كان مولده عليه الصلاة والسلام قبل لحظات من اشراق نجمة صباح يوم الاثنين لاثني عشرة ليلة خلت من ربيع الأول حيث أطفئت في الليلة الخالدة بمولده نيران زرادشت المقدسة التي ظلت تشتعل دون توقف لالاف السنين, وعام الفيل هو العام الذي اجمع أكثر المؤرخين علي أنه مولده صلي الله عليه وسلم حيث وجود خلاف بين المؤرخين حوله. ورغم أن هذا التاريخ يوافق التاسع والعشرين من أغسطس سنة570 ميلادية غير أن هناك خلافا أيضا علي الشهر والسنة فيقول المؤرخ واشنطون ايرفينج(18591783) ان محمدا ولد في شهر ابريل عام569 ميلادية. ولد الرسول الكريم يتيم الأب وتولي رعايته جده عبد المطلب وكان سادن الكعبة أي المسئول عنها وكانت مكانا مقدسا عند العرب يحجون اليه ولا يتولي هذا المنصب عندهم سوي القبائل والأسر الشريفة, وكانت سدانة الكعبة تجعل القائم بها صاحب الأمر المطاع في مكة كلها, وقد جاءه نبأ ميلاد الطفل وهو في عمله ففرح فرحا عظيما وهرع الي الدار وحمل الوليد الي الكعبة وهناك سماه محمدا ولم يكن من أسماء العرب المتداولة وان كان معروفا, وفي اليوم السابع لمولده عليه الصلاة والسلام أمر جده بذبائح ودعا رجالا من العشيرة فجاءوا وأكلوا وسألوه عن سبب تسمية حفيده محمدا قال أردت أن يكون محمودا في السماء لله وفي الأرض لخلق الله. وكان من عادة أشراف العرب أن ترضع أطفالهم المراضع فرضع الوليد محمدا في البداية من ثوببة جارية عمه أبي لهب, ثم تسلمته حليمة بنت أبي ذؤيب من قبيلة بني سعد ولهذا أطلق عليها حليمة السعدية التي نالت هذا الشرف من بين نساء من بني سعد يضرب لونهن الي السمرة حضرن الي مكة يلتمسن الأطفال عند الأشراف. أقام محمد عليه الصلاة والسلام في الصحراء سنتين ترضعه حليمة السعدية وبعدها ذهبت به الي أمه, ولكن الأسرة اتفقت علي أن يعود مرة أخري الي الصحراء خوفا عليه من وباء كان يجتاح مكة وقتئذ فأقام في البادية نحو سنتين أخريين. ويقول المؤرخ ايرفينج نقلا عن رواة السيرة ان محمدا بعد أن أعادته حليمة الي أمه ظل في رعايتها حتي السادسة من عمره وبعدها صحبته الي يثرب لزيارة أقاربها من قبيلة عديج ولكنها مرضت خلال عودتها الي مكة وفي الطريق توفيت عند بلدة الأبواء ودفنت هناك, وقد ظل عليه الصلاة والسلام حريصا علي زيارة قبرها طوال حياته. بعد عودته عليه الصلاة والسلام الي مكة سلمته أم أيمن أو بركة جارية أمه امنة الي جده فظل في رعايته نحو عامين حتي اذا شعر بتقدمه في السن واقتراب يومه نادي أبو طالب وكان أكبر أولاده وطلب منه أن يضع محمدا في رعايته فضمه الي صدره وأصبح له كالأب وظل في رعاية عمه الذي ورث سدانة الكعبة عن والده عبد المطلب. فاطمة العربي