ظلت تطاردها صورة أمها وهي تبكي حزنا علي ابنها الذي خرب بيته بيده ونحيبها عندما زاد الابن من قسوته وترك بلدته ورحل للاقامة ببلدة بعيدة مع محبوبته التي باع من أجلها زوجته وأم أبنائه الثلاثة.. وتلك اللحظة الأكثر قسوة علي رئيفة عندما أسلمت الأم روحها لبارئها حزنا علي مستقبل ابنها. فارق النوم عيني الابنة.. وعاشت في عذاب لما يقرب من شهرين.. قررت بعدها أن تنتقم ظنا منها أن أمها سوف تهدأ في مرقدها.. ولأنها تعرف ظروف عمل شقيقها ومواعيده عقدت العزم علي زيارته أثناء غيابه عن البيت.. وتوجهت إلي كفر الغنيمي حيث يقيم مع زوجته الجديدة لم تتسلح رئيفة بأي سلاح فالحقد الذي يملأ قلبها أقوي من كل الأسلحة.. وطرقت الباب ففتحت لها العروس بابها وأحضانها ظنا منها أنها جاءت لتفتح صفحة من الود معها.. إلا أن الأخت لم تكن تري سوي صورة أمها وهي تلفظ آخر أنفاسها بين يديها وعبثا حاولت العروس وتدعي هدي أن تزيل سوء التفاهم الذي نشأ بين زوجها وأسرته وتبرر له تصرفاته.. ورئيفة لا تسمع شيئا ولم تذهب لبيت أخيها لتتعرف علي ظروفه.. أو قصة الحب التي جعلته يترك زوجته وأبناءه الثلاثة.. وانقضت علي العروش وأطبقت علي رقبتها بكلتا يديها ولم تتركها إلا عندما فارقت الحياة, ولم تكتف الابنة بذلك لكنها جلست تفكر في التخلص من الجثة حتي هداها تفكيرها إلي وضعها في ملاءة سرير وحملتها فوق كتفها متوجهة إلي جسر ترعة القرية وأشعلت النار فيها ووقفت من بعيد ترقب الموقف حتي تحولت إلي رماد.. وعادت رئيفة لبيتها الذي كانت تقيم فيه مع والدتها ونظرت إلي غرفتها وكأنها تطمئنها ثم دخلت غرفتها ونامت نوما عميقا.. وعندما عاد العريس إلي منزله فوجئ باختفاء عروسه فأسرع بإبلاغ اللواء علي أبوزيد مدير المباحث الجنائية الذي أخطر اللواء محمد كمال مدير الأمن, وتم تشكيل فريق بحث بإشراف العقيد محمود جمال رئيس فرع البحث وضم المقدم محمد الحسيني رئيس مباحث منيا القمح, حيث أشارت التحريات إلي المجني عليها ليست علي خلاف مع أحد وأنها تعيش مع زوجها حياة هادئة. وأضافت التحريات بأن أسرة الزوج منقطعة عنه منذ زواجه.. كما توصل رجال المباحث إلي معلومة تفيد مشاهدة سيدة في مقتبل العقد الثالث تحضر لزيارتها وتنصرف في ساعة متأخرة من الليل وهي تحمل لفافة كبيرة علي كتفها.. وبمطابقة أوصاف الزائرة تبين أنها تنطبق علي الشقيقة الكبري للزوج فتم استدعائها.. وبمواجهتها بما أسفرت عنه التحريات اعترفت بارتكابها الواقعة انتقاما لوفاة امها حزنا من تصرف شقيقها.. حرر الرائد عبدالمنعم علاء محضرا بالواقعة وأمرت النيابة بحبسها علي ذمة التحقيق.