كلية التجارة بجامعة أسيوط تنظم حفل تخرج الدارسين في برامج الماجستير المهني    أحمد عز: تعيين خبير صلب في وزارات الصناعة العربية وإطلاق طاقات البناء من أهم سبل النمو    نائب محافظ القاهرة تتابع تطبيق قانون التصالح بحي شرق مدينة نصر    ترامب يتحدث مع بوتين لدى دراسته ضغط أوكرانيا للحصول على صواريخ توماهوك    الحوثيون يعلنون تعيين المداني رئيسا لهيئة الأركان خلفا للغماري    جائزة نوبل للحرب    بالصور.. بعثة نهضة بركان تصل القاهرة استعدادا لمواجهة بيراميدز    محمود الخطيب: "لأول مرة أفكر في نفسي قبل الأهلي.. وهذا سر التراجع"    سيف زاهر: فخور بثقة الرئيس السيسي باختياري عضوًا بمجلس الشيوخ(فيديو)    حسن مصطفى: كنت أتمنى التنسيق بين حسام حسن وحلمي طولان في اختيارات اللاعبين    ماس كهربائي السبب.. السيطرة على حريق اندلع في منزل بالفيوم دون إصابات    حسين فهمي: مهرجان القاهرة السينمائي في موعده.. ولا ننافس الجونة بل نتعاون وفزنا معا بجائزة في كان    أول ظهور ل محمود العسيلي مع زوجته في مهرجان الجونة السينمائي    عاجل- رئيس الوزراء يطمئن ميدانيا على الانتهاء من أعمال تطوير المنطقة المحيطة بالمتحف المصري الكبير والطرق المؤدية إليه    قافلة «مسرح المواجهة والتجوال» تصل رفح دعمًا لأطفال غزة    قائد القوات المسلحة النرويجية: قادرون مع أوروبا على ردع روسيا    سكك حديد مصر تعلن موعد تطبيق التوقيت الشتوي على الخطوط    حجز قضية اتهام عامل بمحل دواجن بالخانكة بقتل شخص بسكين لحكم الشهر المقبل    حركة فتح ل"القاهرة الإخبارية": إسرائيل تراوغ وتتنصل من فتح معبر رفح    يرتدي جلبابا أحمر ويدخن سيجارة.. تصرفات زائر ل مولد السيد البدوي تثير جدلًا (فيديو)    أبوقير للأسمدة يفوز على الداخلية.. وخسارة طنطا أمام مالية كفر الزيات بدوري المحترفين    سيدات يد الأهلي يهزمن فلاورز البنيني في ربع نهائي بطولة أفريقيا    نائب رئيس مهرجان الموسيقى العربية: آمال ماهر تبرعت بأجرها ورفضت تقاضيه    مسرح المواجهة والتجوال يصل رفح دعمًا لأطفال غزة    حسام زكى: العودة الكاملة للسلطة الفلسطينية السبيل الوحيد لهدوء الأوضاع فى غزة    بعد ظهورها كإعلامية.. دنيا صلاح عبد الله توجه الشكر لطاقم عمل مسلسل وتر حساس 2    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندى: رأينا بأعيننا عواقب مخالفة ولى الأمر (فيديو)    قافلة طبية مجانية بقرية سنرو بالفيوم والكشف على 1362 حالة وتحويل 33 للعمليات    نائب رئيس جامعة الأزهر بأسيوط يشهد انطلاق المؤتمر العلمي الخامس لقسم المخ والأعصاب بالأقصر    قائمة بأسماء ال 72 مرشحًا بالقوائم الأولية لانتخابات مجلس النواب 2025 بالقليوبية    وعظ كفرالشيخ يشارك في ندوة توعوية بكلية التربية النوعية    علاء عبدالنبي بعد تعيينه بالشيوخ: ملف الصناعة على رأس أولوياتي    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    ضبط معمل تحاليل غير مرخص بإحدى قرى سوهاج    إصابة 3 