أخبار اليوم الأسبوعي| حقائب التحدى ومفاجأة الأعلى للجامعات والجمهورية الجديدة    موعد سداد فاتورة التليفون الأرضي لشهر يونيو 2024 في مصر    وصول أول رحلة للحجاج العراقيين العائدين إلى مطار النجف الأشرف    عاجل - اعرف موعد اجتماع البنك المركزي المصري 2024    أصدقاء ليفاندوفسكي أول المودعين ليورو 2024    ملف يلا كورة.. موقف الزمالك من القمة.. انتصار القطبين.. وتطورات السوبر الأفريقي    وفاة والدة بيليه عن عمر يناهز 101 عامًا    إصابة 12 شخصًا عقرهم كلب مسعور في نجع حمادي    تهشم سيارة يستقلها عروسين اصطدمت بعمود إنارة في الغربية    أسعار النفط تحقق المكاسب الأسبوعية الثانية على التوالي    الكويت تطالب مواطنيها بمغادرة لبنان في أقرب وقت ممكن    التعاون الإسلامي: اعتراف أرمينيا بدولة فلسطين ينسجم مع القانون الدولي    سفينة تجارية تتعرض لهجوم قبالة سواحل عدن في البحر الأحمر    أمين سر حركة فتح: مصر دفعت الفاتورة الأعلى لدعم فلسطين منذ نكبة 48 وحتى اليوم (فيديو)    يورو 2024 .. كانتي أفضل لاعب فى مواجهة هولندا ضد فرنسا    الصليب الأحمر: مقذوفات من العيار الثقيل سقطت بالقرب من مقرنا غربي رفح الفلسطينية    "التجارة البحرية البريطانية": تلقينا تقريرا عن حادث على بعد 126 ميلا بحريا شرق عدن    رئيس مجلس الدولة الجديد 2024.. من هو؟ مصادر قضائية تكشف المرشحين ال3 (خاص)    تنسيق الثانوية العامة 2024 محافظة القليوبية المرحلة الثانية المتوقع    رسميا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم السبت 22 يونيو بعد الارتفاع الأخير بالبنوك    رد صارم من رابطة الأندية على مطالب الزمالك وعدم خوض القمة أمام الأهلي    «موقفنا واضح».. الزمالك: لن نخوض أي مباريات جديدة حتى استكمال الدور الأول    عادل عقل يكشف صحة القرارات التحكيمية المثيرة للجدل بلقاء الأهلي والداخلية    عضو لجنة العمرة يكشف مفاجأة بشأن وفيات الحجاج المصريين هذا العام (فيديو)    رئيس شعبة المحمول بغرفة الجيزة: تحرير سعر الصرف وراء انخفاض الأسعار    استئناف امتحانات الثانوية العامة 2024 بالمواد المضافة للمجموع    طقس المملكة اليوم السبت 22-6-2024 وموجة حارة جديدة تضرب أجزاء من البلاد (تفاصيل)    استعلم الآن مجانا.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم (رابط مباشر)    السيطرة على حريق شب فى شقة سكنية بالمنصورة دون خسائر بشرية    مصرع شاب فى حادث انقلاب دراجة نارية بالدقهلية    إصابة 8 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بالفيوم    أشرف زكي: قرارات النقابات المهنية بمقاطعة إسرائيل لا تقبل الجدل (فيديو)    نقل لقاء سويدان إلى المستشفى بعد تعرضها لوعكة صحية مفاجئة (تفاصيل)    شكر ووعد.. رسالة جديدة من حسين الشحات    أميرة بهى الدين ل"الشاهد": الإعلان الدستورى الإخوانى تجاوز معنى القانون    شيرين شحاتة: سعيدة بتأهل روايتي للقائمة الطويلة لجائزة طه حسين    دعاء الثانوية العامة مكتوب.. أفضل 10 أدعية مستجابة عند الدخول إلى لجنة الامتحان    أخبار × 24 ساعة.. التعليم لطلاب الثانوية: لا تنساقوا خلف صفحات الغش    إمام عاشور يحقق حلم فتاة وأهلها من ذوى الهمم ويهديها التيشيرت.. فيديو    بيان الكنيسة الأرثوذكسية ضد كاهن قبطي ينهي الجدل حول أنشطته.. بماذا رد وكيل مطرانية المنيا؟    إعلام إسرائيلى: الجيش يقترب من اتخاذ قرار بشأن عملية رفح الفلسطينية    أستاذ علوم سياسية: مصر والأردن لهما حساسة تجاه القضية الفلسطينية    سباق إيران الانتخابى.. قضايا المرأة والمجتمع والتراشق اللفظى بين المرشحين أبرز ملامح المناظرة الثالثة.. المرشح الإصلاحى يرفض العنف ضد الإيرانيات لإجبارهن على الحجاب.. وانتقادات لسياسة الحجب على الإنترنت    عمرو أديب يهاجم الزمالك بسبب رفض خوض مباراة الأهلي: «منتهى العبث»    لطلاب الشهادة الإعدادية، مدارس بديلة للثانوية العامة في الإسكندرية    مصطفى كامل يتألق في أولى حفلاته بالعلمين    بكري يطالب رئيس الوزراء بتوضيح أسباب أزمة وفاة مئات الحجاج المصريين    على هامش زيارته لموسكو.. رئيس تنشيط السياحة يعقد عددًا من جلسات العمل    «وصفات صيفية».. جيلي الفواكه بطبقة الحليب المكثف المحلي    مركز البابا أثناسيوس الرسولي بالمنيا ينظم اللقاء السنوي الثالث    أفتتاح مسجد العتيق بالقرية الثانية بيوسف الصديق بالفيوم بعد الإحلال والتجديد    المفتي يستعرض عددًا من أدلة عدم نجاسة الكلب.. شاهد التفاصيل    مدير الحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب: لقاء الجمعة تربوي وتثقيفي    الداخلية تحرر 169 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وزير الأوقاف: تعزيز قوة الأوطان من صميم مقاصد الأديان    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى الصدر بالزقازيق    استشاري نفسي يقدم روشتة للتخلص من اكتئاب الإجازة    أمين الفتوى محذرا من ظلم المرأة في المواريث: إثم كبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاغتراب الإيجابي
نشر في الأهرام المسائي يوم 07 - 01 - 2013

