لا شك في أن قرارات الرئيس مرسي قد جاءت متأخرة خاصة مع إعفاء وعزل كل أعوان النظام البائد في كل مراكز صناعة القرار وفي كل مؤسسات الدولة المختلفة الذين شاركوا في تفكيك كل مؤسسات الدولة المصرية وساهموا في سرقة ونهب أموال الشعب المصري تحت أعينهم وبموافقتهم في الكثير من الأحيان وبغض النظر في أحيان أخري عن الفساد فحولوا المصريين إلي مرضي وفقراء ومعوزين.. لايجدون أدني متطلبات الحياة. فكان ولابد أن تكون هناك قرارات ثورية وفي وقت مبكر منذ أن تسلم الرئيس السلطة حتي يتم تنظيف البلاد من كل أثار الفساد والمفسدين وكان علي السلطة الجديدة تقديمهم إلي محاكمات ثورية عاجلة تقتص منهم وتعيد للشهداء حقوقهم الذين قتلوا في ثورة25 يناير وعلي مدار ثلاثين عاما من وجود النظام البائد, وفي نفس الوقت مصادرة أموالهم وعودتها إلي خزينة الدولة حتي تتمكن من القيام بواجباتها تجاه الشعب الفقير والمقهور. وكون هذه القرارات قد جاءت متأخرة فكان لابد أن تنصب بالدرجة الأولي علي عزل النائب العام وشيخ الأزهر فكلاهما كانا ممن شاركا في إفساد الحياة السياسية وساهما في نشر وأنتشار الفساد في كل ربوع مصر إذا كانت هناك إرادة فعلية لدي مؤسسة الرئاسة لإصلاح حال البلاد, فلا يمكن أن يعزل فاسد من موقعه ويترك آخر فالكل سواسية في الفساد وإعانة النظام البائد وأعوانه في تخريب وتدمير البلاد. ولكن المشكلة تتمحور الآن في الإعلان الدستوري الجديد الذي أعطي الرئيس الحق في تحصين كل قراراته من المساءلة القانونية حتي لو كانت لا تتوافق مع تطلعات الأمة المصرية, سواء كانت في الجمعية التأسيسية التي لم تعبر بشكل حقيقي عن إجماع المصريين وسوف تأتي بدستور مشوه لايعبر عن تطلعات المصريين أو في مجلس الشوري المشوه الذي لم يعبر عن إجماع الشعب المصري والذي لم ينتخبه سوي7% من المصريين الذين لهم حق الإنتخاب وبدلا من أن تدافع مؤسسة الرئاسة عن مؤسسات الدولة المختلفة وتسعي في أن تكون مؤسسات مستقلة لا تتغول أي منها علي الأخري, فوجئنا برئيس الدولة يملك كل مؤسسات الدولة الرئيسية التنفيذية والتشريعية والقضائية, وفي سابقة خطيرة قد تحوله إلي ديكتاتور مستبد لا معقب علي قراراته, وهذا يضع الدولة المصرية في مهب الريح, ولأن حسن النية وتطييب خواطر الناس من قبل الرئيس غير كاف ولا يغني عن وجود القضاء الذي يحاكم الرئيس عند اللزوم من أجل الحفاظ علي دولة القانون وليس دولة الفرد التي جربناها علي مدار ستين عاما فكانت الكارثة وكانت المأساة. فلو كان الرئيس كما قال انه رئيس لكل المصريين لعامل كل التيارات المصرية جميعا علي قدم وساق ولجمع المصريين علي كلمة سواء تحت راية واحدة وهي حب مصر وفقط, ولخطب للمصريين المنقسمين علي أنفسهم من مكتبه في قصر الاتحادية, وليس الخطاب أمام فصيل واحد أمام الاتحادية, مما يعمق من الانقسام ويشد من أزر بقايا النظام البائد, من أجل إقامة وتدعيم دولة المؤسسات بعد ثورة25 يناير العظيمة ثم بعدها يبحث المصريون عن مصالحهم الشخصية وانتماءاتهم الحزبية. إن الخروج من هذا المأزق الحالي يقتضي تشكيل حكومة جديدة علي الحياد ليس لها علاقة بالأحزاب السياسية التي تمارس الانتهازية من أجل الحفاظ علي مصالحها الشخصية يتميز أعضاؤها بالكفاءة والاستقلال ونظافة اليد وحسن السير والسلوك, هدفها بالدرجة الأولي تنمية البلاد وتوفير الحد الأدني من متطلبات الحياة من خلال تطوير الأفكار وإنتاج أفكار جديدة مما يعطي للبحث العلمي اليد الطولي في تطوير البلاد وإعادة هيكلة المؤسسات من أجل أن تصب في مصالح البلاد بعدها تتنافس الأحزاب علي السلطة بعد زراعة البذرة ووضع اللبنة التي يلتف حولها الجميع من أجل تدعيم هذا البناء الذي يحافظ ويحمي المصلحة العامة للبلاد والتي ستنعكس إيجابيا علي مصلحة الشعب في كل مجال.