«الكنيسة القبطية الأرثوذكسية»: الأعياد مناسبة لمراجعة النفس والتقرب إلى الله    المجلس الأعلى لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة يعقد اجتماعه الدورى    تراجع سعر اليورو اليوم الخميس 21 أغسطس 2025 بمنتصف تعاملات البنوك    الانتهاء من ربط مصر والأردن من خلال الكابل البحري للاتصالات عالي السعة «كورال بريدج»    تباين مؤشرات البورصة المصرية في منتصف تعاملات الخميس    الري تتابع الموقف التحصيلي لمستحقات الوزارة المالية والرؤية المستقبلية للنهوض بالعملية التحصيلية    1581 شهيدا.. طواقم غزة الطبية هدف إبادة صحية تمارسها إسرائيل    وزير الأوقاف يدين الهجوم على مسجد في نيجيريا ويدعو للتصدي لفكر التطرف والإرهاب    لبنان: شهيد بغارة للاحتلال استهدفت دراجة نارية في دير سريان جنوب البلاد    سلوفينيا ترفض الضغوط على المؤسسات القضائية والتدخل فى عمل "الجنائية الدولية"    بين الخيانة ورسائل الكراهية.. خلاف ألبانيز ونتنياهو يتحول ل"إهانات شخصية"    شباب النواب: تعديلات الرياضة تتسق مع الدستور والمواثيق الدولية وتفتح آفاق الاستثمار    ريبيرو يمنح لاعبي الأهلي راحة سلبية ويستكشف المحلة    تجديد حبس عاطل 15 يوما لاتهامه بالتسول بالأطفال فى بولاق الدكرور    تفاصيل بلاغ أرملة جورج سيدهم ضد منتحلى شخصيتها لجمع تبرعات باسمها    سوهاج الأزهرية: لا شكاوى من امتحانى الرياضيات والإحصاء للشهادة الثانوية    تجديد حبس السائق المتسبب في مصرع شخصين وإصابة 7 بحادث على كورنيش الإسكندرية    نقابة المهندسين بالشرقية تشكل لجنة للوقوف على أسباب انهيار عقار شارع مولد النبي    الأعلى للآثار: تماثيل الإسكندرية الغارقة تعرضت لكارثة طبيعية    كريم محمود عبدالعزيز يفاجئ زوجته برسالة حب ودعم خلال لقائها مع رضوى الشربيني    أستاذ علوم سياسية: اعتراف أوروبا بالدولة الفلسطينية مهم لكن الهدنة أولوية    دار الإفتاء: سب الصحابة حرام ومن كبائر الذنوب وأفحش المحرمات    مستشار رئيس الجمهورية ورئيس جامعة عين شمس يفتتحان المؤتمر الدولي لأمراض النساء والتوليد    "مدبولي" يدعو "تويوتا تسوشو" للاستثمار في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    هندسة بنها تحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية في مسابقة "صنع في مصر"    هل يوجد زكاة على القرض من البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ أسوان الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يتفقد مستشفى رأس التين العام ووحدة طب أسرة الجمرك    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    نجم الأهلي السابق: مودرن سبورت سيفوز على الزمالك    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    حلوى المولد.. طريقة عمل الفسدقية أحلى من الجاهزة    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    وزارة الأوقاف تطلق صفحة "أطفالنا" لبناء وعي راسخ للنشء    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة ثقافية في إشكالية الدستور

لعله ليس معهودا في تاريخ الثورات أن تلوح أشباح الديكتاتورية المقيتة علي أثرها‏,‏ ولعل سماحيات الظرف التاريخي تتضاءل كثيرا أمام ظاهرة كانت هي بالأمس القريب من أهم دواعي وأسباب اندلاع تلك الثورات‏.