صمام أمان الثورة المصرية وظهيرها الاجتماعي، قد يختلف عن العديد من الثورات التاريخية، القوام الأساسي لطليعة الثورة المصرية يقوم على مجموعات متعددة تشكلت خلال العقد الأول من القرن ال 21، انطلاقا من الحركة الطلابية التى خرجت لدعم الانتفاضة الفلسطينية عام 2000م.

فقد توفرت لهذه الحركة آليات الفرز والتواصل الاجتماعي بعيدا عن الإطار التقليدي لمنظومة أحزاب المعارضة الرسمية؛ إذ صنعت هذه النخبة القلب النابض للحركة الشعبية المصرية خلال العقد المنصرم، وحاولت الأحزاب والتيارات السياسية التواصل معها نسبيا، إنما ظل القلب النابض له خصوصيته واستقلاليته.
تنتمي طليعة الثورة المصرية ونخبتها لما يمكن أن نسميه فى علم الاجتماعي النفسي: الاغتراب القيمى الإيجابي. حيث الاغتراب: بمعنى الرفض وعدم "التكيف" والاندماج فى منظومة المجتمع والشعور بالغربة معه، والقيمى: بمعنى أن رفضها الاندماج و"التكيف" معه لا يعود لأسباب التهميش والحاجة والفقر، إنما لإيمانها بمنظومة "القيم الإنسانية الأعلى".
هذه الأخيرة تقوم على العدل والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وما تحتويه هذه القيم من دوائر سلوكية حاكمة ولازمة، والإيجابي: بمعنى أن هناك اغترابا عن المجتمع يدفع صاحبه للعزلة والتشيؤ والعدمية واليأس، مما يجعله يلجا لاعتناق الهامش وتبرير أسباب ذلك بذريعة الرد فعل على ظروف المجتمع الاستبدادي.. اجتمعت فى طليعة الثورة المصرية أخطر ثلاث صفات فى تاريخ البطولة الإنسانية: الاغتراب ورفض السائد، القيمة والمطالبة بها، الإيجابية والتضحية والإقدام.
حائط الصد الأخير أمام أفول الثورة، أن هذه النخبة الحقيقة للثورة المصرية لا يمكن شراء مواقفها، ليست ثورة عمالية يستطيع المستبد كسب ودها بحزمة من الرشاوى والمسكنات الاجتماعية الفئوية والطبقية، وليست ثورة تحرر وطني يستطيع الاستبداد /الاحتلال اختراقها عن طريق نظام محلى عميل.
وليست ثورة شعبية من أجل حزمة مطالب اجتماعية وفقط .. هى ثورة تسعى للتحرر الذاتي من أجل "القيم الإنسانية الأعلى"، وتغيير منظومة القيم التاريخية التى حكمت الشعب المصرى، ثورة تسعى للتخلص من أثر عوامل "السياق التاريخى" وتاريخ الاحتلال والقهر والاستبداد الذى تعرضت له مصر، ودفع المصرى دفعا نحو الخضوع و"التكيف" مع السلطة المستبدة وما تفرضه من أنماط اجتماعية دنيا.
هى ثورة تطالب بتغيير شامل لنمط الحياة المصرى، لنمط حياة يرفع يد الجهاز الإداري والأمني عن رقاب المصريين، لنمط حياة قوامه الكفاية والكرامة والحرية والعدالة، مجتمع جديد يكون فيه تكافؤ الفرص هو السيد، مجتمعات عمرانية جديدة تقدم نمط حياة وليست سجونا بلا أدنى اهتمام بآدمية الإنسان.