أشخاص من أسرة واحدة فى حادث انقلاب ملاكى بقنا    محافظ كفر الشيخ يناقش موقف تنفيذ مشروعات مبادرة «حياة كريمة»    محافظ الجيزة يوجه بسرعة تجهيز مبنى سكن أطباء مستشفى الواحات البحرية    سحر نصر: نبدأ مسيرة عطاء جديدة في صرح تشريعي يعكس طموحات أبناء الوطن    مقتل 40 مدنيا قبل الهدنة فى الاشتباكات على الحدود بين أفغانستان وباكستان    فيريرا يكشف حقيقة رحيل أوشينج وجهاد عن الزمالك وموقفه من المعد النفسي    في يوم الأغذية العالمي| أطعمة تعيد لشعركِ الحياة والطول والقوة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-10-2025 في محافظة الأقصر    قرار جمهوري بترقية اسم الشهيد اللواء حازم مشعل استثنائيا إلى رتبة لواء مساعد وزير الداخلية    الصحة: فحص 19.5 مليون مواطن ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    كيف ظهرت سوزي الأردنية داخل قفص الاتهام فى المحكمة الاقتصادية؟    نبيلة مكرم تشارك في انطلاق قافلة دعم غزة رقم 12 ضمن جهود التحالف الوطني    كامل الوزير: تجميع قطارات مترو الإسكندرية بنسبة 40% تصنيع محلى    الداخلية تكثف حملاتها لضبط الأسواق والتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز    وكيل النواب يستعرض تقرير اللجنة الخاصة بشأن اعتراض الرئيس على الإجراءات الجنائية    وزارة العمل تشارك في احتفالية اليوم العالمي للمكفوفين والعصا البيضاء بالقاهرة    350 مليون دولار استثمارات هندية بمصر.. و«UFLEX» تخطط لإنشاء مصنع جديد بالعين السخنة    وزير الاستثمار يعقد مائدة مستديرة مع شركة الاستشارات الدولية McLarty Associates وكبار المستثمرين الأمريكين    الأهلي: لا ديون على النادي وجميع أقساط الأراضي تم سدادها.. والرعاية ستكون بالدولار    إحالة مسؤولين في المرج والسلام إلى النيابة العامة والإدارية    الصحة تنصح بتلقي لقاح الإنفلونزا سنويًا    قوات الاحتلال تعتقل شابًا خلال مداهمة في بلدة علار شمال طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جريدة الوفد " الإسرائيلي "
نشر في الشعب يوم 29 - 03 - 2012

كنت قد فقدت الرغبة في متابعة صحف الأحزاب التي كان يطلق عليها أحزاب المعارضة. وذلك منذ استطاع النظام البائد ترويض تلك الأحزاب. فظلت قائمة في عهده، ولكن أمسى دورها لا يتعدى حدود الديكور الذي يضفى علي هذا النظام شبها ديمقراطيا خاليا من المضمون، وأصبحت الصحف الصادرة عن تلك الأحزاب أشبه ببالونات الزينة يمسك بها الأراجوزات ويحركها البهلوانات مقابل الدعم النقدي الذي يقدمه النظام لتلك الأحزاب وقادتها. ثم مكافأة هؤلاء بمقاعد ذات عائد مادي وعيني كبير في مجلسي الشعب والشورى، والحضور على الموائد في حظوة الفرعون وملازمته في أسفاره.
أما من استعصى على الترويض من تلك الأحزاب فكان مصيره الحرب والتنكيل والتعطيل بشتى الطرق التي تدنت في الانحطاط إلى حد البشاعة. وتم إيقاف صحفها وتشريد صحفييها، وملاحقتهم بالتهديد والتعدي الجسدي والزج بهم في غياهب السجون.
