انتخب باراك اوباما عام2008 وكانت لديه اغلبية مريحة في الكونجرس بمجلسيه وكانت الامال معقودة عليه لتحقيق تحول تاريخي في الولاياتالمتحدة يضع اسمه ضمن الرؤساء الكبار للولايات المتحدة. والمعروف أن النجاح في الحياة يتطلب الوصول الي نقطة الهدف المراد الوصول إليها في الوقت المناسب, ومعرفة ما الذي يجب عمله بمجرد الوصول الي تلك النقطة. وأوباما, شأنه في ذلك شأن جميع رؤساء أمريكا الكبار علي مدي التاريخ, أدرك ذلك, ولكن لم يدركه بشكل كامل وإنما نصف إدراك فقط. فهو, وإن كان قد وصل في الوقت المناسب مثل هؤلاء الرؤساء, إلا أنه يختلف عنهم في أنه أساء قراءة لحظته التاريخية ولحظة أمريكا في ذات الوقت وهذه القدرة الحدسية( أو الافتقار إليها) علي قراءة المزاج العام للأمة, وقراءة الظروف المحيطة بها بدقة تعتبر مكونا مهما من مكونات القيادة الكفؤة. وربما يرجع السبب الي انه لم يكن بارعا مثل روزفلت, ولا مغموسا حتي النخاع في التجربة الأمريكية مثله, ولذلك كله لم يقم بنفس الدور الذي قام به روزفلت, كمصدر تستمد منه الأمة الطمأنينة والثقة بالنفس. كما أن أوباما وعلي النقيض من أسلافه الكبار, لم يستطع العثور علي رسالة موحدة مستمدة من واقع التجربة الأمريكية ويتشارك الجميع فيها. وفي الحقيقة أن جزءا من مشكلة أوباما تكمن في فراداته: أي في أسلوبه الأكاديمي, المتباعد, والمتراوح مابين البارد وشبه البارد, كما يكمن أيضا في التحيز العنصري ضده, وجذوره الأجنبية التي ساهمت جميعا في جعله يبدو مختلفا عن أي رئيس سبق للأمريكيين أن عرفوه ولكن أمريكا مع كل ذلك كانت جاهزة للتغيير وبدلا من انتهاز تلك الفرصة التاريخية ركز علي مشروع الرعاية الصحية الذي برغم نبله جاء في الوقت الخاطيء ومن الازمات المالية ولذا فهو مشروع ليس شعبيا ومن هنا جاء اتهام اوباما بانه رسخ وجود القطبية الحزبية السائدة بين الديمقراطيين والجمهوريين, الذي كثيرا مايشار اليه باللونين الأحمر والأزرق. وقد كانت بداية ذلك خلال انتخابات العام2000 التي تنافس فيها علي الرئاسة جورج دبليو. بوش وآل جور نائب الرئيس آنذاك, واختلف حول نتائجها. فقد أمضي الأمريكيون أسابيع ينظرون الي خرائط تظهر الولايات التي صوتت لمرشح الحزب الجمهوري ملونة باللون الأحمر وتلك التي صوتت لصالح المرشح الديمقراطي ملونة باللون الأزرق. ومنذ ذلك الحين أصبح تعريف الآراء السياسية بأنها حمراء( جمهورية) أو زرقاء( ديمقراطية) أمرا مألوفا هناك. الإدارة المنقسمة لها الكثير من المشاكل وبعض الفوائد. واثبت تقارب مرشح الحزب الجمهوري معه برغم انه ليس الخيار الافضل ولا المفضل للجمهوريين أن الأمريكيين لايتطلعون الي رؤساء عظام ولا لأفكار كبيرة, ولا لتحولات تاريخية. وإنما يبحثون عن الرضا بشأن الأمور العادية واليومية, مثل الرخاء, والحفاظ علي الأمريكيين آمنين من الهجمات الإرهابية ووضع نهاية لتلك الحزبية, وذلك التبادل للشتائم, وسياسة المشاهير السائدة في واشنطن اليوم. وقد ينجح اوباما في الانتخابات وقد لاينجح لكن فرصته لان يصبح رئيسا تاريخيا ولت. وذلك الدرس اضعه تحت ناظر الرئيس مرسي ومستشاريه, لأن اللحظة والظرف, والموسم هي مايخلق الرجل العظيم. وهذا النوع من الحظ يخلق إمكانية التغيير وليس بالضرورة حتميته أو يقينيته لهذا السبب, تكون الأمم عادة في حاجة الي نوع من التزاوج بين الرئيس البارع وبين اللحظة الملائمة, وعلي رأس الصفات التي يتعين علي مثل هذا الرئيس أن يمتلكها, القدرة التامة علي إدراك أين تقف الأمة بالضبط, والي أين يمكن أن تمضي.