أخشي أن ينزلق الخطاب الرسمي المدفوع برغبة تطمأن الشعب علي مستقبل الاقتصاد الي نوع من التضليل, وايجاد فجوة واسعة بين المواطنين وحقيقة الأوضاع, وهنا مكمن الخطورة, ومبعث الأزمة. ولا أعتقد أن التهوين من الأوضاع الاقتصادية مطلوب ولا التهويل منها أيضا مفيد, ومن المؤكد أن الصراع السياسي وحالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها البلاد لعبت دورا كبيرا في تهويل الأزمة الاقتصادية, حيث سعي معسكر المعارضة الي استخدام ورقة الأزمة الاقتصادية في معركته مع النظام.. في المقابل دأب المعسكر الآخر علي التقليل من المخاطر, بل انجرف نحو رسم صورة غير حقيقية, تجافي الواقع. المؤكد أن مصر تمر بأسوأ أزمة اقتصادية, ولا تدرك الحل إلا إذا حل الاستقرار.. وأيضا حسن اتخاذ القرار.. وقبل ذلك اتفق الفرقاء, علي كلمة سواء, بعيدا عن دعوات الحوار التي تطلق فقط من أجل الاستهلاك الإعلامي.. لا تقدم ولا تؤخر.. لأن التصدي لهذه الأزمة يحتاج الي توافق مجتمعي قوي يستطيع وضع رؤية واضحة تقود المجتمع الي الأمام, وتنجو به بعيدا عن الصراعات والانقسامات. نعم مصر بعيدة عن الإفلاس, لكن بشروط وضمانات, أولها توافر عمل مسئول, وفعل مقبول, يتصدي للمشكلات الاقتصادية برؤي واضحة, لحكومة فنية, قادرة علي وضع الحلول وتنفيذها وتقليل كلفتها الاجتماعية, وليس بالقرارات السهلة التي اعتادت عليها حكومة قنديل مثل فرض الضرائب والرسوم كأداة وحيدة لسد العجز في الموازنة العامة دون التفكير في استخدام الضرائب أيضا كوسيلة تحفيز, كما تفعل بعض الدول, وتقوم بتخفيضها علي الطبقات محدودة الدخل, وزيادتها علي الشركات الكبيرة. بولندا, المكسيك, البرازيل, دول مرت بأزمات اقتصادية أشد وأصعب لدرجة أن الدول الثلاث توقفت عن سداد ديونها تماما, إلا أنها من خلال برنامج إصلاحي اجتماعي استطاعت تجاوز الأزمة, وكان العامل الأساسي في التجارب الثلاث هو التماسك المجتمعي, والتوافق السياسي, أما المفلسون هم الذين لا يدركون الأزمة, ولا يمتلكون حلولها, ولو بالتعديل الوزاري. مصر تدرك الاستقرار, بحكومة قوية ترد هيبة الدولة وتعيد دولة القانون.. مصر تتجاوز الأزمة بالمصالحة, لا المخاصمة.. وبالمصارحة والمشاركة, لا المغالبة, واحتكار القرار. [email protected] رابط دائم :