وتجربة "حزب العمل" وصحيفته "الشعب" شاهد ناطق صارخ في هذا الشأن. كما هو شاهد ناطق صارخ على صلابة رجاله وشموخهم في كل موقف وأمام كل طاغية. وقد كانوا يحتسبون عند الله صدقهم وثباتهم عل الحق وتصديهم للخونة والطغاة. " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا".
غير أن الصدفة ظلت تأبى إلا أن تقع في يدي من آن لآخر بعض الأعداد المتفرقة من تلك الصحف.. ومنها صحيفة الوفد في عددها الصادر يوم الاثنين 26 مارس2012. لأقرأ فيها عنوانين ضخمين للقاءين مع ما أطلقوا عليهم صفة " خبراء استراتيجيين ". المفروض أنهم مصريون.
العنوان الأول: " خلف: كامب ديفيد خيار وحيد بين مصر وإسرائيل ".
أما خلف فهو اللواء محمود خلف الخبير الاستراتيجي في شئون الشرق الأوسط. وأقرأ ما تحت العنوان من سطور وأكاد لا اصدق أنها لم تصدر عن خبير استراتيجي إسرائيلي في الحرب النفسية التي مارستها وتمارسها إسرائيل على شعوبنا. ومصر في القلب منها.
بداية يقرر هذا الخبير الاستراتيجي " بأن معاهدة كامب ديفيد هي خيار استراتيجي وحيد بين مصر وإسرائيل" أي أنه لا فكاك لنا إلا التعايش مع عدونا الفاجر مهما فعل بنا وبإخوتنا ومقدساتنا. طالما لم تتحرك جيوشه لدهسنا.. علينا أن نتعايش مع إسرائيل في جبن ومذلة ونحمد الله أنها لا تضربنا على رؤوسنا وأدبارنا. ولتضرب هي وتقتل وتغتصب الأرض والعرض لمن تشاء من أبناء ديننا وعروبتنا وجيراننا. أخوتنا أبناء دمنا. فهذا شئ لا يعنينا. وكأننا أمة من الزواحف، سحالي وابراص تزحف على الأرض بلا تاريخ ولا وظيفة حضارية ولا وزن ولا قيمة ولا شئ.
ثم يقرر الخبير الاستراتيجي " إن إسرائيل تمارس لعبة الحرب النفسية والأحاديث الجوفاء الموجهة للمصريين ". أي أنه يدرك ويعترف بأن إسرائيل تمارس بالفعل الحرب ضدنا. ولو في شكل حرب نفسية. ولا يقدم مبرر لتلك الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل ضدنا إلا كون المصريين يتحدثون كثيرا عن الحرب وليس عن التنمية. أي أن الحرب النفسية التي تمارسها إسرائيل ضد المصريين سببها الوحيد هو المصريون أنفسهم وليس لها سبب آخر يبررها. رغم أننا المصريين وعلى مدى أربعة عقود لم نكن نسمع من حكامنا إلا كلاما عن تنمية، ولا نراها. أما قادة إسرائيل وعسكريوها لم يتوقفوا على يوما عن تهديدنا بالضرب على رؤوسنا وبتفجير السد العالي واحتلال سيناء. لم نسمع نحن المصريون عن واحد من حكامنا وعسكريينا يتجرأ ويقابل التهديد بالتهديد. وعلى مدى أربعة عقود لم يكن يخلوا فيها يوم واحد – أكرر يوم واحد - من ضحايا الهمجية والوحشية الإسرائيلية التي تمارس على إخواننا أصحاب الأرض المغتصبة في فلسطين. بل وفى خلال هذه العقود سقط الكثير من أبنائنا وجنودنا على الحدود المصرية برصاص العدو الاسرائيلى. ذلك دون أن يخرج صوت من حكامنا بالزئير أو حتى بالصوصوة. واستشهاد ضباطنا وجنودنا برصاصهم الغادر ليس ببعيد، ولم يحرك حكامنا ساكنا. وهو الأمر الذي فجر الغضب الشعبي وأدى إلى اقتحام السفارة الإسرائيلية منذ شهور..
