الأمل أنشودة القلب المنشرح وأغنية العاشق للحياة, وهو بمثابة آلة الكمان التي يحتضنها العازف ويضعها علي صدره بجوار قلبه لتخرج النغمات الشجية المعبرة عن وجدان صاف لايعرف اليأس أو القنوط.. نحن في حاجة إلي الشعور بلحظة راحة تسقط سهوا من هذا الزمن الطاحن,وتهبط فجأة فتشعرنا بالراحة, وتجعلنا بتواضعنا واحساسنا بالحياة نعتبر الضيق سحابة صيف لاتمطر, وأن الأقوي منها الظل الوارف...التواضع فينا يجعلنا نفرح بكل بسمة وكل حنو, ولحظة راحة تسقط سهوا من زمن مرهق....إن التواضع فينا يجعلنا نشعر بإشراق السماء بأضواء يوم يأتي قبل الأوان, وهو الذي يذيب التعاسة والاغتراب والقلق ويطيب كل طعم مرير ويصير بفعل الأمل عذبا بين الشفاه...الأمل هو اكسير الحياة...وكأنه ينبتها إلي أن الغائب سوف يعود, وأن الأيام ستجعل الأحباب يعودون, وأن جسور الصداقة الحميمة التي طحنتها الأيام وجعلتها هشيما سوف ترجع مرة أخري, وكل ماكتبناه من القلب الي القلب لن يضيعها النسيان في كهفه المظلم المخيف ولكنها ستعود لكي نقرأها.. وهكذا يتلاشي من سمعنا وبصرنا ذلك الشئ الذي نقول عنه أنه الشئ الذي مضي ولن يعود! كل شئ جميل سوف يعود باذن الله وبفضل الأمل والتواضع لأن التواضع والأمل يعلمان الفرد كيف يدوس علي الصعاب ويرتفع بقامته فوقها, وعلينا أن نقاوم كل التيارات المعاكسة ونضرب بمجاديفنا في اتجاه الخير والحق, والي شاطئ الحرية والجمال, وصوب مرفأ العاطفة الانسانية النبيلة, حيث تلتقي كل العيون والايدي والشفاه والارادة والفكر ودقات القلب علي كلمة واحدة هي أن منتهي الأمل والتواضع في مواجهة الحياة يتكاملان فيما نبدع من أجل الحياة. هكذا تكون النظرة المتواضعة في الحياة والتي يحفها الأمل ويرتفع بها الي الاشراق فصناعة الأمل تعتمد علي احساس الفرد بطريقة متواضعة وهو يتعلل مع نفسه فيقدرها حق قدرها ولايتطرف في أمر تقديرها...ويحسب حساباته تحت مظلة هذا التواضع بحيث لايخرج علي السائد المألوف من التطلع الذي لا تواكبه قدرة. وهكذا تعد فكرة الفرد عن نفسه من أهم الصور الذهنية التي تداعب عملياته العقلية, ففكرة الشخص عن نفسه تمثل نظرته الي نفسه بوصفه مصدر العقل واساس التصرف والارادة, وتعتبر فكرة الفرد عن نفسه من أهم الزوايا التي قد تكون في بعض اللحظات( منتظمة) ودقيقة ولكن قياسها وتحديدها, وفي بعض اللحظات تكون( حرجة) بحيث تحتاج الي درجة من التعمق حتي يمكن ضبط زواياها وأبعادها. ونظرا لأن فكرة الفرد عن نفسه هي بداية الخطر النفسي اذا كانت فكرة متطرفة لاتعرف التواضع أو مغالية في أمر تقديرها, وهي أيضا بداية الخير اذا كانت تعتمد علي النظرة الموضوعية الثاقبة التي تعرف حدودها وتتجنب الأخطار وتبتعد عن عوامل الاسراف في الذاتية, ولعل ذلك يجعلنا نحدد أهم العوامل المسهمة في تقدير الذات بصورة سوية بعيدا عن عوامل المرض النفسي وذلك علي الوجه التالي: * أن يعرف الفرد امكاناته وقدراته, ويحسب حساباته فلا يتخطاها ويجنب نفسه الوقوع في خطأ الادعاء. *ان يحترم علاقاته مع الغير, فيكون شخصا عشريا يعترف بمودة الآخرين وأنه يحترم فيهم حرصهم عليه, ثم يقوم بتقديم الخدمات