وظيفة جديدة أم دعوة لتوعية الطلاب؟ حقيقة تعيين الفنان سامح حسين بجامعة حلوان    أسعار اللحوم في أسواق محافظة أسوان — يوم الثلاثاء 2 ديسمبر 2025    عيار 21 يسجل 5650 جنيهًا.. انخفاض ملحوظ في أسعار الذهب بمصر اليوم الثلاثاء    سعر صرف الدولار في البنوك المصرية ببداية تعاملات الثلاثاء    2 ديسمبر 2025.. استقرار أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    طن عز بكام ؟ اسعار الحديد اليوم 2ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    الاحتلال يقيم بؤرة استيطانية جديدة ببلدة مخماس في القدس المحتلة    الذئب الصيني المقاتل مفاجأة معرض إيديكس الدولي للصناعات الدفاعية 2025 (فيديو)    الاحتلال يمنع طواقم الهلال الأحمر من الوصول لأحد المصابين شمال رام الله    واشنطن لا ترى ضرورة لحضور روبيو اجتماع وزراء خارجية الناتو    وسط موجة من عمليات الخطف الجماعى.. استقالة وزير الدفاع النيجيرى    رغم دعوات ترامب للتهدئة.. توغل إسرائيلي بريف القنيطرة السورية    موعد مباراة المغرب وجزر القمر في كأس العرب والقنوات الناقلة    منتخب كأس العرب ومهمة لمرموش.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    الحالة المرورية اليوم في محاور وطرق القاهرة والجيزة    الأمطار تتواصل على السواحل الشمالية.. والحرارة فى القاهرة 18 درجة    المطاردة الأخيرة.. الداخلية تنهى أسطورة بؤر السلاح والمخدرات.. مقتل 4 عناصر شديدة الخطورة.. استشهاد شرطى وإصابة ضابط فى ليلة الرصاص.. تحريز ترسانة مخدرات بقيمة 91 مليون جنيه.. صور    تراجع أسعار الذهب مع جني المستثمرين للأرباح    الليلة .. منتخب مصر الثاني يستهل مشواره في كأس العرب بمواجهة الكويت    من أوجاع الحرب إلى أفراح كأس العرب.. فلسطين تنتصر وغزة تحتفل.. فيديو    بدء تصويت الجالية المصرية في الأردن لليوم الثاني بالمرحلة الأولى    وزير الخارجية يثني على العلاقات المتميزة بين مصر وألمانيا بمختلف المجالات    حدث تاريخي في كأس العرب 2025، أول إيقاف لمدة دقيقتين في كرة القدم (فيديو)    "إعلام القاهرة" تناقش الجوانب القانونية لريادة الأعمال في القطاع الإعلامي    طقس اليوم: معتدل نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالقاهرة 23    محافظ البحر الأحمر ووزيرا الثقافة والعمل يفتتحون قصر ثقافة الغردقة وتشغيله للسائحين لأول مرة    البديل الألماني يطرد عضوا من كتلة محلية بعد إلقائه خطابا بأسلوب يشبه أسلوب هتلر    الحكم بحبس المخرج الإيراني جعفر بناهي لمدة عام    أدعية الفجر.. اللهم اكتب لنا رزقًا يغنينا عن سؤال غيرك    ما حكم الصلاة في البيوت حال المطر؟ .. الإفتاء تجيب    بنصف مليار دولار وإلغاء أكثر من 18% من الوظائف، جوتيريش يقترح خفض ميزانية الأمم المتحدة    أصل الحكاية | «تابوت عاشيت» تحفة جنائزية من الدولة الوسطى تكشف ملامح الفن الملكي المبكر    المخرج أحمد فؤاد: افتتاحية مسرحية أم كلثوم بالذكاء الاصطناعي.. والغناء كله كان لايف    أصل الحكاية | أوزير وعقيدة التجدد.. رمز الخصوبة في الفن الجنائزي المصري    سر جوف الليل... لماذا يكون الدعاء فيه مستجاب؟    