ثم يحدد الخبير الاستراتيجي مستقبل مصر بأنه " مرهون بالسلام وأن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل هي خيار استراتيجي وحيد ".
عن أي سلام يتحدث هذا المأجور؟
ألم يحدث تحت دعاوى السلام أن قامت إسرائيل بالعبث بالزراعة المصرية فدمرتها ونشرت الأمراض الفتاكة والأوبئة في غذائنا، حتى صار أطفالنا يولدون ومعهم داء السرطان والفشل الكلوي والالتهاب الكبدي وأمراض العيون وعاهات السمع والكلام وغيرها وغيرها.....؟
ألم يحدث تحت دعاوى السلام أن شرعت إسرائيل في اختراق جنوب الوادي وتعمل على منع مياه النيل- شريان الحياة الوحيد لنا - من التدفق إلينا كما ظلت تدفق آلاف السنين؟ بل ونجحت فعلا في فصل جنوب السودان - وهو مصدر رئيسي لمياه النيل - عن شماله، وكان أول ما قامت به حكومة جنوب السودان هو التأكيد على التعاون مع إسرائيل؟
ولا يكتفي الخبير الاستراتيجي الفريد في نوعه بما سبق ولكن يتحفنا أيضا باكتشاف جديد في مفهوم السيادة الوطنية. فيقول : " السيادة لا تعنى وجود القوات المسلحة بل السيادة في تطبيق القانون ". وذلك في معرض الحديث عن أن اتفاقية السلام المزعومة تمنع مصر من أن تنشر قواتها المسلحة في سيناء كيف تشاء بل وتمنعها أصلا من الوجود على أكثر من نصف مساحة سيناء.
وهنا يتبادر تساؤل لا أستطيع إلا أن أطلقه في استنكار وغيظ : عبيط ده وللا بيستعبط ؟
هل هناك قانون في مسألة السيادة الوطنية يسبق قانون حق الدفاع الشرعي عن النفس في مواجهة العدوان؟ كيف تدافع عن الأرض وسيادة الشعب والدولة على هذه الأرض بغير إمكانية وجود القوات المسلحة التي تقوم بهذا الدفاع؟
وهنا يحيلنا الخبير الاستراتيجي العبقري إلى الولايات المتحدة الأمريكية كضامن لعدم الاعتداء علينا من قبل إسرائيل. وهو بهذا يحيلنا إلى إسرائيل كضامن لعدم الاعتداء علينا من قبل إسرائيل. هل هناك استعباط أو عبط أكثر من هذا؟.
حين أصدرت الأمم المتحدة قرارا بوقف إطلاق النار في أكتوبر 1973 لم تحترم إسرائيل هذا القرار الذي تقدمت به كل من الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفييتي - وهما القوتان الأعظم في ذلك الوقت - وتوسعت قواتها تحت وقف النار لكي تزيد من رقعة الأرض التي كانت تحتلها فيما سمى بالثغرة حتى أضحت ثلاث أضعاف المساحة وقت بداية تنفيذ القرار. ثم متى وقفت الولايات المتحدة ضد إسرائيل في أي موقف وأي وقت، وعدوانها الوحشي وتوسعها الهمجي قائم لا يتوقف ساعة منذ لحظة إنشائها؟ بل متى احترمت إسرائيل القانون الدولي من الأساس؟ عشرات القرارات الدولية التي تدين إسرائيل أو تطالبها بالالتزام بالقانون والتي استطاعت أن تتسلل من الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، مسحت بها إسرائيل مؤخرتها في الغائط.
