في ظل مناخ سياسي شديد الاحتقان يعيش المصريون أياما فاصلة تتحدد بها ملامح المستقبل باستعدادات مكثفة للاستفتاء علي الدستور الجديد, والذي اذا كان الاستفتاء عليه بنعم ستعقبه بشهرين انتخابات مجلس الشعب. فهل يؤثر انشغال القوي السياسية بالصراعات الدستورية الحالية علي استعدادهم للانتخابات ومنافسة خصومهم لتتكرر نتيجة البرلمان السابق بعينها؟.. أسئلة طرحناها علي بعض المواطنين وممثلي هذه الأحزاب والخبراء السياسيين لنستشرف مستقبل الحياة النيابية المصرية بعد الدستور الجديد. المواطنون من جانبهم اختلفوا حيث توقع الغالبية حصول التيار الاسلامي علي نصيب الأسد بينما رأي البعض انخفاض شعبيتهم, في البداية يقول أمين أحمد موظف بإحدي الشركات إنه يميل إلي التيار الإسلامي الذي يهدف إلي تطبيق الشريعة, مشيرا إلي نيتهم الخالصة في الحفاظ علي الوطن ما يجعله سيصوت لصالحهم في مجلس الشعب المقبل. وأكدت صفاء نور الدين طالبة جامعية تأييدها الكامل للتيارات الدينية و جماعة الإخوان المسلمين لكونهم جماعة منظمة و تدرس خطواتها جيدا و تتخذ قراراتها بمبدأ الشوري و بالتالي تأتي قراراتهم غير فردية و بعيدة عن المصالح الشخصية فهم يعملون من أجل نصرة دين الله وإصلاح المجتمع بالإضافة إلي كونهم تيارا وسطيا غير متشدد من الناحية الدينية. وأشار محمد نبيل موظف بإحدي الشركات إلي أنه سيصوت لصالح التيار الديني في مجلس الشعب القادم لأنهم واقعيون و لا يتحدثون بقدرما يفعلون مع اتخاذهم خطوات جادة لمساعدة الفقراء و المحتاجين. وقال محمد إبراهيم طالب جامعي ان حزب الحرية و العدالة هو الأقدر علي تولي الحكم و التعبير عن الشعب المصري داخل أروقة مجلس الشعب, بالإضافة إلي قدرتهم علي الانتشار و الوصول لفئات المجتمع في القري والمحافظات والمناطق النائية, وعلي الجانب الآخر فالتيارات الأخري تناقد نفسها فنجد أن حلفاء اليوم هم من كانوا يتصارعون الأمس مما يؤكد أنهم يسوا أصحاب مباديء بل يسعون لتحقيق مكاسب شخصية. و قال حيدر محمد محامي أنه لن يصوت لصالح الأغلبية في مجلس الشعب حيث لابد من وجود نوع من التوازن بين التيارات حتي يمكن محاسبة الحكومة, مشيرا إلي أنه سيصوت لصالح الأحزاب غير الحاصلة علي نسب تصويت مرتفعة. وأوضح مرسي الأدهم محام أنه لابد من منح التيار الديني الحاصل علي أغلبية الأصوات حقه في الحكم الديمقراطي كما أن الفرصة لم تسنح بتقييم آدائهم في مجلس الشعب المنحل فلنجدد لهم الفرصة من جديد. و في المقابل قالت علا نبيل مدرسة إنها غير مقتنعة بأداء التيارات الدينية, مشيرة إلي أنها ستصوت لصالح حزب مصر حرة الذي يرأسه الدكتور عمرو خالد لانشغاله بهموم المواطنين و حرصه علي التغيير. و أكدت نانا عادل أنها ستصوت لصالح الأحزاب الليبرالية لأن, كما ان الأحزاب الدينية لم تنجح حتي الآن في إحداث تغيير ملموس يشعر به المواطن البسيط فالشعب مازال يعاني من ذات المشكلات التي طالما عاني منها قبل ثورة25 يناير. و أوضح أحمد جمال الدين موظف أنه سيصوت لصالح التيارات المدنية لكرهه لجماعة الإخوان و لاختلافه معهم. و قال حمدي إبرهيم محاسب إنه لا ينتمي لتيار دون الآخر و بالتالي فهو سيرشح من يعتقد أنه يعمل لصالح البلد. و أوضح أحمد حجاج سايس أنه لا يهتم بانتخابات مجلس الشعب و لا يفضل حزب بعينه فهو لا يتمني سوي تحقيق الاستقرار و انهاء حالة الفوضي و القضاء علي البطالة و الفقر والجهل في المجتمع المصري. ممثلو القوي السياسية من جانبهم أكدوا أن الأغلبية ستكون لهم لكنهم وقفوا ذلك علي ضمانات للنزاهة فيقول شادي طه نائب رئيس حزب الغد أن معركة الدستور تختلف عن معركة الانتخابات البرلمانية