خمسة لطفلك | ملابس الشتاء.. حماية أم خطر خفي يهدد أطفالنا؟    تعيين رئيس لجنة اللقاحات في منصب جديد بوزارة الصحة الأمريكية    مصرع طفلين في حريق شقة بطنطا بعد اختناقهم بالدخان    شيري عادل تكشف كواليس تعاونها مع أحمد الفيشاوي في فيلم حين يكتب الحب    لغز مقتل قاضي الرمل: هل انتحر حقاً المستشار سمير بدر أم أُسدل الستار على ضغوط خفية؟    رئيس قضايا الدولة يؤكد تعزيز العمل القانوني والقضائي العربي المشترك | صور    حرب الوعي.. كيف يواجه المجتمع فوضى الشائعات الصحية على السوشيال ميديا؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الثلاثاء 2 ديسمبر    ثقّف نفسك | أهمية مشاركتك في الانتخابات البرلمانية من الجانب المجتمعي والوطني والشرعي    كيف تكشف المحتوى الصحي المضلل علي منصات السوشيال ميديا؟    بالأدلة العلمية.. الزجاجات البلاستيك لا تسبب السرطان والصحة تؤكد سلامة المياه المعبأة    أول ظهور لأرملة الراحل إسماعيل الليثى بعد تحطم سيارتها على تليفزيون اليوم السابع    تقرير الطب الشرعي يفجر مفاجآت: تورط 7 متهمين في تحرش بأطفال مدرسة سيدز    أتوبيس يسير عكس الاتجاه يتسبب في مأساة.. إصابة 12 في تصادم مروع بطريق بنها– المنصورة    سيد منير حكما لمباراة كهرباء الإسماعيلية وبيراميدز المؤجلة بالدورى    مدرب منتخب الناشئين: مندوب برشلونة فاوض حمزة عبد الكريم.. واكتشفنا 9 لاعبين تم تسنينهم    جيمي فاردي يسقط بولونيا على ملعبه في الدوري الإيطالي    شاهد، مكالمة الشرع ل بعثة منتخب سوريا بعد الفوز على تونس بكأس العرب    أمن الغربية يحبط عملية نصب بتمثال آثار مزيف ويضبط تشكيلا عصابيا بالمحلة    بيان جديد من المدرسة الدولية صاحبة واقعة اتهام عامل بالتعدي على تلاميذ KG1    أقوى 5 أعشاب طبيعية لرفع المناعة عند الأطفال    موعد صلاة العشاء.... مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 1ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق المؤتمر التحضيري للمسابقة العالمية للقرآن الكريم بحضور وزير الأوقاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريدة الوفد " الإسرائيلي "
نشر في الشعب يوم 29 - 03 - 2012

كنت قد فقدت الرغبة في متابعة صحف الأحزاب التي كان يطلق عليها أحزاب المعارضة. وذلك منذ استطاع النظام البائد ترويض تلك الأحزاب. فظلت قائمة في عهده، ولكن أمسى دورها لا يتعدى حدود الديكور الذي يضفى علي هذا النظام شبها ديمقراطيا خاليا من المضمون، وأصبحت الصحف الصادرة عن تلك الأحزاب أشبه ببالونات الزينة يمسك بها الأراجوزات ويحركها البهلوانات مقابل الدعم النقدي الذي يقدمه النظام لتلك الأحزاب وقادتها. ثم مكافأة هؤلاء بمقاعد ذات عائد مادي وعيني كبير في مجلسي الشعب والشورى، والحضور على الموائد في حظوة الفرعون وملازمته في أسفاره.
أما من استعصى على الترويض من تلك الأحزاب فكان مصيره الحرب والتنكيل والتعطيل بشتى الطرق التي تدنت في الانحطاط إلى حد البشاعة. وتم إيقاف صحفها وتشريد صحفييها، وملاحقتهم بالتهديد والتعدي الجسدي والزج بهم في غياهب السجون.
