نشر الموقع الإلكتروني لجريدة اليوم السابع، مساء السبت الماضي، خبرا جاء فيه: (طالب د. عصام شرف، رئيس الوزراء الأسبق، بتغيير الجهاز الإداري للدولة بأكمله، قائلاً في كلمة له علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تعليقاً علي حادث قطار أسيوط: "يجب أن نواجه الحقيقة ونتحمل جميعاً المسئولية.. أطفالنا يموتون.".. وأضاف: "الآن يجب العمل علي مواجهة حاسمة وحقيقية مع كامل الجهاز الإداري للدولة"، وتابع: "يجب تغيير قوانين ونظم ولوائح وقيادات وشكل علاقات العاملين بالإدارة والاستحقاقات والجزاءات، وعلينا أن نصنع منظومة جديدة، ما هو قائم لا يمكن تحسينه أو تطويره.. الثورة جاءت من أجل إسقاط نظام وإقامة آخر، وما حدث ليس مشكلة في قطاع محدد بل هي مشكلة في كل قطاعات الدولة). ونشر صباح أمس، خبر جاء فيه: ( قال د. محمد محسوب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية، تعليقا علي قرارات الرئيس محمد مرسي، مساء أمس الأول، أنه يجب الانتقال لحالة دستورية لا تتركز فيها السلطة بيد واحدة.. التركز الحالي، سببه أخطاء الانتقالية، والقبول بجعل التشريع للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، وتأخير الدستور.. وأضاف د. محسوب - في تغريدة له عبر حسابه الشخصي "تويتر" - أنه عار علي من أيد انتقال السلطة التشريعية للمجلس العسكري، ووصايته علي التأسيسية، ويرفض الانتقال لحالة دستورية، أن يعتبر نفسه معلما للشعب.. وتابع قائلا: الديكتاتورية هي في رؤوس من يقبل إهدار الإرادة الشعبية، ويستميت لمنع الدستور لأسباب واهية، ويقاتل لتحقيق أهداف الثورة لكنه يتمسك بأعدائها). بين هذين القولين، نجد جوهر الحقيقة، ولب القضية التي يجب إيضاحها.. فمطالبة د. شرف بضرورة صنع منظومة جديدة، وتأكيده علي أن الثورة جاءت من أجل إسقاط نظام وإقامة آخر، وما حدث ليس مشكلة في قطاع محدد بل هي مشكلة في كل قطاعات الدولة.. يجعلنا نلمس واقعنا الحالي بكل ما فيه من سلبيات.. ويؤكد لنا صحيح حتمية التحرك الثوري الذي أقبل عليه الرئيس مرسي لتأصيل روح ثورة يناير، نافضا عن كاهله معوقات وعراقيل الثورة المضادة، ليتمكن من تحقيق أهداف ثورة الشعب في 25 يناير. أما ما ذهب إليه د. محسوب فكان قراءة صادقة للمشهد الذي تعيشه مصر الآن، حيث لخص الدرس فيما أورده في نهاية تغريدته: (الديكتاتورية هي في رؤوس من يقبل إهدار الإرادة الشعبية، ويستميت لمنع الدستور لأسباب واهية، ويقاتل لتحقيق أهداف الثورة، لكنه يتمسك بأعدائها.).. فليس من المعقول أن تتحقق أهداف الثورة بعقول وسواعد النظام البائد، والذين دأبوا علي تأجيج الثورة المضادة، ونجحوا في كثير من طروحاتهم وما أثاروه من أزمات، مستغلين حالة الاحتقان في الشارع المصري، وما زادها من تشكيك باستمرار رجالات النظام البائد في احتلال الكثير من مواقع المسئولية العليا في البلاد.. كما زاد الطين بلة، نجاح الثورة المضادة في إعادة ضخ رجال ينتمون للخطوط الخلفية للنظام البائد علي رؤوس مؤسسات الدولة، بنفس آليات النظام الذي انطلقت ثورة يناير لخلعه، مما أفقد الشعب الأمل في إعادة الاستقرار والتنمية والقضاء علي الفساد.. ولم يكفهم ذلك، بل جاوزه بتضليل لكثير من القوي المدنية وبعض أطياف الشعب، في محاولة لشق الاصطفاف الوطني، وذلك بتفعيلهم آليات النظام السابق في تغليب المصلحة الخاصة علي المصلحة العليا للوطن، لتحقيق مآربهم في استمرار إفشاء الفساد. والآن ما أحوجنا لدعم الشرعية الثورية، إذا أردنا تصحيح المسار، كما أنه من الواجب علي الرئيس مرسي أن ينتصر للشعب دون تحيز لأي فصيل منه، فالشعب انتخبه رئيسا لكل المصريين، وأودع مصلحة مصر أمانة في عنقه.. وأعتقد أن المليونيات التي تملأ الميادين من مؤيد ومعارض تجمع علي ضرورة تحقيق أهداف الثورة.. وأول ما تنتظره من الرئيس الآن إعلاء "ناجز" للعدالة الاجتماعية.. وتحيا مصر.