيا تمكن من تسليم لحم خيل بدلا من لحم بقر لأن عمليات الرقابة تتم بصورة منهجية فى المسالخ. ورأى أنه إذا ما حصل ذلك فإن المسئولية تقع على عاتق المستورد الفرنسى لأنه عليه التحقق من نوعية اللحوم أثناء استلامها، مشيرا إلى أنه إذا لاحظ أنه يتسلم لحم خيل لا لحم بقر ولم يتقدم باحتجاج أثناء الاستلام فهذا يعنى أنه إما متواطئ مع المنتج الرومانى وإما أنه غيّر العلامة التجارية لاحقا. والمعروف أن رومانيا تنتج كميات كبيرة من لحوم الخيل والتى انخفضت أسعارها فى البلد الأوروبى الشرقى فى الآونة الأخيرة. وفى بريطانيا، تتخذ القضية بعدا أكثر حدة، إذ يعتبر تناول لحم الخيل من المحظورات، وقد طالبت آن ماكينتوش، رئيسة اللجنة البرلمانية المكلفة بشئون الغذاء، تعليق واردات اللحوم القادمة من الاتحاد الأوروبى. ونظرا لاستيرادها كميات من اللحوم من بريطانيا، شددت سلطات حماية المستهلك والرقابة على المنتجات فى غرب ألمانيا رقابتها على منتجات اللحوم. وأثيرت القضية فى منتصف يناير الماضى، عندما عثرت السلطات الأيرلندية على لحم خيل فى لحم مفروم منتج فى بريطانيا وأيرلندا وتم تسويقه فى هاتين الدولتين على أنه لحم بقرى. وبدأت بريطانيا التحقيقات مع موردين خلال الأسابيع الأخيرة بعد الكشف عن أن بعض لحوم الأبقار التى تباع لشركات من بينها تسكو- أكبر سلسلة سوبر ماركت فى بريطانيا- وسلسلة مطاعم برجر كينج للوجبات السريعة تتضمن لحوم خيل. وقال وزير البيئة البريطانى أوين باترسون إن الأدلة تشير حتى الآن إلى أن هذه القضية إما أنها نشاط إجرامى وإما إهمال كبير، مستبعدا فى الوقت ذاته أن تكون المنتجات غير آمنة. وفى أوروبا، على عكس الدول الإسلامية، لا تكمن المشكلة فى استهلاك لحوم الخيل حيث إنها قابلة للاستهلاك الآدمى لكن الخطر يكمن فى أن الخيول تتناول عقار الفنيلبوتازون المضاد للالتهابات التى تصاب بها الخيول والحيوانات التى تعالج بهذا العقار لا يسمح لها بدخول السلسلة الغذائية للإنسان. وبصرف النظر عن مسألة احتواء لحوم الخيل المستخدمة على عقار الفنيلبوتازون فإن القضية لا تتعلق بالصحة العامة وسلامة الغذاء بقدر ما تتخذ بعدا سياسيا يتعلق بهشاشة هيئات الرقابة الصحية الأوروبية، وقد تعرضت وكالة المعايير الغذائية البريطانية لانتقادات بعد اعترافها بأنها لا تجرى اختبارات للحم الخيل على الأطعمة المباعة فى بريطانيا بذريعة أن المنتجات الغذائية التى تحتوى على لحم الخيل لا تشكل خطرا على الصحة العامة، مما أثار القلق لدى المواطن البريطانى بشأن ماهية وجبات اللحوم الأرخص ثمنا التى تقدم فى المدارس والمستشفيات والسجون البريطانية.