ويتساءل الخبير الاستراتيجي في خبث صهيوني : لماذا يريد البعض أن نحارب إسرائيل ؟ هل لمجرد الحرب أم إذا اعتدت علينا؟
ألا يعرف هذا المدعى بالبلاهة من هي إسرائيل؟ ولماذا تم زرعها في أراضينا؟ ألم يسمع عن المشروع الصهيوني القائم على العقيدة اليهودية التي تعتبر اليهود هم شعب الله المختار- ليس لأنهم ذوى أي فضيلة ولكن لأن الله في عقيدتهم هو إله عنصري - ترك لهم الحبل على الغارب يعيثون في الأرض فسادا كما يشاءون، وبدون أي سقف من أخلاق. بل إن الله في دينهم يحثهم على الفساد والقتل والتخريب والاغتصاب، ويسمح لهم بطرد شعبا بأكمله من أرضه. بل إبادته إن استطاعوا بشتى الوسائل مهما كانت همجيتها ووحشيتها. ومنحهم ارض فلسطين لكي يقيموا دولتهم. ومنها ينطلقون للسيطرة على العالم من خلال دولة تمتد من النيل إلى الفرات ؟
سبحان الله عما يصفون.
واسأل هذا المدعى بالخبرة الإستراتيجية : هل لديه أي مؤشر يعطيه لنا ويدل على أن إسرائيل قد تخلت عن هذا المشروع؟
ألا تعنى دولة يقيمها شعب الله المختار- بهذا الوصف - غير حق هذه الدولة – من المنظور الصهيوني- أن تسيطر على المنطقة بأسرها وتتحكم في مقدراتها؟
وهل يتساوى شعب الله المختار- بهذا الوصف - مع بقية الشعوب؟
أليس طبيعيا وفق هذا المنطق أن يسود هذا الشعب و يسيطر ويتحكم ويحيل شعوب المنطقة كلها إلى جماعة من العبيد؟
وهل في ممارسات إسرائيل في كل شبر اغتصبته من الأرض ما ينبئ بغير ذلك؟
ألا يرى كيف يفعلون مع الفلسطينيين، وكيف فعلوا بأهلنا على رمال سيناء؟ ألم يدفنوهم أحياء؟
ورغم هذا يردد الخبير الاستراتيجي في بلاهة بأنه " لا يوجد سبب يجعل إسرائيل تحاربنا "
ويلحس اعترافه بأن إسرائيل تمارس الحرب النفسية ضد مصر.. وهل الحرب النفسية غير أداة من أدوات الصراع تمارسها الدولة ضد الخصم لتحقيق أهدافها بدون الحاجة إلى اللجوء إلى القوة المسلحة ؟ أو تمارسها الدولة وهى تمهد لاستخدام القوة المسلحة أو بالتزامن مع استخدام القوة المسلحة بغية إضعاف الخصم قدر الإمكان حتى لا يقوى على مواجهة القوة المسلحة - حين يأتي دورها – وتتحطم لديه إرادة التحدي والمواجهة؟
متى توقفت إسرائيل عن حربنا؟ هي تمارس الحرب ضدنا بين شعوب العالم ومراكز اتخاذ القرار في الدول المؤثرة في السياسة الدولية. وهى تمارس الحرب ضدنا بعقد التحالفات مع القوى الاقتصادية والشركات العالمية التي تسعى لاستنزاف الموارد العربية لأقصى حد دون عائد يذكر. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتغلغل في زراعتنا وتدميرها كي لا نجد ما نقتات به أو نتسمم لكي تنتشر بيننا الأمراض ونصبح أمة ضعيفة منهكة الأجساد. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتغلغل بيننا تحت ستار البعثات الطبية الدولية " الفاعلة للخير" كي ينكشف لها الجسد المصري وتعرف من أين وكيف تزرع فيه السموم والأمراض. وهى تمارس الحرب ضدنا بالدفع إلى تدمير صناعتنا وبيع قلاعنا الصناعية التي أقمناها بالدم والعرق إلى عملائها لكي يحيلوا القلاع إلى خرائب. ثم يبيعون أرضها ويربحون المليارات تحت دعاوى التعمير.. وهى تمارس الحرب ضدنا بالتآمر على مصادر المياه في أعالي نهر النيل ثم خنقه بالردم في مجراه لكي نموت عطشى وجوعا بعد تموت أرضنا من العطش وتبور.
