أحسن النائب العام طلعت عبد الله صنعا بتشكيل لجنة لفحص الأدلة والتقارير التي انتهت إليها لجنة تقصي الحقائق في جرائم قتل المتظاهرين والثوار في أحداث ثورة يناير وما تلاها. وهذا أمر مهم لأن مهرجان البراءة الذي شهدته تلك المحاكمات كان نتيجة طبيعية لعدم ضبط الأدلة بل وصل الأمر إلي حد التلاعب بها لطمس الحقيقة بأيدي أناس ربما كانت لهم مصالح شخصية أو مورست عليهم ضغوط فلولية ممن وضعتهم الظروف في مقدمة المشهد في الفترة الانتقالية. وغايتي أن يكون رجال النيابة والقضاء علي قناعة تامة بأن دماء الشهداء الغالية لن تعود إلا بسلاح القانون الجنائي المصري عكس ما يحاول البعض ومنهم المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض الذي قال أمام لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشوري أمس الأول إن هناك صعوبة في محاسبة رموز النظام السابق علي تلك الجرائم وفق القانون المصري لصعوبة تقديم الأدلة علي المشاركة في القتل أو التحريض عليه, وأنه يمكن محاسبتهم وفق قواعد القانون الدولي باعتبار ما حدث ضد الثوار ليس جنايات قتل عادية بل جرائم ضد الإنسانية جرت في توقيت واحد بعدة أماكن. وليت من يحاولون جر القضية إلي المحكمة الجنائية الدولية يعلمون أن مصر وقعت اتفاقيتها في28 ديسمبر عام2000 إلا أنها لم تقم بالتصديق علي النظام الأساسي منذ العمل به في يوليو2002, وهذا يعني موافقتها المبدئية إلا أنها ب عدم التصديق لم تدخل حيز التعاون ولم تدرج قوانين المحكمة ضمن القانون المصري وهو ما لم تفعله أية دولة عربية باستثناء الأردن وجيبوتي وجزر القمر. وأثق أنه ستتم محاكمة رموز الفساد والقتل وفق القانون المصري علي عكس المتشائمين من مثل تلك القضايا التي يراها بعض أهل القضاء فاقدة لنموذج إجرامي يأخذ به القاضي بأن يكون شخص بعينه ويحمل السلاح بنفسه فيضرب ويطعن شخصا آخر,ويقوي ثقتي المستشار أحمد مكي وزير العدل المعروف بأنه من رموز استقلال القضاء الذي يؤكد أن قانون الإجراءات الجنائية المصري يكفي لإعادة محاكمة المخلوع ورموز نظامه بشرط وجود أدلة جديدة وعدم صدور حكم نهائي وبات من محكمة النقض بالإدانة أو البراءة. كما أن المحكمة الجنائية الدولية لم تحرك ساكنا بشأن الطلب الذي تقدمت به3 منظمات حقوقية بشأن محاكمة مبارك أمامها وهو الأمر الذي تم التعامل معه بتكتم شديد خاصة وأن المحكمة لم تعر هذا الملف اهتماما, كما أن القائمين علي أمر الدولة أثناء تقديم الطلب لم تكن لديهم النية للتصديق علي النظام الأساسي للمحكمة. وتعود القضية برمتها إلي النيابة العامة في اختبار فعلي للنائب العام ليثبت أنه محامي الشعب وليس نائبا خاصا كما يردد المتباكون علي رحيل النائب السابق, بتحصين الأدلة الجديدة التي توصلت إليها لجنة تقصي الحقائق وتأكيدها لكشف الحقيقة وإلا فتوفير الجهد أولي حتي لا يصدم المصريون في مهرجان جديد للبراءة.