وتجربة "حزب العمل" وصحيفته "الشعب" شاهد ناطق صارخ في هذا الشأن. كما هو شاهد ناطق صارخ على صلابة رجاله وشموخهم في كل موقف وأمام كل طاغية. وقد كانوا يحتسبون عند الله صدقهم وثباتهم عل الحق وتصديهم للخونة والطغاة. " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا".
غير أن الصدفة ظلت تأبى إلا أن تقع في يدي من آن لآخر بعض الأعداد المتفرقة من تلك الصحف.. ومنها صحيفة الوفد في عددها الصادر يوم الاثنين 26 مارس2012. لأقرأ فيها عنوانين ضخمين للقاءين مع ما أطلقوا عليهم صفة " خبراء استراتيجيين ". المفروض أنهم مصريون.
العنوان الأول: " خلف: كامب ديفيد خيار وحيد بين مصر وإسرائيل ".
أما خلف فهو اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجي في شئون الشرق الأوسط. وأقرأ ما تحت العنوان من سطور وأكاد لا اصدق أنها لم تصدر عن خبير استراتيجي إسرائيلي في الحرب النفسية التي مارستها وتمارسها إسرائيل على شعوبنا. ومصر في القلب منها.
بداية يقرر هذا الخبير الاستراتيجي " بأن معاهدة كامب ديفيد هي خيار استراتيجي وحيد بين مصر وإسرائيل" أي أنه لا فكاك لنا إلا التعايش مع عدونا الفاجر مهما فعل بنا وبإخوتنا ومقدساتنا. طالما لم تتحرك جيوشه لدهسنا.. علينا أن نتعايش مع إسرائيل في جبن ومذلة ونحمد الله أنها لا تضربنا على رؤوسنا وأدبارنا. ولتضرب هي وتقتل وتغتصب الأرض والعرض لمن تشاء من أبناء ديننا وعروبتنا وجيراننا. أخوتنا أبناء دمنا. فهذا شئ لا يعنينا. وكأننا أمة من الزواحف، سحالي وابراص تزحف على الأرض بلا تاريخ ولا وظيفة حضارية ولا وزن ولا قيمة ولا شئ.
ثم يقرر الخبير الاستراتيجي " إن إسرائيل تمارس لعبة الحرب النفسية والأحاديث الجوفاء الموجهة للمصريين ". أي أنه يدرك ويعترف بأن إسرائيل تمارس بالفعل الحرب ضدنا. ولو في شكل حرب نفسية. ولا يقدم مبرر لتلك الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل ضدنا إلا كون المصريين يتحدثون كثيرا عن الحرب وليس عن التنمية. أي أن الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل ضد المصريين سببها الوحيد هو المصريون أنفسهم وليس لها سبب آخر يبررها. رغم أننا المصريين وعلى مدى أربعة عقود لم نكن نسمع من حكامنا إلا كلاما عن تنمية، ولا نراها. أما قادة إسرائيل وعسكريوها لم يتوقفوا على يوما عن تهديدنا بالضرب على رؤوسنا وبتفجير السد العالي واحتلال سيناء. لم نسمع نحن المصريون عن واحد من حكامنا وعسكريينا يتجرأ ويقابل التهديد بالتهديد. وعلى مدى أربعة عقود لم يكن يخلوا فيها يوم واحد – أكرر يوم واحد - من ضحايا الهمجية والوحشية الإسرائيلية التي تمارس على إخواننا أصحاب الأرض المغتصبة في فلسطين. بل وفى خلال هذه العقود سقط الكثير من أبنائنا وجنودنا على الحدود المصرية برصاص العدو الاسرائيلى. ذلك دون أن يخرج صوت من حكامنا بالزئير أو حتى بالصوصوة. واستشهاد ضباطنا وجنودنا برصاصهم الغادر ليس ببعيد، ولم يحرك حكامنا ساكنا. وهو الأمر الذي فجر الغضب الشعبي وأدى إلى اقتحام السفارة الإسرائيلية منذ شهور..