وهى تمارس الحرب ضدنا بزرع الوهم أن السياحة هي لنا المستقبل. فلا زراعة ولا صناعة ولا علوم. لكي تحيلنا إلى أمة لا تجيد إلا فرش الأسرة للخواجات وأعمال الجرسونات. ولكي لا نجد ما نعمله إذا ألقوا "بمبه" في الطرقات فتجف السياحة ونتحول إلى أمة من الخدم العاطلين.
وهى في ممارستها الحرب ضدنا تعتمد على فصيل من العملاء الخونة في الداخل. هؤلاء الذين باعوا الضمير والوطن والأهل، وكان على رأسهم المخلوع عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. الذي اتخذ من رئيس الأركان الاسرائيلى السابق مستشارا له يدفع له راتبا شهريا آلاف الدولارات من دمنا. لكي يخطط له كيف يدمرنا..
( لم ينكر بنيامين بن اليعاذر أنه كان مستشارا سياسيا للمخلوع ولكنه فقط أنكر انه كان يتقاضى الأجر كي لا يفتح عليه أبواب الضرائب في إسرائيل )
وكان الخبير الاستراتيجي هذا يعمل كبيرا للياوران في بلاط المخلوع. وظل يدافع عنه وعن نظامه حتى سقط فتخلى عنه. ولا عجب فمثله لا يعرف الولاء إلا للمال كدأب أسياده في تل أبيب.
وبفصيل من العملاء والخونة تمارس إسرائيل علينا الحرب النفسية. التي تتنوع وسائلها من عمليات التسميم السياسي التي تسعى إلى تحطيم مناعة الجسد الوطني. عن طريق بث جرعات محسوبة من الأكاذيب والأوهام في صورة حقائق تدفع في النهاية إلى ضعف ثم انهيار الجسد الوطني واستسلامه لإرادة العدو تفعل فيه ما تشاء. ( خاب رجاؤه ورجاؤهم)
ما يبثه هذا المدعى بالخبرة الإستراتيجية تدخل في صميم عمليات التسميم السياسي الذي تمارسه إسرائيل تجاه مصر وشعبها.
أنظر إليه وهو ينفخ السموم في شكل التأكيد أكثر من مرة على أن إسرائيل بلدا ديمقراطيا ولا يجادل في ذلك. ويغفل أن الديمقراطية كقيمة إنسانية لابد وأن تعلى حق الإنسان في الحرية والعدالة والمساواة والازدهار. أين ذلك كله من الممارسة الإسرائيلية العسكرية العنصرية المتأصلة في الوجود الصهيوني.؟
وانظر إليه وهو يؤكد حتمية أن نفقات الحرب والتسليح من جانبنا ستضيع في المعركة مع إسرائيل. وأنه إذا ألغيت المعاهدة مع العدو فإن سيناء لن تبات في أيدينا ليلة واحدة تابعة لمصر. وكأن هزيمتنا أمامها قدر لا فكاك منه (خسئ وفض فوه ).
ثم يمسح نضال شعب مصر من الذاكرة حين يقول : " ونحن في مأساة يونيو 67 والعلم الاسرائيلى مرفوع على سيناء، ولا نعرف ماذا نفعل "..
