أثري الملحن الموسيقي الكبير بليغ حمدي الحياة الموسيقية والعربية بتراث لحني خالد لا يمكن أن ننساه, بل من الواجب علي كل العاملين بالحقل الثقافي والفني تقديم حفلات موسيقية لتعريف الأجيال الجديدة بعمالقة هذا الفن. وإسعاد الجمهور المصري والعربي بهده الأعمال الموسيقية التي عملت علي تهذيب الذوق الفني العام لعقود من الزمان. فبليغ حمدي ملحن عبقري يتميز بالتنوع في الألحان وثرائها مما جعله لحن أكثر من ألف وخمسمائة لحن لم يتشابه احدها مع الآخر, كما استطاع بفنه أن يخرج من الأسلوب التقليدي لمن سبقوه في التلحين ويضع أسسا جديدة من حيث قصر الألحان أو الجمل بالإضافة لقوتها التعبيرية مما يعطيها حيوية وبريق. كما يتمتع بأسلوب مميز ورشيق في تطويع الكلمات اللغوية داخل اللحن بحيث يصعب الفصل بين الجملة الموسيقية والجملة الشعرية أو النثرية, وكان لغزارة ألحانه قدرة علي أن تتناسب مع الموضوعات المختلفة التي قدمها باستخدام الإيقاعات والمقامات الشرقية التي يتنقل بينها بحرفية وإتقان, أيضا استغلاله المساحات الصوتية للآلات الموسيقية المتنوعة شرقية وغربية في موسيقاه بشكل ينم عن موهبة ودراسة حقيقية تعكس هذا التميز علي الجمهور من خلال استحداث رنين صوتي جديد جعل أعماله تتوجه إلي وجدان المستمع مباشرة. ورغم كل عظمته إلا أنه لم يحصل علي التقدير الكافي في حياته وبعد مماته رغم استحقاقه كل التقدير لكل ما قدمه علي مدار مشواره الفني الطويل سواء أغاني رومانسية عاطفية أو ابتهالات دينية أو أوبريتات فنية وغيرها, ويكفينا في مجال الأغنية الوطنية أن أكثر الأغنيات التي أثرت في مشاعر ووجدان المصريين وعاشت بين ثناياهم إلي يومنا هذا واستطاعت ان تلهب المشاعر الوطنية وتعمل علي تأجيج روح الحماسة والغيرة بعد هزيمة67 من ألحان بليغ حمدي الذي استطاع أن يمس الأحاسيس ويخاطب الوجدان ومن أشهرها عدي النهار التي تعد أدق تعبير عن آلام وأحزان النكسة, كما أننا لانستطيع أن نتجاهل دوره القومي الذي لا يقل أهمية عن دور جنود وأبطال حرب أكتوبر73 حيث مكث في الاستوديوهات لمدة أيام لتلحين أغاني النصر إيمانا منه بدوره الوطني مثل بسم الله. الله أكبر, علي الربابة, عاش اللي قال, عبرنا الهزيمة وغيرها, ورغم كثير من الأغنيات الوطنية التي لحنها آخرون إلا أننا لم نجد أغنية وطنية تقبع في أرواحنا وأذهاننا وتظل عالقة بها كأغاني بليغ, مما أدي لإطلاق اسم سيد درويش العصر وملك الموسيقي عليه من عظمة فنه وموهبته الغزيرة التي أفرزتها ألحانه والتي نتمني أن يجود علينا الزمان بمثلها.