«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميلاد

هربت من الزحام والضوضاء وقد أفضا بكارة السكون‏..‏ دلفت الي حجرتي‏..‏ أوصدتها علي لأستقبل لحظة ميلادي الثاني‏..‏ ميلاد لأنوثتي‏,‏ فغدا سيبدأ أول أيام دراستي الجامعية‏..
‏ غدا سأخرج من سجن المدارس‏,‏ وقد ضاق الزي المدرسي بخطوط الأنوثة الضاربة تحته‏,‏ وشعري الذي حررته من قيود الشرائط‏...‏ سأسير بزهو مع دقات الكعب العالي علي الأسفلت‏...‏ ما أجمل البدايات وحلاوة الميلاد‏!‏
استيقظت في الصباح الباكر بل قل لم أنم حتي الصباح‏,‏ زاهدة في الافطار‏,‏ فالفرحة تملأ معدتي بل كل كياني‏...‏ بلوزتي البيضاء تخفي نهدين متوثبين‏...‏ صدري يسبق خطواتي‏...‏ جونلتي تكشف نصف ساقي‏...‏ حزامي العريض يبرز خصري الملفوف الدقيق‏....‏ الحذاء الابيض اللامع ذو الكعب العالي يزيدني طولا‏,‏ وكأني أزداد زهو بنفسي‏.‏
لست مستبدة الجمال‏,‏ ولا طاغية الأنوثة‏,‏ بل متوسطة‏....‏ بيضاء البشرة يكسو وجهي بعض النمش ورثته عن أمي‏...‏ أخجل منه كثيرا خاصة عند أول لقاء بانسان‏,‏ ويزيدني حلاوة وجمالا عند الخجل‏...‏ فتصير خدودي كالتفاح‏.‏ هكذا أسرت الي إحدي صديقاتي بالمدرسة‏,‏ ولاحظت ذلك في المرآة بعد أن قرصتهما‏.‏
أحس بأن سكان الشارع يحدقون في وكأنهم يرون انسانا غريبا علي نظرتهم‏..‏ رغم أنهم يرونه في اليوم عدة مرات‏,‏ كدت أتعثر مع أول عهدي بالكعب العالي والنظرات المصوبة نحوي في شغف وتطلع‏.‏ عالم جديد‏..‏ معا‏...‏ فسيح‏...‏ مازالت أحبو في بدايته‏,‏ محاولة إيجاد طريقي فيه‏.‏ وجدته‏..‏ تعلقت به وأحببته‏...‏
طالب يكبرني بسنوات دراسية والخبرة الجامعية‏..‏ أخذ بيدي في بداية عهدي بالجامعة‏..‏ وجهه بشوش ينضح تفاؤلا‏...‏ رقيق الاحساس والقلب‏...‏ عقله متطلع لمستقبل زاخر‏,‏ فهو يشعرني بالأمان الي جواره‏.‏
تحوي شخصيته غموضا كبيرا جذبت اليه كنوع من الفضول وعرفان بالجميل لمساندته لي في أول حياتي الجامعية‏.‏
مع عمق تعلقي به يفيض بي الشوق لمعرفة السبب في اختياري أنا من بين كل فتيات الجامعة‏,‏ فأشعرني بأسلوب مجازي انجذابه نحوي‏..‏ تعلقت به أكثر‏....‏ عندما يجتاحني صمته اتطلع الي عينيه‏,‏ فاقرأ فيهما ما يعتقله فمه من أسرار‏,‏ واكتشفت من خلال تطلعاتي الي عينيه أنه ذو وجه طفولي‏,‏ وكنت أحسبه من الرهبة وجها صارما حادا‏,‏ وفي عينيه براءة وبريق غريب‏.‏ أصبح وحده كل عالمي‏...‏ الكون كله واحة تضمنا معا‏,‏ ونذوب فيه ونمتزج معا في ملكوت لا حدود فيه بيننا‏.‏
صار كقطرة حنان منسكبة في جدول العيون‏,‏ كنسمة حنين مسافرة تعصف بوجودي‏,‏ تبدل معالمه‏,‏ تتلاعب بأحلامه‏,‏ تتجه بها لطريق جديد كنت أخاله لزمن قريب غريبا عني‏..‏ لا يسع خطواتي‏,‏ وأبدا لن ترسم آثارها علي أرصفته‏..‏