التي اعتبر الحديث عنها حاليا مبكرا جدا مشيرا الي أنه في حال التصويت ب نعم لمسودة الدستور الجديدة لن يوقفها عن الاستمرار في معركتها السياسية رغم اليقين بأن هذا الدستور لن يعيش يوما واحدا بعد ترك الرئيس الحالي للسلطة. وبالرغم من اصراره علي أن الوقت لا يزال مبكرا جدا غير أن شادي طه أكد أن معركة البرلمان هي معركة أخري الهدف منها الحفاظ علي مدنية الدولة مما يلزم القوي السياسية المدنية بالمشاركة فيها. ويؤكد عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أنه علي الرغم من أن معركة القوي السياسية الديمقراطية حاليا في حشد الشعب للتصويت ب لا علي مسودة الدستور الجديدة لرفضها الا أنه في حال ما اذا جاءت النتيجة ب نعم وتم اقراره فستجري الانتخابات وستشارك فيها هذه القوي التي تضم جبهة الوطنية المصرية بما فيها من أحزاب وحركات سياسية مثل حزب الدستور والكرامة والتيار الشعبي والتحالف الاشتراكي والجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية مشيرا الي أن العمل بين الناس علي أرض الواقع لم يقطعه الانشغال بمعركة الدستور وانما كان يتم بالتوازي معه حيث الرغبة الكبيرة في الحصول علي الأغلبية النيابية في ظل زيادة الوعي الشعبي والرقابي. وأوضح شكر أن الواقع المصري شهد تطورات كبيرة خلال العامين الماضيين وتحديدا منذ الانتخابات البرلمانية الأخيرة حيث تراجعت شعبية قوي تيار الاسلام السياسي بتحميل المواطنين لهم مسئولية الفشل في الأداء والتدهور الحادث في كل القطاعات بالاضافة الي أن قطاع الشباب الذي انضم بكثرة للعمل والاهتمام بالشأن السياسي قد ساهم في مد جسور التواصل بين القوي الديمقراطية والمواطنين قائلا: نحن لم نكن جالسين في بيوتنا طوال الفترة الماضية ولكننا اشتغلنا في الشارع وسنجني ثمرة ذلك في الانتخابات المقبلة ويقول شهاب وجيه عضو المكتب السياسي لحزب المصريين الأحرار حتي الان لا يوجد قرار رسمي في الحزب بشأن المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة لكن أغلب الظن أننا لن نشارك حيث الضمانات المطلوبة للنزاهة ليست متوفرة سواء في مسودة الدستور الجديدة أو شكل قانون الانتخابات الجديد غير أنه أكد جاهزية الأحزاب والقوي المدنية لخوض أي منافسة انتخابية مع تيارات الاسلام السياسي خاصة في ظل انخفاض شعبيتها. وأشار شهاب وجيه الي أن خيار المشاركة سيتوقف علي ضمانات النزاهة المتوافرة مؤكدا أن معركة الدستور لم تشغل القوي المدنية ولم تسحب من رصيدها في الشارع. ومن جانبه أوضح يسري العزباوي خبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أن من المؤكد حصول التيارات الإسلامية علي غالبية مقاعد مجلس الشعب المقبل, نظرا لانهاك قوة التيارات المدنية في قضايا أخري مثل رفض الإعلان الدستوري و رفض الدستور الجديد و هو الأمر الأكثر خطورة بالنسبة لهم, مشيرا إلي أن هذا ما حدث في مجلس الشعب المنحل حيث انشغال التيارات المدنية و الليبرالية بالميدان و الاحتجاجات المستمرة حتي خسروا مقاعدهم بالبرلمان. وأوضح عثمان محمد عثمان رئيس قسم العلوم السياسيية بجامعة6 أكتوبر أن في حال التصويت ب نعم علي المسودة النهائية للدستور فمن القرر إجراء انتخابات البرلمان خلال شهرين من ظهور نتيجة الانتخابات حيث من المؤكد حصول الأحزاب الإسلامية علي النصيب الأكبر فيه لكونها الأحزاب الأكثر قوة و تنظيم و القدرة علي حشد الأصوات بالإضافة إلي استعدادها منذ فترة طويلة لهذه الانتخابات, بينما في حال محاولة الأحزاب الأخري اللحاق بالمنافسة الانتخابية و العمل علي حشد الأصوات في هذه الفترة الوجيزة فمن الممكن حصولها علي قدر معقول من المقاعد.