ثم يحدد الخبير الاستراتيجي مستقبل مصر بأنه " مرهون بالسلام وأن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هي خيار استراتيجي وحيد ".
عن أي سلام يتحدث هذا المأجور؟
ألم يحدث تحت دعاوى السلام أن قامت إسرائيل بالعبث بالزراعة المصرية فدمرتها ونشرت الأمراض الفتاكة والأوبئة في غذائنا، حتى صار أطفالنا يولدون ومعهم داء السرطان والفشل الكلوي والالتهاب الكبدي وأمراض العيون وعاهات السمع والكلام وغيرها وغيرها.....؟
ألم يحدث تحت دعاوى السلام أن شرعت إسرائيل في اختراق جنوب الوادي وتعمل على منع مياه النيل- شريان الحياة الوحيد لنا - من التدفق إلينا كما ظلت تدفق آلاف السنين؟ بل ونجحت فعلا في فصل جنوب السودان - وهو مصدر رئيسي لمياه النيل - عن شماله، وكان أول ما قامت به حكومة جنوب السودان هو التأكيد على التعاون مع إسرائيل؟
ولا يكتفي الخبير الاستراتيجي الفريد في نوعه بما سبق ولكن يتحفنا أيضا باكتشاف جديد في مفهوم السيادة الوطنية. فيقول : " السيادة لا تعنى وجود القوات المسلحة بل السيادة في تطبيق القانون ". وذلك في معرض الحديث عن أن اتفاقية السلام المزعومة تمنع مصر من أن تنشر قواتها المسلحة في سيناء كيف تشاء بل وتمنعها أصلا من الوجود على أكثر من نصف مساحة سيناء.
وهنا يتبادر تساؤل لا أستطيع إلا أن أطلقه في استنكار وغيظ : عبيط ده وللا بيستعبط ؟
هل هناك قانون في مسألة السيادة الوطنية يسبق قانون حق الدفاع الشرعي عن النفس في مواجهة العدوان؟ كيف تدافع عن الأرض وسيادة الشعب والدولة على هذه الأرض بغير إمكانية وجود القوات المسلحة التي تقوم بهذا الدفاع؟
وهنا يحيلنا الخبير الاستراتيجي العبقري إلى الولايات المتحدة الأمريكية كضامن لعدم الاعتداء علينا من قبل إسرائيل. وهو بهذا يحيلنا إلى إسرائيل كضامن لعدم الاعتداء علينا من قبل إسرائيل. هل هناك استعباط أو عبط أكثر من هذا؟.
حين أصدرت الأمم المتحدة قرارا بوقف إطلاق النار في أكتوبر 1973 لم تحترم إسرائيل هذا القرار الذي تقدمت به كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفييتي - وهما القوتان الأعظم في ذلك الوقت - وتوسعت قواتها تحت وقف النار لكي تزيد من رقعة الأرض التي كانت تحتلها فيما سمى بالثغرة حتى أضحت ثلاث أضعاف المساحة وقت بداية تنفيذ القرار. ثم متى وقفت الولايات المتحدة ضد إسرائيل في أي موقف وأي وقت، وعدوانها الوحشي وتوسعها الهمجي قائم لا يتوقف ساعة منذ لحظة إنشائها؟ بل متى احترمت إسرائيل القانون الدولي من الأساس؟ عشرات القرارات الدولية التي تدين إسرائيل أو تطالبها بالالتزام بالقانون والتي استطاعت أن تتسلل من الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، مسحت بها إسرائيل مؤخرتها في الغائط.