تطالعني ابتسامته تنتشر في فجر يومي كدفء شمس في الشتاء‏,‏ تبدد الغيوم من سمائي فأمضي بثبات في طريقي‏...‏ أزيح بقايا نعاس منكسر علي جفوني‏...‏ ألتهم الثواني والدقائق كي تسقط المسافة الفاصلة بين عيني ورؤياه‏....‏ أطويه في نفسي وأجوب العالم بصوته الذي يغرس في أعماقي حبه فتتكسر أمامي الأبواب المغلقة والموصدة‏,‏ ويظل فجري‏,‏ ففي أعماقي بركان ظمآن للحنان‏,‏ وأطلقت كل مشاعري‏,‏ فمنحته دون قيد فأخذ دون معاناة‏.‏
أصبحت عيناي لا تريان إلا بعينيه‏...‏ دنياي التي أرغب فيها بإرادتي وأحياها‏...‏ فارس مهري يوجهه أينما شاء‏,‏ وكيفما شاء‏,‏ فقد خلقت له وحده‏.‏
وفي غفلة وجيزة عن ذكره هاجمتني الأخري وفاجأتني‏.‏ ذكرتني بشعارات الماضي وحذرتني‏:‏ باسم الحب يصبح للرجل علي المرأة كل الحقوق ولا يكون لها إلا واجبات الطاعة فما أضعف المرأة اذا كان كل ما تملكه في هذه الحياة احساس هش يسهل علي أي انسان خدشه مع قلب لا يملك إلا قوة الحب ولا ينبض إلا به‏.‏ تخلصت من تسلطها سريعا‏.‏
عندما مست يده يدي أحست كمن مسه تيار كهربائي‏...‏ أنفاسه حارة عند اقترابه مني‏,‏ وفي عينيه وجد صارخ‏...‏ تلامست الأيادي وتلاقت الشفايف‏,‏ فما أحلي أولي قبلاته وإن تعددت بعدها‏..‏ فما أجمل البدايات‏...‏و‏...‏ حلاوة الميلاد‏.‏
أين كان هذا الطعم اللذيذ في هذه الدنيا الواسعة‏.‏ نبت بعض الخوف في نفسي‏,‏ فأفعالي لم تتوقف عند حد ارادتي‏,‏ بل علي قوة جبارة لذيذة تخدرني وتدفعني اليه في الحاح شديد‏.‏ لم أجسر علي مصارحته بخوفي‏,‏ ولكن حديثنا عن الزواج والمستقبل‏.‏
الذي أقمحه خوفي علي كلامنا المعسول بعث في نفسي الطمأنينة‏..‏ أخذ يراودني شعور بالاستسلام الحلال المطلق ولما قطع عهدا علي نفسه بخطبتي بعد تخرجه وتكوين نفسه حتي يكون جديرا بي تأكدت انه سيتاح لي في المستقبل أن أتذوق الحب بلا خطيئة أو ندم‏...‏ وكان تأشيرة لمداعباته وعدم مقاومتي له‏...‏ وتزداد مداعباته الي تضاريس جسدي جرأة‏,‏ كان احساسي نحو مداعباته مزيجا من المتعة والندم‏...‏ خجل في بدايتها‏,‏ وظمأ عندما ينتهي حتي أدمن جسدي مداعباته‏,‏ وأعتقدت انه لو امتنع عنها أو قصر فيها لساورني الخوف انه لم يعد يحبني بنفس القدر‏.‏
وفي غمرة نشوتي بتذوق الحب رأيت الأخري وهي تترحم علي في شماتة‏..‏ وبوغت بنبوءتها‏,‏ ان تماديه في مداعباته وتصريحي له بالاستسلام المطلق‏,‏ ومشاركته اللذة سيجعله يلهو بي قليلا ويهجرني‏,‏ ولن يرتبط بي مهما وعدني‏...‏ فالمرأة باستسلامها للرجل تضع مصيرها بين يديه‏,‏ ولا تجد الوسيلة التي ترغمه علي التصرف طبقا لرغباتها‏,‏ فالحب مصيدة لجذب المرأة للجنس‏...‏ ثم أطلقتها قنبلة‏,‏ ان الرجل يصاحب بعقلية القرن العشرين‏,‏ ويتزوج بعقلية القرون الوسطي‏...‏ دوت صفارة الانذار في أرجاء نفسي‏...‏ هربت منتفضة من الغارة‏,‏ يجب ان أحد من تورطي معه طمعا في حسن نواياه‏,‏ وأن يفعل شيئا يدلل علي صدق نواياه‏,‏ يذهب لأسرتي وسأقبله حتي ولو معدما فيكفينا حبنا لمواجهة كل شيء في هذه الدنيا الجميلة التي نعيشها أنا وهو فقد تعودت عليه‏.