أثار شعار مصر مش عزبة الذي تجتمع عليه بعض القوي الليبرالية اليوم رفضا للدستور الجديد واحتجاجا علي عدم تحقيق بعض تعهدات الرئيس سؤالا بداخلي وهو هل بالفعل مصر مش عزبة؟ أم أنها عزبة أبونا كلنا لأننا جميعا أجرمنا في حق هذا البلد بتخاذلنا وأهمالنا وأكاذيبنا. ألم يسد بيننا الغش والتدليس ونحن أمة يقول رسولها من غشنا فليس منا أليس منا المنافقون والاستغلاليون والمرتشون والفاسدون والمجرمون والمتحرشون والمتآمرون واللصوص وقطاع الطرق والمأجورون؟ نعم مصر عزبة أبونا قمنا بالثورة وأسقطنا طاغية لنسقط نحن في صراع المصالح وجمع الغنائم وصار رفقاء الأمس فرقاء اليوم, وسقطت شعارات الوحدة التي غطت الميدان وارهبت نظاما انهار منها خوفا ورعبا. هكذا صارت مصر عزبة أبونا اشتباكات وصراعات واتهامات واحزاب وفصائل وائتلافات وجماعات ومسلمون واقباط وإخوان وسلفيون الكل يعبث والجميع يلهث وراء مصالحه يضربون بمعاول الهدم في جسد بلد جريح يحاول أن يلملم جراحه ويستعيد قواه فإذا بأبنائه يسددون طعناتهم الواحدة تلو الاخري. مصر تعود قوية أبية عندما نصطف جميعا ونعلي من قيم الحق والعمل ونسمو فوق المصالح الضيقة والشعارات الزائفة, نختلف ونتفق ونتخاصم ونتصالح في حب الوطن. أمامنا فرصة تاريخية لبناء وطن جديد ننعم فيه بالحرية والديمقراطية, وطن يتسع للجميع كلنا فيه سواء لا مكان فيه للفاسدين واصحاب المصالح, يحكمنا دستور عصري يشارك في صناعته الجميع تحت راية الحب وشارة العطاء ندخل به المستقبل ونبني به مصر الجديدة التي رسمها شباب حالم بدمائه الطاهرة النقية التي سالت في الميادين, بلد جميل حر يأخذ بالعلم سلاحا وبالإنتاج منهاجا وبالتقدم طريقا, يؤمن بالتعددية والتنوع والاختلاف يحافظ علي حقوق المرأة ويؤمن بحق المواطنة, يرفض المحسوبية والوساطة, ويرفع من شأن علمائه ويقدس عطاء عماله, تلك هي مصر التي نريدها مش عزبة لأي أحد مهما يكن. وعلينا أن نتذكر أن في حياة الأمم لحظات تاريخية إما ان تستثمرها في البناء والتقدم, واما تضيع منها وتنزلق إلي غياهب التخلف وعصور الظلام, واحسب أن مصر في لحظة فارقة وعلي الجميع أن يتحمل مسئولياته قبل فوات الأوان.