ويتساءل الخبير الاستراتيجي في خبث صهيوني : لماذا يريد البعض أن نحارب إسرائيل ؟ هل لمجرد الحرب أم إذا اعتدت علينا؟
ألا يعرف هذا المدعى بالبلاهة من هي إسرائيل؟ ولماذا تم زرعها في أراضينا؟ ألم يسمع عن المشروع الصهيوني القائم على العقيدة اليهودية التي تعتبر اليهود هم شعب الله المختار- ليس لأنهم ذوى أي فضيلة ولكن لأن الله في عقيدتهم هو إله عنصري - ترك لهم الحبل على الغارب يعيثون في الأرض فسادا كما يشاءون، وبدون أي سقف من أخلاق. بل إن الله في دينهم يحثهم على الفساد والقتل والتخريب والاغتصاب، ويسمح لهم بطرد شعبا بأكمله من أرضه. بل إبادته إن استطاعوا بشتى الوسائل مهما كانت همجيتها ووحشيتها. ومنحهم ارض فلسطين لكي يقيموا دولتهم. ومنها ينطلقون للسيطرة على العالم من خلال دولة تمتد من النيل إلى الفرات ؟
سبحان الله عما يصفون.
واسأل هذا المدعى بالخبرة الإستراتيجية : هل لديه أي مؤشر يعطيه لنا ويدل على أن إسرائيل قد تخلت عن هذا المشروع؟
ألا تعنى دولة يقيمها شعب الله المختار- بهذا الوصف - غير حق هذه الدولة – من المنظور الصهيوني- أن تسيطر على المنطقة بأسرها وتتحكم في مقدراتها؟
وهل يتساوى شعب الله المختار- بهذا الوصف - مع بقية الشعوب؟
أليس طبيعيا وفق هذا المنطق أن يسود هذا الشعب و يسيطر ويتحكم ويحيل شعوب المنطقة كلها إلى جماعة من العبيد؟
وهل في ممارسات إسرائيل في كل شبر اغتصبته من الأرض ما ينبئ بغير ذلك؟
ألا يرى كيف يفعلون مع الفلسطينيين، وكيف فعلوا بأهلنا على رمال سيناء؟ ألم يدفنوهم أحياء؟
ورغم هذا يردد الخبير الاستراتيجي في بلاهة بأنه " لا يوجد سبب يجعل إسرائيل تحاربنا "
ويلحس اعترافه بأن إسرائيل تمارس الحرب النفسية ضد مصر.. وهل الحرب النفسية غير أداة من أدوات الصراع تمارسها الدولة ضد الخصم لتحقيق أهدافها بدون الحاجة إلى اللجوء إلى القوة المسلحة ؟ أو تمارسها الدولة وهى تمهد لاستخدام القوة المسلحة أو بالتزامن مع استخدام القوة المسلحة بغية إضعاف الخصم قدر الإمكان حتى لا يقوى على مواجهة القوة المسلحة - حين يأتي دورها – وتتحطم لديه إرادة التحدي والمواجهة؟
متى توقفت إسرائيل عن حربنا؟ هي تمارس الحرب ضدنا بين شعوب العالم ومراكز اتخاذ القرار في الدول المؤثرة في السياسة الدولية. وهى تمارس الحرب ضدنا بعقد التحالفات مع القوى الاقتصادية والشركات العالمية التي تسعى لاستنزاف الموارد العربية لأقصى حد دون عائد يذكر. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتغلغل في زراعتنا وتدميرها كي لا نجد ما نقتات به أو نتسمم لكي تنتشر بيننا الأمراض ونصبح أمة ضعيفة منهكة الأجساد. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتغلغل بيننا تحت ستار البعثات الطبية الدولية " الفاعلة للخير" كي ينكشف لها الجسد المصري وتعرف من أين وكيف تزرع فيه السموم والأمراض. وهى تمارس الحرب ضدنا بالدفع إلى تدمير صناعتنا وبيع قلاعنا الصناعية التي أقمناها بالدم والعرق إلى عملائها لكي يحيلوا القلاع إلى خرائب. ثم يبيعون أرضها ويربحون المليارات تحت دعاوى التعمير.. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتآمر على مصادر المياه في أعالي نهر النيل ثم خنقه بالردم في مجراه لكي نموت عطشى وجوعا بعد تموت أرضنا من العطش وتبور.