‏ هل أخبره بظنوني وأنا مقتنعة بإخلاصه فيما وعدني؟‏!‏ إلا انني تركت مسافة نفسية تعادل مقدار ما تغلغل في نفسي من الهواجس والظنون‏...‏ تباعدت عنه‏,‏ وصرت حذرة في تصرفاتي معه‏.‏ لم أجسر علي مصارحته بنبوءة الأخري‏..‏ قاومت شوقي اليه بشجاعة تعجبت منها‏,‏ فلاحظ تغيري نحوه‏..‏ صارحته بخوفي علي مستقبلنا‏,‏ غضب وثار لسوء ظني به‏...‏ صفحة وجهه الهاديء تفجرت بركانا عاتيا‏...‏ قرر مقاطعتي‏...‏ حاولت التماسك‏,‏ وإبداء عدم الاهتمام إلا انني وجدت نفسي عندما شرع في تنفيذ ما قرره استرضيه بما تملك الأنثي من أسلحة‏...‏ لم يستجب ولأول مرة أجد وجهه خاليا من أي تعبير عند قراءته‏.‏ شرعت في استعمال أقوي أسلحة النساء‏...‏ بكيت‏,‏ تصنعته في البداية إلا انه بدأ يهطل بغزارة عندما تصورت حياتي بدونه وضياع الأماني والسعادة التي عشناها معا‏.‏
بدأ يستجيب ببطء‏...‏ حفزته علي مداعبتي‏...‏ أحسست كأني أحرزت نصرا غاليا في موقعة حربية عندما بدأ في ذلك‏.‏
وسط فرحتي بعودتي وجدت الأخري تحذرني انه أمكن السيطرة علي لأنني أظهرت استعدادي أن أهبه نفسي سعيا لارضائه وإقناعه عندما تخونني الحجة‏,‏ وهذا ما تفعل النساء جميعا عندما يقعن في الحب دون أن يثقن بمن يحبونه‏.‏ لكن سلوكه يمنحني الثقة‏,‏ وغضبه مني لسوء ظني به ولد عندي مزيدا من الثقة به‏.‏
بعد فترة وجدته يتغير‏...‏ يسامر فتيات غيري من الزميلات الجدد‏...‏ أخذت الغيرة تتملكني‏,‏ تطحنني بين رحاياها‏...‏ ضحكاته معها أشعلت نار الغيرة بعدما كذبت نفسي في البداية‏...‏ هل يتركني من أجلها بعد كل هذا وبعد ما أعطيته من تنازلات؟
أتحبه مثلي‏,‏ أم هي أجمل مني‏,‏ أم انه مل العلاقة معي؟‏!‏ ألمحت اليه فأكد لي انها مجرد زميلة جديدة تحتاج المساعدة لكن الشواهد تؤكد غير ذلك‏.‏
طلبت منه أن يخطو خطوة تجاه تحقيق حلمنا‏...‏ رأيت في صمته وعينيه تخاذلا وفتورا‏...‏ بدأ حديثه بتذكيري بحبه وعلاقتنا‏,‏ وربط بينها وبين النواحي المادية‏,‏ فهو في السنة النهائية وسيخرج لمعترك الحياة‏,‏ ينبش بأظافره علي مكان له في الحياة‏,‏ فلم تعد شهادة التخرج تصريحا لمستقبل أفضل انما أصبح التعليم هدفا في حد ذاته حتي ان غير المتعلم متفوق ماديا علي نظيره المتعلم في معظم الأحيان‏.‏ ومن منطق حبه لها وعدم أنانيته في ظل عالم مادي لا يأمل في أن تشقي معه في أول صراعه مع الحياة‏.‏ هل أهون عليه بهذه البساطة ويحاول التهرب مني بدعوي شقاء الحب عندما يهبط لأرض الواقع المرير‏,‏ فلم تعد اللقمة تكفي ولا يسع عش العصفورة المحبين؟‏!‏