وأيضا لعل الغرابة من ذلك قد تصل إلي مستوي من الشذوذ السياسي لاسيما في دولة كمصر التي احتوت التيار الاسلامي بعد جولة ثورية عارمة آملة أن تجدد سيادتها وتعلي قيمتها وشموخها الحضاري وتستعيد بريقها ووجودها الفاعل‏,‏ لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن وتجلت نوازع الفرقة والاغتراب عن الذات وطاشت الاتهامات وانطلقت الصيحات مدوية وأريقت الدماء مجددا وباتت الحاجة ملحة لثورة علي الثورة‏!!‏ شهور قلائل لم يصمد فيها ذلك التيار للمعترك الثوري‏,‏ لم يدرك فيها قيمة اللحظة وحساسيتها لم يستطع التجاوب مع الطموحات القومية‏,‏ لم تكن له الشخصية الرصينة المقنعة والمؤثرة‏,‏ لم يستلهم معاني الكاريزما من مشاهد التاريخ ولم يكن له ذلك الحضور الطاغي في الاحتفاظ بهوية مصر التاريخية‏,‏ لم يع آليات الاستراتيجية المعاصرة‏,‏ من ثم لم يقدم طرحا نهضويا خاصا أو مشروعا تقدميا طموحا يتسق بدرجة ما مع مؤشر التردي والتراجع‏,‏ ذلك انطلاقا من تلك القطيعة الحادة مع الطابع والمزاج العام للشخصية المصرية وعدم الاعتماد علي عناصر نظرية حوارية ذات أسانيد معرفية واسلامية وايديولوجية‏,‏ فالتيارات الاسلامية التي تبوأت وضعا سلطويا مع اختلاف نمط السلطة تريد في كليتها ان تنتج نسقا معرفيا إسلاميا يقتحم الكيان المجتمعي ولا يترفع عن اعلان الحجر السياسي محاولا تسخير الاديان والفلسفات ومختلف المعارف النفسية والتربوية والتاريخية لضبط ايقاع المجتمع وتدجينه بما يتناسب وصالحه السياسي المتمثل في عدم اصطدامه بالقاعدة الجماهيرية‏,‏ من ثم فقد جاء خطاب هذه التيارات مستهدفا اضفاء الصبغة الدينية في تحوراتها السياسية علي ارائه ذلك حتي يسلم الاخرون بصحتها وصدقها ومدي ابداعيتها‏,‏ وان كان ذلك في حقيقته ليس الا نوعا من التحريض الضمني لمسار الوعي بأن هناك وصاية دينية لفئة تسمح لها بتكفير المجتمع ما لم يحقق التطابق التام معها فكرا وسلوكا‏,‏ ويعني ايضا ان تخندق فئة وتسترها تحت الشعارات الاسلامية ان باقي شرائح المجتمع ليست اسلامية‏.‏ ولعل الذي اطاح بهيبة التيار الاسلامي المصري علي اختلاف فصائله هي تلك العنصرية الدينية التي جعلته يمتلك نزعة استعلائية بجانب كبريائه الهش باحكام قبضته علي مقاليد السلطة وهو ما جعله غير مكترث بانسحاب اي فصيل سياسي او ديني يكون معارضا للتوجه العام الذي ارادوا للدستور المصري الجديد ان يشايعه مكتفين بانفسهم لانهم هم البقية الباقية من السلف الصالح التي لا تجتمع علي ضلالة مطلقا‏,‏ وهو ما احدث انشقاقا مجتمعيا حادا‏,‏ طرفاه هم الانصار والخصوم وما بينهما من الوشايات والدسائس والفتن والاراجيف‏.‏ لكن الموقف المصري المحتدم والذي ربما يؤدي بكارثة كبري تجتمع الغالبية فيه علي ان الاعلان الدستوري الذي انتجه النظام لا يمثل الا اعتداء سافرا علي سلطة القضاء وان تحصين قرارات النظام بعدم الطعن عليها قضائيا لا يعني الا هدم للشرعية تستثني من ذلك تلك القرارات الفوقية التي تمس الامن القومي‏.