وهى تمارس الحرب ضدنا بزرع الوهم أن السياحة هي لنا المستقبل. فلا زراعة ولا صناعة ولا علوم. لكي تحيلنا إلى أمة لا تجيد إلا فرش الأسرة للخواجات وأعمال الجرسونات. ولكي لا نجد ما نعمله إذا ألقوا "بمبه" في الطرقات فتجف السياحة ونتحول إلى أمة من الخدم العاطلين.
وهى في ممارستها الحرب ضدنا تعتمد على فصيل من العملاء الخونة في الداخل. هؤلاء الذين باعوا الضمير والوطن والأهل، وكان على رأسهم المخلوع عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. الذي اتخذ من رئيس الأركان الاسرائيلى السابق مستشارا له يدفع له راتبا شهريا آلاف الدولارات من دمنا. لكي يخطط له كيف يدمرنا..
( لم ينكر بنيامين بن اليعاذر أنه كان مستشارا سياسيا للمخلوع ولكنه فقط أنكر انه كان يتقاضى الأجر كي لا يفتح عليه أبواب الضرائب في إسرائيل )
وكان الخبير الاستراتيجي هذا يعمل كبيرا للياوران في بلاط المخلوع. وظل يدافع عنه وعن نظامه حتى سقط فتخلى عنه. ولا عجب فمثله لا يعرف الولاء إلا للمال كدأب أسياده في تل أبيب.
وبفصيل من العملاء والخونة تمارس إسرائيل علينا الحرب النفسية. التي تتنوع وسائلها من عمليات التسميم السياسي التي تسعى إلى تحطيم مناعة الجسد الوطني. عن طريق بث جرعات محسوبة من الأكاذيب والأوهام في صورة حقائق تدفع في النهاية إلى ضعف ثم انهيار الجسد الوطني واستسلامه لإرادة العدو تفعل فيه ما تشاء. ( خاب رجاؤه ورجاؤهم)
ما يبثه هذا المدعى بالخبرة الإستراتيجية تدخل في صميم عمليات التسميم السياسي الذي تمارسه إسرائيل تجاه مصر وشعبها.
أنظر إليه وهو ينفخ السموم في شكل التأكيد أكثر من مرة على أن إسرائيل بلدا ديمقراطيا ولا يجادل في ذلك. ويغفل أن الديمقراطية كقيمة إنسانية لابد وأن تعلى حق الإنسان في الحرية والعدالة والمساواة والازدهار. أين ذلك كله من الممارسة الإسرائيلية العسكرية العنصرية المتأصلة في الوجود الصهيوني.؟
وانظر إليه وهو يؤكد حتمية أن نفقات الحرب والتسليح من جانبنا ستضيع في المعركة مع إسرائيل. وأنه إذا ألغيت المعاهدة مع العدو فإن سيناء لن تبات في أيدينا ليلة واحدة تابعة لمصر. وكأن هزيمتنا أمامها قدر لا فكاك منه (خسئ وفض فوه ).
ثم يمسح نضال شعب مصر من الذاكرة حين يقول : " ونحن في مأساة يونيو 67 والعلم الاسرائيلى مرفوع على سيناء، ولا نعرف ماذا نفعل "..