لهم, وأن يتجنب عوامل الأنانية وسياسة( أخطف واجري. * أن يضع لنفسه المعايير الخلقية التي يلتزم بها, ولا يحيد عنها مهما ضغطت عليه عوامل الماديات وضاقت به السبل فلا تضعف عزيمته ولا تستسلم لهذه العوامل الهشة فارادته الواعية تحركه دائما. والذي لاشك فيه أن التمتع بالمرونة والتفاعل من أهم الاستجابات المميزة للفرد خاصة في تعامله مع المؤثرات الجديدة, أو عندما يتعرض للمواقف والخبرات التي لم يعهدها من قبل. والشخصية المرنة تتعامل مع تلك المواقف والخبرات بطواعية لتفهمها بعيدا عن التطرف في تقدير الذات الذي يجعل أصحابه يرفضون أي تغيير مما يؤثر علي توافقهما واختلال منسوبها الانفعالي, فالشخصية المتطرفة جامدة مقاومة رافضة لاتعترف بالجديد ولاتفكر في الحلول البديلة الملائمة عندما تصطدم بمشكلة أو تصادفها عقبة من العقبات. ويلاحظ أن المرونة علاقة من علاقات التواضع والتكيف السوي مع التنبيه إلي أن المرونة تحتاج الي تدعيم حتي لايساء فهمها أو تقع تحت التصور الواهم الذي ينصاع الي سهولتها ورخاوتها. والواقع أن مايدعم المواقف الشخصية يتمثل في المرونة القوية التي تجعل صاحبها يتكيف مع المواقف الجديدة ويتقبل الخبرات غير المألوفة عليه بوعي وفكر وادراك بحيث ينتقي منها الملائم ويرفض غير الملائم, وهنا تكون المرونة مطلوبة فهي لم تحدث تغييرات جوهرية في شخصية صاحبها, أما المرونة المرفوضة فهي تلك التي تحيل صاحبها بمثابة العجينة الرخوة التي تترك نفسها للتشكيل دون مقاومة ودون وعي منها بمقدراتها وقيمها وأصولها. المرونة هذه لاتؤدي الي التغير السوي المطلوب بقدر ما تجعل صاحبها في صورة ممسوخة بعيدة عن التكيف السليم. وإذا كنا نتكلم عن التواضع الواعي والمرونة الفعالة الملائمة فإن التمييز بين الاختيار الواعي وبين المسايرة الخانقة من الأمور الضرورية, فهناك فرق بين المرونة الواعية والمرونة المهادنة..وهذا الفرق يتضح بجلاء عندما نميز بين الفرد الذي يعتمد علي الاختيار الواعي الذي يوظف فيه ارادته, وذلك الذي يختار سلوك المسايرة حتي يسير الأمور ولكي يجنب نفسه علي حد فهمه السقيم ووعيه القاصر كل المشكلات!! مثل هذه الشخصية المستسلمة تحاول أن تقنع نفسها بتجنب الصراع النفسي وهي علي حد تفكير اصحابها تحقق لهم ضربا من ضروب التوافق والمواءمة وهذا الاستسلام العجيب لاتفرزه الإ شخصية ضعيفة لاتعرف كيف تتصرف بوعي وحكمة وارادة, فنراها تلوذ بفن المسايرة الذي يعتمد علي( المراوغة وتسليك الأمور) وطمس الحقائق وسياسة اللي تغلب به العب به) وبطبيعة الحال مثل هذه الشخصية قد حكمت علي نفسها بالاضطراب وقلة راحة البال والتوتر النفسي. وفي ظل عرضنا لأهمية التواضع وعدم التطرف في تقدير الذات لاننسي أن الشخص الذي يتمتع بالصحة النفسية والقدرة علي التوافق هو ذلك الذي يتحمل المسئولية عن طيب خاطر, وهو الذي يسعي اليها إذا دعت الحاجة والضرورة ولايهرب منها حيث يمثل هروب الانسان من المسئولية علامة خطيرة من علامات اضطرابه النفسي....ان التواضع هو روح التفاهم والتفاعل السليم فلاخير في من ينظر الي الآخرين من عل فيري الناس صغارا ويراه الناس صغيرا!