هل دائما المرأة هي الطرف الأناني في كل قصة حب‏.‏ تبيعها من أجل المال‏.‏ تعيش وتسعد بأجمل المعاني النبيلة معه ثم تنفصل عنه عندما يبدأ في مصارعة الحياة‏.‏ وتستنكف أن تكافح معه لبناء المستقبل معا ليحميا حبهما من عثرات المادة؟‏.‏ هل بعد كل تنازلاتي معه لم أعد أصلح زوجة له‏,‏ فلن أكون أمينة عليه وعلي أولاده؟‏!‏ فما أهون المرأة التي تضع نفسها في هذا الوضع‏.‏ عرضت عليه مرغمة الزواج العرفي دون التزامات مادية هناك الكثير من الزملاء والزميلات علاقتهن شرعية حتي تقوي شوكته في الحياة ونستطيع أن نعيش في النور فرفض مستنكرا الفكرة مني‏,‏ فعلاقتي به يجب أن تكون في وضح النهار‏,‏ وهو لن يسمح لها بهذا الوضع المهين‏,‏ فكم يحدث في هذا الزواج من مهازل‏,‏ فهو الحلال المحرم الذي ينقصه الاشهار وإلا أصبح كالحرام الذي يخشي أن يطلع عليه الناس‏.‏
صرت في حيرة من أمري‏,‏ أهو حريص علي أم أنها محاولة ذكية للهروب مني بعدما ملني وزهدني‏,.‏ صرت كأسا تجرعه عن آخره‏,‏ وقد هرع لغيره في نهم السكاري‏.‏ فالجنس كشرب الماء المالح‏,‏ لا يزيد المرء إلا عطشا‏.‏ هل استطيع أن أعيش بدونه وأنا ضعيفة هشة تنكسر من أول صدمة‏.‏ ان الصلادة تكتسب من كم الصدمات التي عاشها وتحملها الانسان‏....‏ فالضربة التي لا تميت تقوي‏.‏ يجب أن أكون أقوي لأعود‏,‏ واحترم نفسي بعدما عرضتها للمهانة والذل‏.‏
ورويدا بدأ ينكشف الجانب الآخر منه‏...‏ كانت علاقتي معه مفخرته بين أصحابه‏,‏ ومقدرته علي الايقاع بأي فتاة مهما كانت فهم يتسابقون علي الدفعات الجديدة من الفتيات‏,‏ ومفتاحهم مساعدتهن في أول عهدهن بالجمعة كما حدث معي‏....‏ وهكذا‏...‏ أشواك تنغرس في قلبي من نظراتهم الرخيصة‏....‏ الكل يمني نفسه بتنازل مني وكأني صرت بيتا للتنازلات‏.‏
هل هنت عليه لهذه الدرجة‏....‏ هل كان ادعاء الحب وسيلة للتنازل‏,‏ هل انتقم منه فأفضح نفسي أكثر‏,‏ أم أوضح حقيقته لمن تركني من أجلها؟ وهل ستعميها حلاوة الحب ونشوته عما يرمي اليه‏,‏ أو انه سيجد غيرها ممن يصدقنه؟‏!.‏
ومن بين غياهب الحقيقة المؤلمة وتتلاطم أمواج الغدر كان طوق نجاتي‏....‏ أحد أقاربه كنت محط اعجابه من قبل علاقتي به إلا ان علاقتي بمدحت كانت تمنعه من التصريح لي بحبه‏,‏ وبعد ما حدث وجد الطريق مفتوحا أمامه‏...‏ حاولت التشبث به بمزيج من الشك والرغبة في الخروج من سطوة مدحت‏..‏ فهل حبه حقيقي برغم معرفته بما حدث مع مدحت‏.‏ كان مدخله لي سببا في تمسكي به‏,‏ فهو يسعي للاقتران بي‏,‏ لكن هل من السهل علي القلب التحول من شخص لآخر هل تشبثي به صون لكرامتي أم نقمة علي نفسي وعلي حبي؟‏!‏ وهل يعتبر هذا ميلادا جديدا‏,‏ أم انه انسلاخ عمن أحبه‏,‏ فلا يظهر ضعفي جانبا أمامه وأمام نفسي لأنني لم أقم حدودا لنفسي بعيدة عنه حتي لا أذوب فيه ولا أستطيع الانفصال عنه مطلقا‏!‏
انغمست في علاقتي به وكأنه هو‏,‏ فهل حفزنتني علي ذلك مقدرته المادية‏,‏ وحديثه الدائم عن قرب الاقتران به؟ إلا ان سؤالا أصبح يساورني بين لحظة وأخري‏,‏ ولا أستطيع منه خلاصا‏,‏ من المؤكد انه يعرف علاقتي به فكيف يقدم علي علاقته بي؟‏!‏