إذا كانت ذاكرته وذاكرة أسياده في تل أبيب لا تعي ولا تريد أن تعي ماذا فعل الشعب المصري في مأساة يونيو 67، فإن ذاكرة التاريخ تحتفظ لهذا الشعب بأروع صفحات النضال والإباء والعزيمة والقدرة على التحدي والانتصار. بعد ما لا يزيد عن أسبوعين من الخامس من يونيو 67 صنع الأبطال من الجنود المصريين ملحمة رائعة من جسارة الرجال وقوة عزيمتهم وعلو كرامتهم وإبائهم أجبرت قوات العدو أن تنسحب خائبة حين حاولت احتلال بور فؤاد. وكانت معركة رأس العش الشهيرة التي لا يريد هذا المدعى ولا أسياده أن يتذكروها. وعلى مدى سنوات كان الشعب المصري يعرف ما يفعله وما يريده وصنع في النهاية معجزة. بل معجزات حربية بكل المقاييس، كادت أن تنهى الحلم الصهيوني بعد أن زلزلت الدنيا. لولا الخيانة والتخاذل من أصحاب القرار الذين وضعهم القدر في أماكنهم حينئذ. وكانوا أقزاما يحكمون شعبا عملاق.
وللقدر عجائبه ومنها تلك الحفنة من الصهاينة التي تعيث في الأرض الفساد بلا رادع حتى حين.
ثم انظر إلي خبيرهم الاستراتيجي هذا وهو يؤكد أننا وإسرائيل في حالة سلام وأن الإسرائيليون يخشون من صعود التيار الديني المتشدد والسير بالنهج الإيراني. وكأن إسرائيل هي بالفعل حمامة تبث السلام على ربوع مصر. وكأنها في أساس وجودها وبقائها لا ترتكز على الأسطورة الدينية الأشد عنصرية وإجراما وبشاعة في التاريخ الإنساني. وكأن إيران أجرمت بالسعي إلي امتلاك الطاقة النووية السلمية بينما يعلم المدعى بالخبرة الإستراتيجية أن إسرائيل تمتلك بالفعل القنابل النووية.
( ضد من تهدد بها إسرائيل ؟ ألم يسأل نفسه ؟.. وبالمناسبة هي لا تخيفنا فلا يفرح )
هو يبث السموم لإدراكه أن نهوض أي قوة سياسية أو اقتصادية أو علمية في المنطقة ليس مما تسمح به إسرائيل لأن ذلك يتعارض مع كونها القوة الكبرى المسيطرة في المنطقة. وهو يدرك أيضا أن إيران الإسلامية هي قوة للحق العربي الإسلامي في استعادة القدس والمسجد الأقصى الذي يدنسه الوجود الصهيوني ويعمل على هدمه. بعد أن كانت إيران الشاه أكبر حليف لإسرائيل في المنطقة. وبالطبع لا يعجبه كما لا يعجب أسياده في تل أبيب أن تطرد إيران الإسلامية السفير الإسرائيلي من أراضيها وتقدم مبنى السفارة الإسرائيلية بلا مقابل للفلسطينيين كمقر لممثلي الشعب الفلسطيني. ولا يعجبه ولا يعجب أسياده في تل أبيب أن تعلن إيران مساندتها وسعيها لاسترجاع الأراضي العربي والمقدسات الإسلامية المنهوبة.
هو يبث السموم لكي يحيل وجهة نضالنا الطبيعي تجاه العدو الاستراتيجي والتكتيكي والقائم بالأمس واليوم وغدا (حتى يأذن الله وينهار هذا العدو ويغور في داهية). يريد أن يحيل وجهة نضالنا لنعادى الأخ والصديق الذي يشترك معنا في التصدي لهذا الوجود السرطاني الصهيوني. وهكذا هو في كل ما يبثه من سموم، يختلق أسباب الضغينة والبغضاء تجاه القوى الوحيدة الصامدة ببسالة ضد الأطماع الصهيونية. إيران وحزب الله وحماس وكل القوى الإسلامية التي صدقت ما عاهدت الله عليه وتعلن رفضها وعدم اعترافها بشرعية الوجود الصهيوني وتقاومه بعناد وجسارة.
