حملات مكثفة تقوم بها شرطة المرافق للقضاء علي الباعة الجائلين المنتشرين في محافظة القاهرة وخاصة علي الخط الأول لمحطات مترو الأنفاق وعلي الرغم من تحرير المخالفات ومصادرة البضائع ووضعها في مخازن الأحياء التابعين لها إلا أنهم يعودون في اليوم التالي للجلوس في أماكنهم بعد دفعهم الغرامة الضعيفة المكررة, في تحد مستمر للقانون ويكون دائما المواطن هو الضحية الذي يتعرض لجرائم السرقة والتحرش الجنسي,وأحيانا أخري يتعرض لإصابات مختلفة من شدة الزحام وتكدس المواطنين وجرائم أخري وأحداث متعددة ترتكب يوميا ضده, وفي النهاية لايجد من يعيد له أمواله وممتلكاته التي فقدها وسط الزحام الذي صنعه الباعة علي محطات المترو.فمتي تنتهي لعبة القط والفأر بين الشرطة والباعة للحفاظ علي كرامة المواطن؟ هذا التحقيق رصد الظاهرة وكانت هذه المحصلة. في البداية يقول أحمد عبد النعيم( موظف) إنه من ركاب المترو الدائمين يوميا بسبب عمله في منطقة وسط البلد واقامته في المرج الجديدة حيث يواجه صعوبة بالغة بعد النزول من المترو لوجود باعة جائلين علي رصيف المحطة مما يؤدي الي الزحام الشديد للوصول الي ماكينة التذاكر مشيرا إلي أنه يجد صعوبة أيضا في الخروج إلي الشارع نظر لاحتلال الباعة المنطقة المحصورة بين ماكينة التذاكر وبوابة الخروج مما يؤدي إلي تلاصق المواطنين وبعضهم البعض وحدوث حالات كثيرة من التحرش الجنسي حيث تكون منطقة الخروج مكانا خصبا لاعتداء الشباب صغير السن علي السيدات والفتيات. لافتا إلي أن الشرطة فشلت في إزالة البائعين لان بعضهم يحمل أسلحة متنوعة فضلا عن أن بعضهم مسجل خطر في قضايا مختلفة. ويؤكد صديقه عبد الحميد خليل موظف أيضا أنه تعرض لسرقة حافظة نقوده في نفس المحطة لوجود لصوص مندسين بين الركاب عند الخروج من ا لبوابة ولم يشعر بالسرقة إلا بعد صعوده سيارة الميكروباص لدفع الأجرة مشيرا الي أنه عندما عاد الي المحطة للبحث عن اللص وإبلاغ الشرطة, فوجيء بعدم وجود أي فرد من أفراد الشرطة في المكتب المخصص لهم في المحطة وأنتظر داخل المكتب أكثر من20 دقيقة لحضور أحدهم لتحرير محضر دون جدوي مما جعله ينصرف وهو في حالة نكد علي أمواله واتفقت معه فاتن ياسين طالبة في كلية التجارة جامعة عين شمس قسم اللغة الانجليزية أنها تعرضت لسرقة تليفونها المحمول و نظارتها الشمسية وحافظة نقودها من شنطة يديها التي كانت تحملها علي كتفها حيث قام اللص بفتح حقيبتها أثناء الزحام وتدافع الركاب للخروج الي الشارع وتدخلت أميرة أبو حرام موظفة في وزارة الزراعة وقالت إنها تعرضت لسرقة راتبها الشهري بعد ساعات قليلة من صرفه من خزينة الوزارة وذلك أثناء مرورها علي كوبري الدمرداش بعد خروجها من محطة المترو لكثرة الباعة علي الكوبري والذين يمثلون مشكلة حقيقية للركاب تبحث عن حل من المسئولين ورجال الأمن. وأعلن أحمد كمال طالب في الصف الثاني من المرحلة الثانوية أن وجود الباعة بكثافة داخل محطة المرج الجديدة أدي لسقوط تليفونه المحمول علي الأرص ومن شدة الزحام لم يستطع العثور عليه. وأوضح كامل سعد مصطفي( موظف) أنه تعرض لحادث سقوط علي الأرض وأصابه بشرخ في معصم يده اليمني بعد خروجه من محطة كوبري القبة بسبب غلق الباعة الجائلين الطريق المؤدي الي سلم الخروج وتدافع الركاب. وأكدت شيماء هاشم طالبة في المرحلة الإعدادية ان التحرش أصبح ظاهرة داخل محطات المترو وتزيد خارجها بسبب الباعة الذين يفضلون الوجود بكثرة خارج المحطات مباشرة مما تسبب في تعرض إحدي زميلاتها لحالة تحرش جنسي قام بها أحدي الصبية, وعلي الرغم من صراخها إلا أن الصبي لم يتحرك له ساكن وظل يضحك هو ومن معه في الوقت الذي ظهرت حالات السلبية علي ركاب المترو ولم يتدخل أحد لنهر وتوبيخ هؤلاء الصبية. المعيشة صعبة وتربية العيال( مش) بالساهل والدنيا( مفيش) فيها شيء رخيص وأبو العيال تركني وتزوج بأخري ورغم ذلك ندفع الغرامات للحكومة ونعطيها حقها بهذه الكلمات بدأت ليلي بائعة الفاكهة علي احدي محطات المترو كلمها فقالت ليس لي عمل أحصل من خلاله علي راتب شهري أنفق به علي تربية اولادي وكسوتهم في الشتاء والصيف وعلي طلبات المدارس