انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة جديدة علي الوسط الأدبي وهي تقديم القصائد الشعرية بالفصحي او العامية مصورة لترويج الشعر بشكل مختلف. وهذا الظاهرة لا يعدها الشعراء بالشيء الجديد اعتبروها تطورا طبيعيا لما كان يقدم من قبل من تسجيلات صوتية للشعر علي شرائط كاسيت أوCD, أو ان يقدم الشعر بمصاحبة عزف لإحدي الآلات الموسيقية مثلما كان يقدم الشاعر الراحل محمود درويش أعماله في الحفلات, او نزار قباني. يوضح الشاعر أشرف عامر أنها فكرة قديمة لان الشعر المسموع او استخدام الصوت في الشرائط او الوسائط المختلفة موجود منذ زمن, فمنذ ثلاثين عاما أصدر الشاعر علي عبد الله خليفة ألبوما بمصاحبة عازف الناي عفت في البحرين. اما تحولها الي كليب مصور فيمثل تطورا طبيعيا بحكم التطور التكنولوجي للميديا التي يستخدمها الشباب هو تطور طبيعي لفكرة التسجيل الصوتي, والمشكلة ليست في طريقة التقديم أو في استخدام وسائل الميديا, المشكلة ستكون في الاستسهال الذي ينتج عن هذا بعني أن الشعراء الضعاف سيفرضون أنفسهم بقوة من خلال هذه الوسائل لأنهم قادرون علي بث كليباتهم المصورة, وبذلك تنتشر مجموعة رديئة من الشعراء عبر الوسائل المسموعة أو المقروءة أو المرئية. وأضاف عامر ولكن اذا كان هناك شاعر حقيقي, ويتواصل مع المتلقي من خلال الإذاعة او الكاميرا ليقدم نفسه فهذا فعل إيجابي جدا ويساعد في الانتشار والتأثير في الأخر, الخوف من أن تكون المادة الشعرية غير جيدة وتكون تجارب بدائية ينقصها كثير من العمق, مما يؤثر علي تشكل الوعي الفني بصورة رديئة بالنسبة للمتلقي الشاب الذي ليس له خبرة تلقي عالية او ثقافة متسعة ولا يستطيع تقييم العمل مما يعود أيضا بالسلب علي الواقع الأدبي. وقال الشاعر عبد الرحيم يوسف كان هناك فترة طويلة للشعر لا يوجد منفذ لأي شاعر غير انه يلقي شعره علي أصدقائه الشعراء ولا توجد وسيلة أخري, لذلك كان يجب أن يوجد وسيط اخر للوصول للمتلقي, وعلي مر تاريخ الشعر بحث عدد من الشعراء علي منافذ كثيرة منهم امير الشعراء أحمد شوقي فقد وجد منفذا في الصحافة وفي أن يقوم بتقديم أعماله الموسيقار محمد عبد الوهاب, وفي شعر العامية كان عبد الرحمن الأبنودي راجت أعماله من خلال الكاسيت وCD, وايضا في الفصحي محمود درويش ونزار قباني وحفلات تاريخية فهذا الترويج موضوع مهم ويطور مع الزمان, وهو كأي وسيط له مزايا وعيوب, فمنذ سنوات ظهرت أكثر من ساحة مستقلة اعطت الفرصة للشعراء وأقامت لهم مجموعة من الأمسيات الشعرية مما أعاد الجمهور لمثل تلك النشاطات, وظهر بعدها شعراء لديهم مواهب في الإلقاء جذبت الكثيرين منهم الشاعر هشام الجخ وعبد الرحمن يوسف. واوضح يوسف أن الوسيط كالشرائط أو الكليبات تتطلب قدرة علي الاداء ليس له علاقة بالمستوي الشعري, فهو أقرب للشعر الغنائي, ومن أكثر الشعراء في قصيدة النثر الحاليين الذين يستطيعون تقديم هذا مؤمن المحمدي ومحمد خير, لكن الوسيط أيا كان نتائجه لابد أن نستغله وسوف تتضح مميزاته مع الوقت منها أنها ستعطي مساحة أكبر للمتلقي لكي يطلع علي الإبداع الشعري فرغم الانفجار الحادث في سوق الكتب إلا أن الشعر ظل بعيد عن لذلك لابد من استغلال التكنولوجيا. وأوضحت الشاعرة غادة خليفة أن أي محاولة تجعل الناس تقترب من الشعر فهي محاولة جيدة, فقابلت كثيرا من الناس عندما يسمعون كلمة شاعر أو شعر يبتعدون ويؤكدون انهم لا يحبون هذا اللون الفني بحجة عدم الفهم لغموضه أو عدم الإمتاع, وهذه كارثة لأن أهم سمة في أي فن هي أن يكون ممتعا لذلك أقول لهم اقرأوا أولا ثم إحكموا, لكن الكليبات تضع المتلقي أمام الأمر الواقع وهذا مفيد لأنه سيسأل نفسه بعدها لماذا يأخذ موقفا من الشعر رغم أنه مفهوم وممتع, وأي مبدع يستطيع أن يوصل إبداعه في أي شكل فهو انجاز, ومن وجهة نظري فإن قصيدة تحقق انتشارا بين الناس افضل من ديوان يحصل علي كثير من الجوائز, وأتمني أن أري الشعر يقرأ في وسائل المواصلات.