كان هناك اعتقاد عند البعض أنه نظرا لتوقيع اتفاقية السلام مع اسرائيل, انتهي التحدي العسكري الاسرائيلي لمصر, وهو اعتقاد كان وثبت بما لا يقبل الشك انه في غير محله, فلايزال التحدي الرئيسي لمصر هو السياسة العدوانية لإسرائيل. وهذه السياسة ليست وليدة الساعة, حيث يقوم المعتقد السياسي والايديولوجي لإسرائيل علي مفهومي القوة والتوسع كما رسمها جابوتنسكي في الربع الأول من القرن الماضي, كما يقوم هذا المعتقد علي مجموعة من المباديء العامة التي تؤكد الحق الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة بناء علي اعتبارات دينية وتاريخية, كما تتبني أحزاب اليمين الديني الإسرائيلي بعض المفاهيم الدينية مثل: العودة إلي أرض الأجداد, والحق التاريخي وتكامل الأرض بينما تقوم الأحزاب العمالية علي أساس فرض الأمر الواقع, والتطرف الإسرائيلي لا يتوقف عند حد, فعند بداية صعود أي سياسي يميني اسرائيلي فإن أوراق اعتماده السياسية التي يقدمها للناخب الإسرائيلي هو الزعم بتصور استراتيجية إسرائيلية تدعو إلي ضرورة قيام الجيش الإسرائيلي باحتلال مزيد من الأراضي العربية بغرض توسيع رقعة الأرض والسيطرة علي منابع البترول العربية كما يدعو آخرون في أوراق اعتمادهم السياسية إلي ضرورة العودة إلي اعادة احتلال سيناء حيث انها والنسخة الخام للتطرف الإسرائيلي تتمثل في حزب اسرائيل بيتنا وزعيمه أفيجدور ليبرمان في حكومة متطرفة وليبرمان سبق أن اقترح إعدام أي عضو في الكنيست يجري محادثات مع ممثلي حماس. وسبق أن نادي بضرب السد العالي في جنوب مصر وأخيرا ضرب غزة بقنبلة ذرية. ولابد من الإشارة إلي أن السياسة الاسرائيلية العامة تنبثق من الغاية الصهيونية القائمة علي خلق دولة يهودية كبري بدءا من إعادة انشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين ضمن إطار المفهوم التاريخي الصهيوني لأرض إسرائيل, وقد تطلب طموح الغاية الصهيونية واتساع أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يعتمد المخطط الصهيوني لتحقيق هذه الغاية علي التدرج المرحلي في إطار العقيدة الدينية للانتقال المتتالي من هدف إلي اخر حتي تتحقق الغاية القومية كاملة. ومن ثم تعتبر مصر بأوضاعها الجيوبوليتيكية من أكثر دول الشرق الأوسط تعرضا للتهديدات العسكرية سيما علي حدودها الشرقية وعلي الاتجاه الاستراتيجي الشمال الشرقي حيث القوة العسكرية الاسرائيلية وهي أكبر قوة عسكرية تقليدية في المنطقة تدعمها أيضا قوة نووية منفردة. وإذا كان التهديد العسكري علي هذا الاتجاه في مرحلة سكون حاليا نتيجة لاتفاق السلام بين مصر واسرائيل إلا أن الخطر الإسرائيلي يبقي ماثلا نظرا لاستمرار اعتناق اسرائيل لنظريتها التوسعية ومبدأ احتلال الأراضي العربية بالقوة الذي انعكس علي السياسة العدوانية الإسرائيلية ونظرية امنها غير المحددة جغرافيا وعدم تجاوبها مع مساعي السلام العربية ورفضها الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. كما أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تحترم التزاماتها وتبغض السلام وتستهزيء به وتستخف بالتطلعات الفلسطينية وهاهي تتمادي في سياسات الاستيطان ومنذ أيام أعلنت عن بناء800 وحدة استيطانية علي الأراضي الفلسطينية في القدسالشرقية. كما أن مصر ترفض الاحتكار النووي الإسرائيلي وتعتبره تهديدا مباشرا لأمنها, بل هو أخطر التهديدات الاستراتيجية للأمن القومي العربي والمصري علي المدي القريب والمتوسط, ومن ثم فإن مصر لا تقبل احتفاظ إسرائيل بمظلة نووية. وفي الوقت الذي لا أحد يطالب فيه بإلغاء معاهدة السلام فإن مصر ملتزمة بحل عادل ومنصف للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني علي أساس حل الدولتين وفق قرارات مجلس الأمن الدولي. ولكن اسرائيل ترفض بل وتنحو منحي ابتلاع القدسالشرقية وتوسع المستوطنات وبدلا من ابداء الاعتراض القوي علي تلك السياسات, نرسل سفيرا جديدا إلي اسرائيل؟ هل نكافئها علي نهجها العدواني الاستعلائي ولم لا نكتفي بقائم للأعمال هناك ولماذا الرسالة الودية الزائدة عن الحد لشيمون بيريز؟ ما الذي يجبر مصر الثورة علي ذلك. ما تم هو إيذاء للمشاعر القومية المصرية. إن مرحلة السلام الحالية بين مصر واسرائيل هي إحدي مراحل الصراع العربي الإسرائيلي, إضافة لما تمثله من تحديات حضارية وثقافية واجتماعية وسيكولوجية وسياسية وعسكرية... ان لمصر جيشا قويا قادرا.. وأن أبناء القوات المسلحة مستعدون لرد الصاع صاعين إن وقع عدوان علي أرضنا وسيادتنا والمصالح العليا للوطن.