والمدرسين, كما أنني ليس لدي ورث عن والدي وزوجي لم يتحمل مصاريف العيال وتركني أشيل الحمل لوحدي فلم أجد عملا أقتات منه سوي العمل الحر والوقوف في الشارع من أجل لقمة العيش رغم المضايقات الشديدة التي أعاني منها من الزبائن والبلدية مؤكدة أن العمل الحر مكسبه كويس لو تركونا( ناكل) عيش. وقالت أم سعيد التي تجاوزت العقد الخامس من عمرها إنها كانت تعيش( مستورة) مع أولادها الثلاثة وزوجها الذي كان يعمل في طائفة المعمار باليومية وأصيب بمرض مزمن جعله طريح الفراش في الوقت الذي تزوج نجلاها واستقلا بحياتهما الخاصة ودخلهما بسيط يكفيهما بالكاد. أما الولد الثالث فمازال في مرحلة الدراسة وأصبحت في موقف لا احسد عليه واقترضت بعض الأموال من بعض جيراني واقاربي واشتدت مصر وفات علاج زوجي واسودت الدنيا في عيني وبحثت عن أي عمل شريف يعينني علي أعباء الحياة فلم أجد فاقترحت علي أحدي قريباتي ببيع الذرة المشوي عند محطة المترو وبعد أكثر من عام ونصف العام من هذا العمل درست أحوال السوق ثم اتفقت بعد ذلك مع أحد تجار الفاكهة وبدأت ببيع نوع واحد فقط ثم توسعت وأصبحت أتاجر في أكثر من صنف وتغلبت بذلك علي الصعوبات التي كانت تواجهني واستطعت تسديد ديوني وتحمل مصروفات علاج زوجي المريض. ويري سيد بخات بائع نظارات علي كوبري محطة الدمرداش أن العمل الحر أفضل من أي عمل أخر لأنه هو رئيس نفسه كما لايوجد رقيب عليه لذلك فضل الوجود أعلي الكوبري رغم مساحته الضيقة نظر لان الحركة والرجل عليه كثيرة جدا من جميع فئات المجتمع ومن مختلف الأعمار السنية مما يجعله يرفض ترك المكان أو ذلك العمل الذي يدر له دخلا كبيرا علي حد قوله. أما حمودة ضاحي بائع حلوي فقال انه لم يتلق اي قسط من التعليم ولا يجيد القراءة أو الكتابة مما جعل فرصة حصوله علي عمل مناسب صعبة للغاية في قريته التابعة لمحافظة الفيوم مما دفعه لترك بلدته منذ تسع سنوات والحضور إلي القاهرة ليعمل كبائع متجول للأقمشة والجوارب الرجالي وبعد عامين وجد ضالته وصنع لنفسه فرشا علي محطة مترو حدائق الزيتون ليستقر ويكون أسرة, لافتا إلي أنه تعرض للحبس أكثر من مرة بعد أن ألقت الشرطة القبض عليه لوقوفه في مكان مخالف فضلا عن قيام البلدية بالتحفظ علي بعض الأقمشة ورغم ذلك يصر علي الوجود في مكانه علي مدخل المحطة. وأكد اللواء إسماعيل عز الدين مدير الإدارة العامة لشرطة المرافق أن الإدارة تعمل في اطار القانون وطبقا لتوجيهات اللواء أسامة الصعيدي مساعد أول الوزير لقطاع أمن القاهرة والمحافظ المهندس أسامة كمال بتنظيم حملات مستمرة علي الباعة الجائلين وخاصة علي محطات مترو الأنفاق وقمنا بأكثر من20 حملة أسفرت علي تطهير المحطات وإزالة المخالفات ونقل البضائع الي المخازن الا أن البائعين يعودون مرة أخري بعد تقديمهم طالبات لرؤساء الأحياء التابعين لهم في المحافظة ودفع الغرامة المقررة التي تتراوح بين50 الي100 جنيه ويحصلون علي بضائعهم ويتواجدون مرة أخري علي الرصيف لنعود لنقطة البداية مثل لعبة القط والفأر و لذلك فكرنا في تغليظ العقوبة واستبدالها من الغرامة إلي الحبس لردع البائعين إلا أن ذلك يحتاج إلي تشريع وقانون جديد ومن الصعب تحقيق هذا لعدم وجود مجلس شعب في الوقت الحالي وننتظر من الرئيس محمد مرسي إصدار القانون مضيفا أن البائع المتجول يفضل الوجود في الاماكن المزدحمة للترويج لبضاعته ولايجد أفضل من الميادين العامة ومجمع التحرير والشوارع الرئيسية ومحطات مترو الأنفاق وخاصة في الخط الأول حلوان المرج حيث يوجد نحو170 ألف بائع في القاهرة وحدها ولذلك لا نستطيع الدخول معهم في مشادات من اي نوع لعدم الاحتكاك بهم نظرا لان البائع يكون متحفزا للقيام باي شيء ضد قوات الأمن لاعتقاده أن الشرطة تسعي لقطع عيشه فضلا عن أن بعضهم يحمل أسلحة مختلفة قد تؤدي المواجهات الي حدوث إصابات من الطرفين لوجود عناصر مسجلة خطر في قضايا مختلفة يمتهنون هذه المهنة كما حدث في محافظة الجيزة بقتل أحد البائعين مضيفا أن الشرطة تبذل مجهودا رهيبا لإزالة التعديات وتقليل الظاهرة ومع هذا لابد أن تقوم المحليات ونواب المحافظ بدورهم بتوفير أماكن بديلة لهم.