ارتمت الزوجة علي وجهها فوق مخدعها تبكي بحرقة وهي تنتفض من الحزن بعد سماعها ما نال من كرامتها هي وذويها من زوجها بمجرد مناقشتها له في زيادة مصروف البيت, وكلما هدأ بكاءها حاصرتها الذكريات وسمعت سباب الزوج الخشن في أذنيها من جديد عاودها الألم واليأس ولم تستطع السيطرة علي الدموع المنهمرة علي وجنتيها. وحاولت المسكينة الدفاع عن نفسها ورفعت يديها تصد ما ينهال عليها من الركلات والسباب واصطدمت يديها بذراعين قوتان ففتحت عينيها وفوجئت بالزوج يصرخ وصوته واضحا بسبابه المعتاد ويوبخها لائما كيف تنام وتتركه دون عشاء. هكذا كان حال نادية22 سنة ربة منزل بنت منطقة عرب الحصار القبلية بالجيزة, والتي اعتقدت أن كدرها والعذاب الذي تعيشه مع حسن ذو الثلاثة والثلاثين سنة مبيض المحارة سينتهي بعد أول شجار ينشب بينهما في الأسبوع الأول لزواجهما, ولكنها كانت واهمة. فضيحة وحديث دائم للجيران معارك والعلقة الساخنة يوميا التي تكون من نصيب نادية كلما فتحت فمها في أي شأن ثورة عارمة هي الرد الدائم المنتهي باللكمات والصفع ممن ضلت الرحمة الطريق إليه, محمد الطالب في السنة النهائية بإحدي كليات الأزهر الشريف هو الشقيق الوحيد والأب والأم والعائلة في آن واحد للمسكينة نادية والتي امتنعت في بدايات المعارك واللطمات من ذكر ما تواجهه حتي لا تفضح أو يشتبك أخوها الطالب مع عائلة زوجها, ولكن أثر ما يسقط يتركه الزوج القاسي فضح المكتوم. وبدأ محمد يواجه حسن باللين مرة وبالزجر مرات, ولكن حسن كان قد أغلق أذنيه للأبد وامتنع عن تنفيذ وعوده بعدم الاعتداء علي الزوجة. عام كامل ذاقت فيه نادية عذابا لا يوصف حتي وصل الأمر إلي قسمها بأغلظ الأيمان بعد آخر مصالحة بينهما بحضور محمد أنها لن تمكث بالبيت إذا ضربت مرة أخري. ولكن القدر كان له رأي آخر, وفي المساء الموعود عاد الزوج التعس إلي إطلاق العنان لركلاته ولكماته والصفعات التي لا تنتهي بمجرد أن شعر أن نادية صوتها مرتفعا وهي تحادثه, بلعت نادية دماءها في فمها وتحسست الزرقة في عينيها المتورمة, وجنبيها وأخذت تعد الساعات حتي أشرق الصباح وخرج الزوج إلي عمله كالمعتاد, لم تشعر نادية بقدميها وهي تحملها حملا وكأنها تجري حتي وصلت إلي محمد توقظه من النوم تلوذ به وهي تقسم أنها لن تعود إلي القلب الحجري, جن جنون محمد وكاد يبكي حزنا علي ما وصلت إليه شقيقته, اتجه في هدوء وصدره ينتفض من الغضب وسحب مسدس خرطوش ملك صديقه من أسفل الوسادة ودسه في طيات ملابسه وقبل رأس أخته وأوصاها أن ترتاح في منزله حتي يعود, صرخت الأخت المسكينة وقفزت تقبل يد أخيها وتوصيه أن لا يتعرض لأحد حتي لا تعيش وحيدة ونبهته أنه عندها أهم من أي شيء في الدنيا, واتجه في سرعة إلي منزل شقيقته, لم يطل الأمر ولم يزد عن دقائق ولم يسمع حسن كلاما كثيرا من محمد الذي كان قد اتخذ قرارا لإنهاء عذاب شقيقته بإطلاق الرصاصات ليتردي حسن مضرجا في دمائه ساقطا علي الأرض ولاذ بالفرار. وكان اللواء حسين القاضي حكمدار الجيزة القائم بأعمال مدير الأمن قد تلقي إخطارا من اللواء محمود فاروق مدير المباحث بورود بلاغ للعميد محمود شوقي مأمور قسم الصف, بقيام محمد عبد القادر22 سنة طالب بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر, والمقيم بقرية عرب الحصار القبلية بإطلاق النار علي زوج شقيقته حسن جابر سليم33 سنة مبيض محارة ومقيم بذات القرية مما أدي إلي إصابته في صدره ووفاته في الحال فانتقل إلي مكان الحادث وتم القبض علي المتهم والتحفظ علي السلاح المستخدم وتم تحرير محضر بالواقعة وإحالته إلي النيابة.