كل حزب بما لديهم فرحون, مسرورون, مبتهجون, هذا هو الحال في مصر, المقارعة بالحشد والتجييش في الميادين, ومبارزة بالسباب والاتهامات والتخوين علي الفضائيات, نعم.. هكذا تحولت مصر إلي استعراض للقوة وسباق نحو المغالبة والسيطرة, بعيدا عن روح يناير التي جمعت المصريين تحت لواء الوحدة والإرادة المشتركة, الميدان صار اثنين, والساحات تحولت إلي منصات لإطلاق صكوك الوطنية. ويخطئ من يظن أن الدستور معركة مهزوم أو منتصر, ويتمادي في الخطأ, من يراهن علي التجييش والحشد سواء في التحرير أو الجيزة لتحقيق أهداف لا تخدم المصلحة القومية, وتحقق مصلحة الأغلبية الساحقة من الشعب, لأن مصر أكبر من أي فريق قد يعتقد أن بإمكانه السيطرة عليها, ومن ثم, فإن العودة إلي طريق الرشاد والتحلي بالحكمة في التعاطي مع أزمة الدستور, أصبحت ضرورة وطنية للخروج من هذا المأزق, بعيدا عن روح الانتقام والثأر. والحقيقة المؤكدة التي لا يختلف عليها أحد, هي الفشل الذريع لكل أطراف الأزمة في أول اختبار للحوار حول قضية قومية, وبعد انتخاب أول رئيس مدني, وأثبتت أزمة الدستور أن كل الأطراف لاتزال بعيدة كل البعد عن ثقافة الحوار وأخلاقيات الخلاف, فقد بدأ المؤيدون للرئيس يضيقون ذرعا بالمعارضين, وكأنهم يريدونه وطنا منزوع المعارضة, مسلوب الإرادة, بينما بدت المعارضة في كثير من المواقف بعيدة عن أصول الاختلاف وحدود النقد. نعم إن هذا الفشل الذريع يضع التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر في مهب الريح, ويبعث بنذر خطر علي مستقبل هذا الوطن الذي يتوق إلي الاستقرار والتنمية, وربما لو كان هناك قدر من المسئولية الوطنية, في التعاطي مع أزمة الإعلان الدستوري الكارثي والتوافق الوطني حول الدستور الجديد, لكان الشعب كله قد خرج في الميادين أمس, لا للتهديد والوعيد, بل للاحتفال بأول دستور جديد يحقق تطلعات شعب ثار ضد الظلم والاستبداد, لكن روح الانتقام التي سادت بين كل الأطراف أبت أن يفرح الشعب الذي بات منقسما, ليفرح كل حزب بما لديه ولا عزاء للوطن! [email protected] رابط دائم :