‏ وان العدول عن الاعلان الدستوري هو فضيلة كبري لكن النظام المصري يضع شعبه بين شقي الرحا فان جاء التصويت لصالح الدستور فقد سقط الاعلان من تلقاء نفسه وان جاء علي العكس من ذلك فلديه الاعلان وسيلة سيادية واداة ضغط وقهر تمارس من جديد‏.‏ وهذا وفي كل الاحوال هو مغامرة او رهان علي الخطأ واقتراع علي المبدأ الخطأ فان حدث توافق فهي مغالطة سياسية ودستورية ننأي بمصر ان تقع في براثنها وان اكدنا هذا الخطأ بالرفض فلا جدوي من تقرير الحقائق او اثبات الثابت‏.‏ ولعل الحالة المصرية الراهنة تطوقنا بكم هائل من التساؤلات المنتمية لجوهر القضية علي عمومها وفي لحظتها الأنية والمتمثلة في‏:‏ كيف لنظام أتي بعد ثورة اقتلعت ديكتاتورا عاتيا ان يشعل الشارع المصري ويشق صفوفه ويريق دماءه ويحمل خطابه لغة اعتزلتها البشرية منذ قرون وقرون؟ كيف يستأثر فصيل الاسلام السياسي بالغنيمة الدستورية ويعمل علي إقصاء أباطرة القانون الدستوري؟ بل كيف تجاهل تلك الابجدية القانونية في اقرارها بالفارق الهائل بين المادة الدستورية والمادة القانونية؟ بل كيف لمصر ان تقاد في لحظتها تلك بدستور هش تنعت بنوده بعدم الدستورية؟ ولماذا يصبح الاصرار آلية منهجية لدي النظام وهو الباعث علي الشكوك والهواجس لدي القطاعات المصرية العريضة؟ وكيف اكسب النظام ذاته شرعية ليست له في الغاء الاعلان الدستوري السابق واستصداره لاعلان جديد؟ وكيف للوثيقة الدستورية المطلوب التوافق عليها واقرارها ان تغفل مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة؟ وكيف يتم تطويع الوثيقة الدستورية للاتجاهات الشخصية والسياسية والانتماءات المذهبية والولاءات الايديولوجية؟ ولماذا لم تتقدم صيحات اعلاء الصالح القومي علي غيرها من الصيحات المدوية والمتمحورة بين التأييد والمعارضة؟ ولماذ يصبح التأييد أو المعارضة هي السمه المتغلبة علي غيرها من الصيحات في لحظتنا الراهنة؟ ولماذا اتحصرت جميع جبهات الرأي أو تقوقعت داخل هذه وتلك؟ ولماذا غاب مفهوم التوحد والالتفاف حول تلك المصالح العليا؟ ولماذا اقتحمت تنويعات العنف لغة الخطاب السائد بين الاطراف من العنف اللفظي والانفعالي واللاعقلاني والتي افرزت بدورها انواعا شتي من العنف السياسي والاجتماعي والديني؟ ولماذا لم تكن مصر هي القبلة الوطنية المقدسة؟ ولماذا وحتي الان لم ينسلخ النظام من جماعته التاريخية ويصبح ولاؤه لمصر قبل اي شيء آخر؟ ومن ثم كيف لنظام لم يستطع ولم يقو علي ادارة الحوار الوطني بتعادلية خاصة ان يكون طرفا فاعلا في الحوار الحضاري الكوني؟ هذه هي مصر المعاصرة التي باتت ساحة خصبة للاقتتال والتطاحن بعد ان وضعها التيار الاسلامي السياسي في كف الضياع والاندثار‏..‏ هذه مصر التي سماها ابن بطوطه بأم الدنيا وعند جرار دي نرفال أم المعارف والحضارات وهي التي اخترعت الأبدية عند اندريه مالرو لكن عند تيار الاسلام السياسي اختزلت مصر في بؤرة الاستقطاب الديني والذعر السياسي والسخط المجتمعي‏..‏ من ثم فلا جدوي من الخطا السريعة اذا كنت تسير علي الطريق الخطأ‏!‏
باحث وكاتب

رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.