إذا كانت ذاكرته وذاكرة أسياده في تل أبيب لا تعي ولا تريد أن تعي ماذا فعل الشعب المصري في مأساة يونيو 67، فإن ذاكرة التاريخ تحتفظ لهذا الشعب بأروع صفحات النضال والإباء والعزيمة والقدرة على التحدي والانتصار. بعد ما لا يزيد عن أسبوعين من الخامس من يونيو 67 صنع الأبطال من الجنود المصريين ملحمة رائعة من جسارة الرجال وقوة عزيمتهم وعلو كرامتهم وإبائهم أجبرت قوات العدو أن تنسحب خائبة حين حاولت احتلال بور فؤاد. وكانت معركة رأس العش الشهيرة التي لا يريد هذا المدعى ولا أسياده أن يتذكروها. وعلى مدى سنوات كان الشعب المصري يعرف ما يفعله وما يريده وصنع في النهاية معجزة. بل معجزات حربية بكل المقاييس، كادت أن تنهى الحلم الصهيوني بعد أن زلزلت الدنيا. لولا الخيانة والتخاذل من أصحاب القرار الذين وضعهم القدر في أماكنهم حينئذ. وكانوا أقزاما يحكمون شعبا عملاق.
وللقدر عجائبه ومنها تلك الحفنة من الصهاينة التي تعيث في الأرض الفساد بلا رادع حتى حين.
ثم انظر إلي خبيرهم الاستراتيجي هذا وهو يؤكد أننا وإسرائيل في حالة سلام وأن الإسرائيليون يخشون من صعود التيار الديني المتشدد والسير بالنهج الإيراني. وكأن إسرائيل هي بالفعل حمامة تبث السلام على ربوع مصر. وكأنها في أساس وجودها وبقائها لا ترتكز على الأسطورة الدينية الأشد عنصرية وإجراما وبشاعة في التاريخ الإنساني. وكأن إيران أجرمت بالسعي إلي امتلاك الطاقة النووية السلمية بينما يعلم المدعى بالخبرة الإستراتيجية أن إسرائيل تمتلك بالفعل القنابل النووية.
( ضد من تهدد بها إسرائيل ؟ ألم يسأل نفسه ؟.. وبالمناسبة هي لا تخيفنا فلا يفرح )
هو يبث السموم لإدراكه أن نهوض أي قوة سياسية أو اقتصادية أو علمية في المنطقة ليس مما تسمح به إسرائيل لأن ذلك يتعارض مع كونها القوة الكبرى المسيطرة في المنطقة. وهو يدرك أيضا أن إيران الإسلامية هي قوة للحق العربي الإسلامي في استعادة القدس والمسجد الأقصى الذي يدنسه الوجود الصهيوني ويعمل على هدمه. بعد أن كانت إيران الشاه أكبر حليف لإسرائيل في المنطقة. وبالطبع لا يعجبه كما لا يعجب أسياده في تل أبيب أن تطرد إيران الإسلامية السفير الإسرائيلي من أراضيها وتقدم مبنى السفارة الإسرائيلية بلا مقابل للفلسطينيين كمقر لممثلي الشعب الفلسطيني. ولا يعجبه ولا يعجب أسياده في تل أبيب أن تعلن إيران مساندتها وسعيها لاسترجاع الأراضي العربي والمقدسات الإسلامية المنهوبة.
هو يبث السموم لكي يحيل وجهة نضالنا الطبيعي تجاه العدو الاستراتيجي والتكتيكي والقائم بالأمس واليوم وغدا (حتى يأذن الله وينهار هذا العدو ويغور في داهية). يريد أن يحيل وجهة نضالنا لنعادى الأخ والصديق الذي يشترك معنا في التصدي لهذا الوجود السرطاني الصهيوني. وهكذا هو في كل ما يبثه من سموم، يختلق أسباب الضغينة والبغضاء تجاه القوى الوحيدة الصامدة ببسالة ضد الأطماع الصهيونية. إيران وحزب الله وحماس وكل القوى الإسلامية التي صدقت ما عاهدت الله عليه وتعلن رفضها وعدم اعترافها بشرعية الوجود الصهيوني وتقاومه بعناد وجسارة.
وبالطبع لا يترك هذا الدعي الفرصة لبث سمومه دون الاستشهاد بكتاب الله. لكي يزاحم القوى الصادقة في انتمائها للإسلام. ولكي يدفعنا - خاب رجاؤه- للكف عن معاداة إسرائيل والركون إلى الأمن الكاذب الذي تعطينا إياه معاهدة السلام المزعوم مع أخبث خلق الله. يستشهد بآية وحيدة يقتطعها من السياق فيقول: هذا السلام يذهب بنا إلى الأمن والاستقرار والتنمية وتحقيق الآية القرآنية في الأمن القومي العالمي " الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف".
