مع احتدام الجدل حول مصير اللاجئين السوريين في ظل المحنة التي يمرون بها من تشتت في دول الجوار وحول العالم, تعددت التقارير الصحفية والإعلامية التي تناقش هذه القضية الإنسانية الكبري. التي ما كان ينبغي لها أن تكون علي هذه الصورة المفجعة والمؤلمة, من مزايدة البعض علي الدور الذي يقومون به لإيواء الأشقاء السوريين الفارين من جحيم الأسد, واهتبال البعض الآخر من الانتهازيين لما اعتبروه فرصة ذهبية لتجديد فراشهم بالزواج من القاصرات السوريات, بحجة الإسهام في توفير الملاذ الآمن لهم, بشرط الزواج, وهو ما انبري إليه عدد من الرجال الذين تعوزهم المروءة إلي الإفتاء بدعوة المسلمين إلي كفالة السوريين بالمصاهرة, إلي إعلان بعض دول الجوار لعدم قدرتها علي استضافة من لديها من لاجئين لقلة الحيلة ولضعف ذات اليد, يتكشف المعدن المصري الأصيل في هذه المحنة. الأرقام الرسمية تقول إن مصر استضافت ما يزيد علي ال150 ألف لاجئ سوري ممن تمكنوا من الوصول إليها, دون مزايدة ولا تصريحات إعلامية, ولا تصوير ولا من ولا أذي, وهو عدد كبير إذا ما أخذنا في الاعتبار عدم وجود حدود مشتركة مع الشقيقة سوريا, ومصر قادرة بإذن الله علي استضافة المزيد والمزيد منهم, لا عن قدرة مالية, وإنما عن قناعة بحتمية اضطلاعها بهذا الواجب الديني والوطني والعربي تجاه أشقاء يمرون بزلزال سياسي واجتماعي في بلادهم, وبرغم ما تمر به مصر من أزمات في كل شيء, ابتداء بالغاز والبنزين والسولار والكهرباء والتمويل وغيره, والإخوة السوريون الذين وصلوا إلي مصر لم تحدد إقامتهم في معسكرات لاجئين ولم يمنعوا من العمل والتجارة, بل حلوا علي ديارهم ووسعتهم صدور المصريين بكل الحب والمودة وذابوا بيننا بكامل حقوقهم الإنسانية. قد لا تكون ظروفنا الحالية مهيأة لنصرتهم بالعتاد والسلاح والمجاهدين المتطوعين, ولكن المصريين احتووا أشقاءهم السوريين كأقل ما يمكنهم تقديمه لهم في محنتهم التي نرجو أن تمر بسلام ليعودوا إلي وطنهم سالمين بإذن الله, بعد انكشاف الغمة ورحيل الأسد وطغمته الظالمة. لم نسمع من أحد من المسئولين تصريحا واحدا حول هذا العدد الكبير من السوريين الذين لجأوا إلينا, ولو تضاعفت أعدادهم عما هو عليه الآن, ولم نقرأ في أي من الصحف عن شكوي من الأشقاء السوريين, ولا أظن أن أحدا منهم سيشكو في مستقبل الأيام لأن المصاب واحد, فالجرح السوري يؤلم كل المصريين.. نتألم لسوريا ونرجو لها السلامة.. ونصر الله قريب. [email protected] رابط دائم :