يجسد قطار الفيوم حالة الإهمال القصوى التي شهدها قطاع السكك الحديدية منذ عشرات السنين فالمزلقانات بدون بوابات حديدية، بل يتم الاعتماد علي سلاسل حديدية متهالكة، كما أن خط السكة الحديد يخترق القرى، وتقام علي قضبانه الأسواق العشوائية، وبدون أسوار، أو إضاءة عند فتحات المزلقانات، مما يجعل النتيجة الحتمية لهذا الاهمال المتراكم، هو حادث قطار الفيوم الذي وقع أخيرا وراح ضحيته 4 قتلي و41 مصابا، وسيظل ناقوس الخطر يدق لينذر بحوادث أخري في المستقبل مع استمرار هذا الكم من الإهمال. ويعاني خط قطار الفيوم حالة سيئة ومزرية منذ عدة سنوات، فأقل ما يمكن أن يوصف به انه لا يصلح كوسيلة نقل آدمية فالقطار بلا نوافذ أو أبواب ولا توجد مقاعد أو حتى دورات مياه داخل القطار، كما أن المحطات متهالكة وغير مجهزة، وشريط القطار ليس به بوابات حديدية علي المزلقانات والإشارات والسيمافورات معطلة، وغير مجهزة، الأمر الذي جعل الحوادث تتكرر بصورة مستمرة ولم يتوقف الأمر علي الحادث الأخير، فقد لقيت أسرة بالكامل مصرعها منذ سنوات بسبب عدم وجود مزلقان حديدي، ولكن كان هناك سلسلة متهالكة، وغير واضحة خاصة مع عدم وجود إضاءة عند المزلقانات. كما أن محطة القطار الموجودة في وسط مدينة الفيوم تحولت لتكون مرتعا للمجرمين والمدمنين في الأوقات المتأخرة من الليل، دون أدني رقابة من المسئولين. وكشفت دراسة لعدد من خبراء النقل اليابانيين عن حالة الفيوم: خطوط القطار في مصر، وأكدت الدراسة وأوصت بضرورة إلغاء خط قطار الفيوم الوسطي، لأنه أسوأ خط قطار في مصر، لسوء حالته الفنية، وخاصة المزلقانات وعدم وجود جدوى اقتصادية أو اجتماعية من تشغيله، وقد تمت هذه الدراسة بالتعاون مع هيئة السكة الحديد المصرية والتي وافقت علي الدراسة وعلي الرغم من ان الدراسة اوصت بإلغاء القطار عام 1996 أي منذ 16 عاما وإلي الآن لم تنفذ توصيات هذه الدراسة وحالة القطار زادت سوءا عاما تلو الآخر. وقد صرح وزير النقل السابق، في نهاية شهر مايو الماضي انه سيتم تنفيذ مشروع لتطوير السكة الحديد بمحافظة الفيوم بتكلفة تقديرية نحو 40 مليون جنيه بتمويل من وزارة النقل وبالتنسيق بين الوزارة والمحافظة وكلية الهندسة جامعة الفيوم ويتضمن المشروع تطوير وإقامة للمحطة الرئيسية الجديدة والمبني الإداري ويتم الانتهاء منه في فترة زمنية لا تتعدي عاما ونصف العام، ويرتكز تصميم المشروع علي عدة ركائز رئيسية اهمها الاستبقاء علي التراث والنظام التاريخي للمحطة ذي الطابع الروماني التراثي مع تحسينها وتطويرها لتواكب التطور الحادث لحركة الركاب والبضائع. ويشمل التطوير تصميم مبني محطة جديد يدمج بين الطرازين الفرعوني والمعاصر وإقامة مبني تجاري علي مساحة 5252 متر ومسجد وكافيتريا وعدد من المحال التجارية وتصميم كوبري جديد للمشاة مع إزالة كل العشوائيات المحيطة وتطوير كامل للأرصفة والمزلقانات ومنطقة الميدان وتوفير اماكن للانتظار. ويبقي السؤال أين هذه الملايين ولماذا لم تبدأ عمليات التطوير علي الفور، نظرا للحاجة الملحة للتطوير والإحلال لمنظومة السكة الحديد بالمحافظة، لتدهور أوضاعها وتكرر الحوادث بصورة يومية، ومنها حادث تصادم سيارة مع القطار وراح ضحيتها أسرة كاملة مكونة من 4 أفراد بسبب عدم وجود بوابات علي المزلقانات بالإضافة إلي الحادث الأخير. وقال خالد عبدالناصر "مدرس" وأحد أهالي قرية الناصرية التي شهدت الحادث إن خط القطار بدون أسوار ولا يوجد مزلقانات في حين أن خط القطار يخترق قرية سيلا والنصارية ومئات التوابع، مشيرا إلي انه يجب علي المسئولين سرعة تطوير خط القطار، ونقل المحطات بعيدا عن الكتل السكانية، حتى لا تترك الحوادث. ويؤكد سيد صبحي "أحد أهالي قرية سيلا"، أن القطار وسيلة مواصلات الغلابة من أبناء القرية، وخاصة ان حالة الطرق والمواصلات بالقرية سيئة للغاية، فيلجأ عدد كبير من أهالي القرية لركوب القطار خاصة طلاب المدارس والجامعات، وطالب بأن يكون هناك أعمدة إنارة حول شريط القطار، حيث إن المنطقة معتمة تماما ولا يوجد بصيص ضوء، الأمر الذي قد يكرر مثل تلك الحوادث. وفي نفس الوقت تري شريحة أخري من مواطني الفيوم عدم جدوى تشغيل خط القطار، وإزالة خطوط القطار نهائيا والاستفادة من نحو 50 فدانا في وسط مدينة الفيوم يمكن للمحافظة أن تنفذ مخطط التنمية لإعادة شكل وتخطيط المدينة واستغلال المساحات في العديد من مشروعات التنمية والتطوير ليس للأجيال الحالية فقط. ويؤكد عمرو رمضان ابراهيم ان القطار لا يستقله أي مواطن بل هو مصدر ازعاج وحوادث وكيف يستطيع مواطن ان يركب هذا القطار وهو بدون نوافذ أو ابواب او حتى دورات مياه الامر الذي يجعل المواطنين القلائل يقضون حاجتهم داخل القطار وهنا تنتشر الامراض. ويؤكد أحمد محمود "مهندس متخصص في النقل والطرق" أن عمليات تطوير خط القطار تتكلف ما يزيد عن 20 مليون جنيه بينما تكلفة رفع خطوط القطار تصل إلي 12 مليون جنيه، وذلك وفقا للدراسات الهندسية والفنية التي اعدتها جامعة الفيوم والمراكز والهيئات المتخصصة. وقال المهندس أحمد علي أحمد محافظ الفيوم إنه قد أصدر توجيهاته لرئيس مركز ومدينة الفيوم بتحديد وحصر المزلقانات العشوائية في جميع مراكز وقري محافظة الفيوم لوضع آلية للتخلص منها تفاديا للحوادث، وحرصا منه علي أرواح المواطنين. كما اصدر توجيهات لجميع رؤساء المدن المراكز بالمحافظة بتطوير المزلقانات الرئيسية ومتابعة أعمال الإنارة وذلك حفاظا علي سلامة المواطنين.