أجابتي أوقعتني في حيرة وريبة في أغراضة‏...‏ هل طمع في مداعبتي كما كان مع مدحت؟‏!‏ إلا ان اجابته جعلتني أهدأ من ناحيته وأقلل من مخاوفي نحوه‏,‏ فحبه سبق علاقتي بمدحت‏,‏ ولكل انسان خطأ‏,‏ ولا يجب أن نقف عنده وإلا أصبح هذا الفشل الحقيقي‏...‏ واستطاع بحبه وحلمه في الاقتران بي أن يتجاوز علاقتي بمدحت حتي وإن لم استطع أن أشفي تماما منه‏.‏
كان سمير واثقا من نفسه‏.‏ لديه وسائل اقناع عديدة وجريئة‏.‏ كان دوما يجهض آرائي‏..‏ يفرض نظرياته‏,‏ حتي عندما أردت أن أضع حدودا لنفسي متجنبة أخطاء علاقتي السابقة‏...‏ أسعدني احتواؤه لي رغما عني‏,‏ فما أجمل أن تعيش المرأة في كنف رجل قوي الفكر والجسد‏.‏ لكن الشيء المثير للعجب ان الاخري لم تعد تعارضني وكأنها رفعت الوصاية عني‏.‏ فهل أنا سعيدة بذلك أم حزينة لفقدها وكأنني ينقصني شيء‏....‏ هل سأمتني ام أيقنت عدم استجابتي لآرائها‏,‏ ام اطمأنت لعلاقتي بسمير‏.‏ بدأت أشعر في حبه بالغربة بعد ان تركت وطني رغم مشاعره المتدفقة نحوي‏,‏ وغزارة عبارات الغزل التي يصبها علي‏,‏ إلا ان كلمة واحدة من مدحت كانت تعادلها جميعا فهل حقا لا يكون الحب إلا للحبيب الأول‏!..‏
كل تحركتنا من خلال شخصيته والتأثر بها‏,‏ فما اقسي ان تخرج المرأة من حياة من تحب‏!...‏ فخوفها من بعده يسلبها توازنها‏,‏ ويحرك نيران غيرتها فتستميت في اطفائها بشلالات من الحب‏.‏ فقد كان الوحيد الذي أشعرني بأنوثتي‏,‏ وأخضعني لسيطرة مشاعره‏,‏ وهو الوحيد الذي يملك شفرة طلاسمي‏,‏ فنظراته كانت تنفذ الي أعماق روحي‏,‏ وتجدد شهادة ميلاد أنوثتي‏.‏ روضت نفسي علي الحياة مع سمير‏,‏ من أحبني بعد أن تخلي عني من أحببت‏.‏ وكأن الماضي مشنقة الحاضر‏...‏ كانت والدته علي دراية كاملة بعلاقتي بمدحت‏...‏ وترفض ارتباط سمير بي‏...‏ كان لا يعبأ برفضها‏...‏ ويعتبرني كالسجين الذي يجب أن ينال فرصة بعد مضي وقت‏,‏ عقوبته فلا يعاقب مرتين‏.‏ وقد نلت عقابي بعذاب قلبي وخديعة مدحت‏,‏ وسوء سمعتي بين الناس‏,‏ وما ينالني من أحاديثهم ونظراتهم القاسية‏.‏
لكن المرأة تتزوج أهل زوجها قبل زوجها نفسه‏...‏ فهم منبعه الذي نشأ فيه‏,‏ ونبع منه‏,‏ وطبعوا عليه‏....‏ يجب ان يرضيهم حتي يرضوا عنه ويرضي عنها‏...‏ فتمسكت بموافقتهم علي الزواج وإلا انقلبت حياتي جحيما‏,‏ حتي ولو كان زوجها مقتنعا بها حاليا فسيخضع لرأيهم مستقبلا‏.‏ قررت أن أصون كرامتي وأرفضه قبل ان يرفضني ويتخلي عني كما تخلي عني من أعطيته كل أحلامي وعواطفي لعلي أحفظ ما بقي لي من كرامة إن كانت بقيت لي كرامة‏.‏ وسأترك الايام تدفن ذكرياتي وأخطائي‏.....‏
إلا أنني قد دفنتها بزواجي من طالب زواج بلا مؤهل ويعمل في أعمال حرة‏.‏ تزوجته هربا بسمعتي بعد كل ما مر بي‏,‏ وقد اعتبرته ميلادا جديدا زهيدا وبخسا لتطلعاتي وسط تطلعات الاخري الصامتة‏.‏
السيد سعيد علام
العمار طوخ قليوبية
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.