بدون شك إن حرية الصحافة ووسائل الإعلام, هي إحدي الركائز الأساسية في كل تحول ديمقراطي, ذلك أن الإعلام والديمقراطية ثنائية متلازمة, علي الرغم من اختلاف الباحثين في تحديد أسبقية طرفها الأول عن الثاني أو العكس. مع هذا لا يمكننا الجزم بأن الإعلام الحر هو الذي ينتج الديمقراطية أو بأن الديمقراطية هي التي تنتج الإعلام الحر أو إذا كان ينبغي أن تسبق عملية تحرر وسائل الإعلام خطوات التحول الديمقراطي أم العكس تماما. بيد أن ما يمكننا تأكيده هو أن حرية الإعلام لا يمكن أن تناقش بمعزل عن مبادئ الديمقراطية ولذلك يعد تحرير وسائل الإعلام جزءا لا يتجزأ من عملية التحول الديمقراطي باعتبار أن وسائل الإعلام تلعب دورا محوريا في تشكيل مسار هذا التحول و ما يقتضي من الأنظمة السياسية التي تتطلع إلي الانتقال الديمقراطي تفعيل قدرة وسائل الإعلام علي ممارسة حرية الرأي والتعبير التي تعد الضمانة الأساسية لنجاح كل مشروع ديمقراطي. وفي ظني أن مرحلة التحول الديمقراطي التي تعيشها مصر وتونس وليبيا علي سبيل المثال, تقتضي بالضرورة إعادة النظر والتفكير في كيفية إسهام القطاع الإعلامي القومي أو الحكومي, في إرساء المشروع الديمقراطي من خلال نشر قيم الديمقراطية وبناء الرأي العام الديمقراطي. فالديمقراطية بحسب ما هو معروف عالميا, لا تبدأ بشفافية الصندوق الانتخابي فحسب, بل تسبقها ثقافة وقيم وممارسات وتربية ومجتمع مدني يحرس قيم الديمقراطية, ولذلك يجب أن تفهم علي أنها ثمرة برسم الزرع لا علي أنها بذرة برسم القطف. إن الديمقراطية أيها السادة, كنموذج لتنظيم المجتمع لا تقف عند حدود عملية الاقتراع, ولا يمكن اختزالها في تركيز مبدأ الانتخاب كآلية ديمقراطية ففي حدود صندوق الاقتراع, من السهل تفعيل الديمقراطية كممارسة عملية, ولكن أن تكرس الديمقراطية كمبدأ يعضد الممارسة فتلك مهمة الإعلام الذي سيكون الفاعل الرئيسي في صون المكاسب الديمقراطية لصندوق الاقتراع. وكل ذلك يعني انه لا ديموقراطية بلا إعلام وصحافة حرة. ع. ف [email protected]