هناك من يؤيد الرئيس السادات ويعتبره بطل الحرب والسلام الذي حرر الأرض ورفع الرأس وأعاد الكرامة، وهناك من يراه غير ذلك، وكلاهما حر في رأيه وليس مطلوبا أن نتفق جميعا علي شخص الرئيس الراحل أو الذي سبقه. تلك طبيعة البشر ولولا اختلاف الأذواق والتوجهات السياسية لبارت الأحزاب والرؤساء، ولكن مقابل الخلاف حول السادات تحديدا والمعاهدة التي أبرمها مع العدو الصهيوني وما تحتاجه من تعديلات باتت ملحة في ظل حدود سيناء المفتوحة ع البحري بأمر شروط المعاهدة المكبلة، هناك اتفاق وعقيدة راسخة داخل كل من يحمل الجنسية المصرية مهما كان انتماؤه بأن حرب أكتوبر المجيدة كانت حربا مقدسة لتحرير الوطن من القردة والخنازير، وأن كل من دفع دماءه في تلك الحرب شهيد في مقعد صدق عند مليك مقتدر. أعتقد أن نصر أكتوبر بالنسبة للمصريين جزء من الهوية المصرية وحتي وقت قريب جدا كنت ثابتا علي عقيدتي تلك ولم أشك لحظة أن أحدا يكفر بها سوي الإسرائيليين الذين يلعنون أنفسهم في ذكري 6 أكتوبر من كل عام ويلعنهم اللاعنون، حتي كانت تغريدة علي موقع اليوتيوب نعق بها غراب يدعي أنه ناشط، جعل من شهداء الحرب المقدسة قتلة، وأعلن رفضه تكريمهم باعتبارهم شهداء، وأنكر عليهم وساما إلهيا منح لهم من فوق سبع سماوات. الناشط المزعوم، الذي لا يستحق مجرد اسمه، نصب نفسه مفتيا وحرم لقب الشهيد علي من بذلوا أرواحهم فداءً للعلم المصري، وقال إنهم "خرجوا إلي حرب ليقتلوا أناسا لا يعرفونهم". لو حاولت معي أن تبحث وراء تلك الفتوي الشاذة والتغريدة الشاردة بعيدا عن سرب الوطنية ستجد أن لها هدفا مفضوحا وغزلا صريحا لإسرائيل وكيف لا، وناشطنا أحد المنادين بالتطبيع والمنحاز دائما لسيدته وتاج رأسه "إسرائيل"، لكن المثير أن الرجل تجاوز حدود التطبيع مع الكيان الصهيوني وانتهك حدا مقدسا من حدودنا، ونال بلسانه المأجور المتهود من شهدائنا الأبرار، ليظهر إسرائيل في ثوب الدولة البريئة المعتدي عليها. الدولة الوديعة وسط العرب المعتدين الذين يقذفونها بالحجارة وبيانات الإدانة، بينما المسكينة التي ليس لها سند سوي أمريكا الغلبانة تدافع عن نفسها بالطائرات والدبابات وتقتحم الحرم القدسي لتحمي نفسها في رحابه الآمن من اعتداءات المصلين الفلسطينيين المفترين من العواجيز والأطفال والنساء. لقد أطلق الشاب المخمور كلماته المسمومة صبيحة يوم الاحتفال بنصر أكتوبر هادفا إلي إفساد فرحة المصريين بذلك اليوم، وتلك أساليب صهيونية لا يجيدها سوي من يسير علي درب يهود تل أبيب ويتقارب معهم وتربطه بهم مصالح من نوع ما، وقد فعل ذلك وهو مطمئن إلي أن أحداً لن يحاسبه لأنه صاحب حصانة ومهنته "ناشط". في إسرائيل، وعند الكيان الصهيوني في كل بقعة في العالم، الذي لا يندد بالهولوكوست ويلعن سنسفيل النازي يعتبرونه عدوا لدودا لبني صهيون وتنطلق آله الإعلام اليهودية حول العالم سبا وتشويها، وربما قام الموساد بالمساهمة في الحرب المقدسة المزعومة من أجل الانتصار لضحايا المحرقة. هذا يحدث عند اليهود بينما نحن نأوي علي أرض مصر أمثال هذا الشاب الذي تجرأ علي تاريخنا وعلي أرواح شهدائنا الطاهرة والحرب المعجزة التي شهدت بعبقريتها القيادات الإسرائيلية والحق ما شهد به الأعداء دون أن نحاسب من ارتكب هذا الجرم. إذا كنا نحترم تاريخنا ونعلي من شأن شهدائنا، فلا عيش في هذه الأرض المحررة لمن يقف علي جثث أبنائها ليراه العدو ويلوح له بعلامة النصر ويمد له يده ليعبر إلي تل أبيب.. في بلد ثارت علي حليف إسرائيل الأمين وكنزها غير المبارك وأسقطت عرشه لابد من محاسبة من ينتقص من نصر أكتوبر ويهين الشهداء ويصفهم بالقتلة، فهذا الناشط لم يسب أشخاصا فقط أحياء عند ربهم يرزقون، بل سب وطنا يحمل جنسيته، وتراثا وتاريخا مجيدا لصالح عدو لا نختلف علي عداوته، وتلك خيانة عظمي، وهرطقة، وتشكيك في الشهادة، وشهادة علي العمالة غير المباشرة. أيها الناشط. أكتوبر نصر الكرامة والعزة وحرب التحرير وجنودنا البواسل في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار، والأرض التي عادت مصرية، ومن أعادها أبناء مصر، ومن يحتفل بعودتها اليوم أبناء وأحفاد الشهداء، هذا قولنا ومن يقل غير ذلك فليس منا في شيء، فإن كنت عاقلا رشيدا فكن أهلا للشجاعة ولتحاكم علي ما قلت إن كنت به قانعا، وإن كان بك سفاهة أو جنون، فمستشفي الأمراض العقلية يتسع للآلاف مثلك. أيها الناشط، النشطاء منك برءاء، فلست مصريا، ولا تريدك مصر أن تكون ابنا لها، إذهب إلي من تخطب ودهم وتغازلهم فأبوابهم مفتوحة لكل خائن. وبئس المصير.