دولة تقوم على المؤسسات لا دولة العلاقات والفساد وقمع الإبداع والتفكير، مجتمع لا يجعل المصرى يشعر بالغبن، يعطيه الفرصة كاملة ليصل لقناعة أن المكانة التى يشغلها فى المجتمع، ترتبط بقدراته وعمله وجهده، لا بعائلته ولا بنفوذه وتنازله الأخلاقي، دولة تعطى المصريين الأمل فى الغد، لا دولة تفرد ذراعها التنميطى ذلك الجهاز الإداري والأمني القديم قدم التاريخ؛ الممسك دائما بسلطة "الدمج والتسكين" فى المجتمع، يعطى من تكيف ويمنع من ثار وتمرد.

من يعتقد أنه يستطيع الالتفاف على هذه النخبة القيمية للثورة المصرية هو واهم، قد ينجح فى المراوغة لمدة عام أو اثنين أو ثلاثة أو حتى عشرة، لكن تكرار "لحظة التمرد الكبرى" قادم لا محالة، ربما ينجح الاستبداد – تحت أي قناع- فى التملص من استحقاقات الثورة، ربما ينجح النظام القديم فى إغواء وتوظيف بعض النخب القديمة للهروب من المواجهة، لكن الثورة تنتشر وتصنع امتدادا أفقيا بالزيادة العديدة المستمرة، وتصنع امتدادا رأسيا بتطوير الأساليب والآليات وتطور الوعي واليقين؛ بشكل سيفاجئ الكثيرين، كل فى حينه.
للتاريخ مسارات نحتها بنى البشر فى حياتهم على الأرض، ومن أهم هذه السنن والمسارات أن البشر أنماط وطبائع واختيارات، ولا تنجح محاولة تغيير أنماط البشر، ولكن تنجح محاولات تغيير الأنماط السائدة، النموذج القيمى لنخبة الثورة المصرية، يتعرض حتى الآن للتهميش والتشويه.
ويتم فى المقابل تصعيد عمدي –من النظام القديم- لنماذج تزايد على الناس باسم خطاب شديد الاستقطاب والمخاتلة، تربى بعض هذه النماذج فى حضن الاستبداد وأجهزته الفاسدة البائدة. أري أننا نتعرض لعملية تنخيب خاطئ واختيار نخبة مربكة زائفة غير معبرة عن الثورة، يسعى النظام القديم -الحاضر بقوة- لتهميش نمط الثوري المؤمن بالقيم الإنسانية الأعلى، لأن هذا النمط غير قابل للتفاوض، لا تستطيع مشاغلة عينيه بشعارات سياسية أو دينية أو نفعية.
لا تستطيع أنماط بشرية أن تقضى على أنماط أخرى، فطبيعة البشر هى الاختلاف والتنوع، لكن المشكلة حينما تكون هناك مؤامرة من أجل تسييد أنماط بشرية غير معبرة عن مرحلة الثورة التاريخية، لتنفر الناس من الثورة. يهدف النظام القديم بوجهه المتعددة والمتجددة لزيادة الهوة بين دعاة الثورة والمجتمع المقهور والمطحون اقتصاديا، ويأمل صاحب المصلحة أن ينتهز الفرصة لتتوه الحقيقة ويختلط الأمر على الناس، لكن الحقيقة التى لا يدركها أصحاب المصلحة، أن لحظة ثورية واحدة كافية لتغيير المشهد، وتفصل الحقيقي عن الزائف.
لن ينجح خلط الأوراق والنخبة المزيفة والأنماط المصطنعة؛ سوى فى تأخير الحتمي بعض الوقت، لأن النخبة القيمية للثورة المصرية أنتجت ظروفا وعلاقات واختيارات هى الأقوى –فى تقديري- عبر التاريخ المصرى.. والنصر سيكون حليفها طال الوقت أم قصر.



رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.