فهي خير معبر عن قيمة فنية عالية للابن البار أحد عمالقة الفن الموسيقي... كما يعتبر آخر أعماله القداس الجنائزي الشهير من أجمل مؤلفاته رغم أن القدر لم يمهله لاستكماله حيث وافته المنية قبل الانتهاء منه لتكون المفارقة أن يكون هذا القداس لجنازته هو.. حيث كتب لزوجته إنني أكتب القداس الجنائزي لنفسي, وسيصلح صلاة لمأتمي تمر هذه الأيام ذكري ميلاد واحد من أهم وأشهر العبقريات الموسيقية علي مر التاريخ.. فالطفل المعجزة فولفجانج أماديوس موتسارت المولود في مدينة سالزبورج بالنمسا يعتبر من أفضل الموسيقيين الذين قدموا أعمالا موسيقية تمثل العصر الكلاسيكي.. كما أن أعماله نجحت نجاحا كبيرا ولا زالت تلقي قبولا جماهيريا إلي اليوم. فهو حقيقة عبقرية إبداعية مرهفة الحس وظهرت موهبته منذ نعومة أظافره.. حيث بدأ العزف علي البيانو وهو في الثالثة من العمر.. وبعدها بعام واحد قام والده المؤلف الموسيقي وعازف آلة الفيولينة بتعليمه أصول العزف حيث كان تلميذا ماهرا يستمع إلي نصائح أبوية باهتمام ويحفظ المقطوعات الصغيرة في بضع دقائق معدودة, كما كان لديه قدرة علي الالتزام بالإيقاع مما ينم عن عبقرية فطرية كامنة لديه.. واستمر هذا الوضع إلي أن بدأت تتجلي موهبة التأليف الموسيقي لديه وهو في سن الخامسة.. حيث كتب مجموعة من الأعمال وكان والده سرعان ما يدونها له ليحتفظ بها.. ولم يدرك الأب أن ابنه سيصبح الشخصية الموسيقية العالمية التي يذكرها التاريخ دوما!! وكان أسلوب موتسارت الموسيقي كعازف يتميز بالبراعة وجودة التكنيك.. كما كان لديه مقدرة فائقة علي الارتجال اللحظي بمهارة مما يجعل المحيطين به في حالة من الاستمتاع والانبهار لما يقدمه.. مما جعله يطوف كثيرا من المدن الأوروبية ويحظي علي حب الجمهور وتقديره. أما أسلوبه الموسيقي كمؤلف يتسم بالبساطة وعذوبة الألحان ورشاقتها التي فضلها علي البوليفونية( تعدد التصويت)... وبالتالي فقد تميز أمام الجماهير كمؤلف موسيقي من خلال أعماله وأيضا كعازف.. ولذا فهو حالة من حالات النبوغ المبكر يصعب تكرارها. ورغم قصر حياته التي امتدت منذ السابع والعشرين من يناير عام1756 إلي الخامس من ديسمبرعام1791 أي أنه لم يتجاوز السادسة والثلاثين من العمر, إلا أنه استطاع أن يحتل هذه المكانة والشهرة في العالم أجمع... وذلك من خلال سيمفونياته الشهيرة( إحدي وأربعين سيمفونية) والتي تعد من أجمل إبداعات هذه الحقبة علي الإطلاق.. أيضا افتتاحياته الشهيرة التي تقدم من خلال الحفلات السيمفونية في مصر وباقي دول العالم.. ومن ميراثه الخالد الذي تركه لنا كمحبين وعاشقين لهذا الفن الراقي كانت الاثني وعشرين أوبرا الرائعة التي تعرض في جميع دور العرض ومن أشهرها زواج فيجارو, دون جيوفاني,الاختطاف من السرايوالفلوت السحري الذي يعرض حاليا علي المسرح الكبير بدار الأوبرا.. وتتعدد موضوعات هذه الأوبرات فيما بين الجد والمرح والهزل ومخاطبة الأطفال... هذا بخلاف أعماله الموسيقية الكونشيرتو للآلات المنفردة وأيضا مؤلفات موسيقي الحجرة.. ويرجع الفضل لموتسارت في وضع فهرس للمؤلفين لتصنيف أعمالهم.. فهو أول من ابتكر هذا التقليد وصنف مؤلفاته تبعا لكتالوج كوشيل الذي تضمن جميع مؤلفاته. ومن أشهر مؤلفاته علي الإطلاق موسيقي ليلية صغيرة والتي أشعر أنها تملأ مدينة سالزبورج في المحال التجارية والمطاعم والفنادق فهي خير معبر عن قيمة فنية عالية للابن البار أحد عمالقة الفن الموسيقي... كما يعتبر آخر أعماله القداس الجنائزي الشهير من أجمل مؤلفاته رغم أن القدر لم يمهله لاستكماله حيث وافته المنية قبل الانتهاء منه لتكون المفارقة أن يكون هذا القداس لجنازته هو.. حيث كتب لزوجته إنني أكتب القداس الجنائزي لنفسي, وسيصلح صلاة لمأتمي... وذلك لما كان يعانيه من أمراض كثيرة في حياته.. وكان آخرها التهاب في البلعوم الذي أودي بعمره في فترة وجيزة. وبعد وفاة موتسارت تحول منزله إلي متحف له يحوي مقتنياته وأثاث منزله.. وحينما زرت هذا المكان في سن صغيرة شعرت بسعادة بالغة لقيمته الفنية الرفيعة التي يعلمها كل من له علاقة بالموسيقي من قريب أو من بعيد. ولعل التاريخ لم يذكر لنا رجلا آخر أغرقته الموسيقي إلي هذا الحد كموتسارت... صاحب النبوغ المبكر