بعيدا عن مشاهد العنف وشواهد الصراعات السياسية وحالات الاستقطاب الحزبي والديني التي تضرب المجتمع من كل اتجاه تدور حاليا معركة لا تقل ضراوة بل قد تكون أشد وأعلي إذا ما تركناها تتصاعد وتجاهلنا تداعياتها الخطيرة وأتحدث هنا عما يجري في الجامعات المصرية من صراعات سياسية تمثل أزمة اللائحة الطلابية الجديدة أحد وجوهها وأسلحتها, فقد نتج عن ذلك جر الطلاب إلي معارك سياسية وحزبية ولاشك أن نقل ما يدور من صراعات بين الأحزاب والتيارات المختلفة إلي داخل الحرم الجامعي سيدفع ثمنه الطلاب بل العملية التعليمية في الجامعات برمتها. ومن يتابع تطورات أزمة اللائحة الطلابية منذ أن تم طرحها للنقاش قبل أسابيع يستكشف أن هناك أزمة حقيقية في الجامعات فقد أسفرت هذه المناقشات عن انقسامات خطيرة بين الطلاب وتصعيد لا مبرر له ولا يعكس بأي حال من الأحوال طبيعة العملية التعليمية ومناخ تلقي العلم في الجامعات التي يجب أن تكون في منأي عن الصراعات الحزبية التي تشهدها مصر خارج أسوار الجامعة, ومن هنا تبرز خطورة تقصير وتصنيف طلاب الجامعات علي أساس حزبي واشغالهم بأشياء وقضايا تباعد بينهم وبين وظيفتها الأساسية كطلاب علم, ومن المؤكد أن وجود لائحة تنظم الأنشطة الطلابية بعيدا عن سيطرة الجامعة شيء طيب يجب مساندته ودعمه بعد أن عاني النصاب الطلابي علي مدار العقود الماضية في تقييد مفرط وتدخل سافر من النظام السابق أدي إلي خنق ابداعات الطلاب وغرس في نفوسهم السلبية والشعور بالقهر والاضطهاد الفكري والإبداعي. وبالتأكيد أيضا أن هناك فرقا بين إطلاق حرية الطلاب في ممارسة أنشطتهم وتحويل الجامعات إلي ساحات للدعاية الانتخابية واستدراج الطلاب إلي معارك حزبية تعصف بمستقبلهم العلمي وتجلب لهم الفشل, ومن هنا تبرز أهمية دور وزارة التعليم العالي وإدارة الجامعات في تحصين الطلاب ضد رياح التحزب والتطرف التي اقتحمت الحرم الجامعي لبث روح الفرقة بين الطلاب, وبالتالي فإن المسئولية تقع علي رؤساء الجامعات في إعادة العملية التعليمية إلي محرابها وإغلاق أبواب الجامعات أمام القوي التي تسعي إلي استقطاب الطلاب إلي ساحة معاركها. رابط دائم :