هو بالطبع لا يريد أن تقع عيناه على الآية التي تسبق تلك الآية التي يستشهد بها وإلا وقع في ورطة.. الآية تقول : " فليعبدوا رب هذا البيت " ثم تأتى الآية " الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف". المقصود الأساسي هو الأمر بعبادة رب هذا البيت لأنه هو الذي يطعم وهو الذي يؤمن. وليست اتفاقية الاستسلام المخزي لعدو فاجر هي تحقق ذلك الإطعام والأمان.
وعبادة رب هذا البيت لا تكون إلا بإعلاء الحق والجهاد في سبيله.. رب هذا البيت هو القائل سبحانه : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". " واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ". " قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله". " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير".." يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ". " يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله إثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير ".
بل إن رب هذا البيت جعل القتال للدفاع عن الدين والوطن والعرض والكرامة، فريضة على المسلم كما الصلاة وكما الصوم وكما الزكاة وكما الحج. " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ". ورب هذا البيت أخذ العهد على نفسه سبحانه " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " إنه هو الله الذي لا إله إلا هو الملك وهو المهيمن وهو العزيز وهو الجبار. هو الله القدير على كل شئ ولا يخلف وعده.
أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن ينصرنا على إسرائيل ؟
بالطبع هذا الخبير الاستراتيجي لا يحب لا هو ولا أسياده في تل أبيب أن يسمع مثل هذه الآيات من القرآن الكريم على كثرتها ويريد أن يكتمها فلا تجد سبيلا إلى الناس ولا غرو فهو تلميذ بليد لمن دأبوا على تحريف الكلم عن مواضعه.. ولكنني ابشره بأن الله أنزل فيه وفى أمثاله قرآنا من فوق سبع سماوات. يقول الله تعالى " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.. أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار "..
**********************************
وعلى هذا النهج من ممارسة الحرب النفسية على شعبنا الطيب تتكرر ممارسات جريدة الوفد حتى أكاد أنظر إليها باعتبارها جريدة الوفد الاسرائيلى في مصر. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فهي لا تجد من الحوار الذي أجرته مع الفريق يوسف عفيفي والذي نشرته في نفس العدد إلا جملة واحده تضعها عنوانا. هي "عفيفي: إلغاء كامب ديفيد جعجعة".
رغم أن المتابع للحوار يدرك أن اللواء عفيفي قد خانه التعبير أو أقتطع من مضمونه وهو يتناول التخطيط الاسرائيلى. بينما كان واضحا في قوله: " لا يعنى هذا إننا كعرب ننفذ ما يريده الصهاينة, بل الواقع أننا ضحية غياب التخطيط العربي مقابل التخطيط الصهيوني ولذلك لابد من صياغة إستراتيجية عربية متكاملة لمواجهة المخططات الصهيونية تجاه المنطقة العربية".
وبالطبع لا يمكن الحديث عن إستراتيجية عربية متكاملة لمواجهة الصهاينة إلا إذا كانت مصر في القلب منها وزعيمة وقائدة. هذا قدرها وهى أهل له.
الرسالة الإعلامية في الحوار تختلف كلية عن اللغم الذي يفجره العنوان في وجه من لا يقرأ الحوار..
هل تلك بلاهة إعلامية ؟ أم إنها سلوك متعمد فى ممارسة التسميم السياسي كأداة من أدوات الحرب النفسية ضدنا. والتي منها أيضا غسيل المخ ونشر الشائعات وإثارة الفتن والقلاقل وتجنيد العملاء.
ودائما ما أجد شيئا منها في كل مرة من المرات القليلة التي أطالع فيها جريدة الوفد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.