وبالطبع لا يترك هذا الدعي الفرصة لبث سمومه دون الاستشهاد بكتاب الله. لكي يزاحم القوى الصادقة في انتمائها للإسلام. ولكي يدفعنا - خاب رجاؤه- للكف عن معاداة إسرائيل والركون إلى الأمن الكاذب الذي تعطينا إياه معاهدة السلام المزعوم مع أخبث خلق الله. يستشهد بآية وحيدة يقتطعها من السياق فيقول: هذا السلام يذهب بنا إلى الأمن والاستقرار والتنمية وتحقيق الآية القرآنية في الأمن القومي العالمي " الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف".
هو بالطبع لا يريد أن تقع عيناه على الآية التي تسبق تلك الآية التي يستشهد بها وإلا وقع في ورطة.. الآية تقول : " فليعبدوا رب هذا البيت " ثم تأتى الآية " الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف". المقصود الأساسي هو الأمر بعبادة رب هذا البيت لأنه هو الذي يطعم وهو الذي يؤمن. وليست اتفاقية الاستسلام المخزي لعدو فاجر هي تحقق ذلك الإطعام والأمان.
وعبادة رب هذا البيت لا تكون إلا بإعلاء الحق والجهاد في سبيله.. رب هذا البيت هو القائل سبحانه : " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". " واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم ". " قاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله". " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير".." يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ". " يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله إثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل. إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شئ قدير ".
بل إن رب هذا البيت جعل القتال للدفاع عن الدين والوطن والعرض والكرامة، فريضة على المسلم كما الصلاة وكما الصوم وكما الزكاة وكما الحج. " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ". ورب هذا البيت أخذ العهد على نفسه سبحانه " وكان حقا علينا نصر المؤمنين " إنه هو الله الذي لا إله إلا هو الملك وهو المهيمن وهو العزيز وهو الجبار. هو الله القدير على كل شئ ولا يخلف وعده.
أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن ينصرنا على إسرائيل ؟
بالطبع هذا الخبير الاستراتيجي لا يحب لا هو ولا أسياده في تل أبيب أن يسمع مثل هذه الآيات من القرآن الكريم على كثرتها ويريد أن يكتمها فلا تجد سبيلا إلى الناس ولا غرو فهو تلميذ بليد لمن دأبوا على تحريف الكلم عن مواضعه.. ولكنني ابشره بأن الله أنزل فيه وفى أمثاله قرآنا من فوق سبع سماوات. يقول الله تعالى " إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.. أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار "..
**********************************
وعلى هذا النهج من ممارسة الحرب النفسية على شعبنا الطيب تتكرر ممارسات جريدة الوفد حتى أكاد أنظر إليها باعتبارها جريدة الوفد الاسرائيلى في مصر. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فهي لا تجد من الحوار الذي أجرته مع الفريق يوسف عفيفي والذي نشرته في نفس العدد إلا جملة واحده تضعها عنوانا. هي "عفيفي: إلغاء كامب ديفيد جعجعة".
رغم أن المتابع للحوار يدرك أن اللواء عفيفي قد خانه التعبير أو أقتطع من مضمونه وهو يتناول التخطيط الاسرائيلى. بينما كان واضحا في قوله: " لا يعنى هذا إننا كعرب ننفذ ما يريده الصهاينة, بل الواقع أننا ضحية غياب التخطيط العربي مقابل التخطيط الصهيوني ولذلك لابد من صياغة إستراتيجية عربية متكاملة لمواجهة المخططات الصهيونية تجاه المنطقة العربية".
وبالطبع لا يمكن الحديث عن إستراتيجية عربية متكاملة لمواجهة الصهاينة إلا إذا كانت مصر في القلب منها وزعيمة وقائدة. هذا قدرها وهى أهل له.
الرسالة الإعلامية في الحوار تختلف كلية عن اللغم الذي يفجره العنوان في وجه من لا يقرأ الحوار..
هل تلك بلاهة إعلامية ؟ أم إنها سلوك متعمد فى ممارسة التسميم السياسي كأداة من أدوات الحرب النفسية ضدنا. والتي منها أيضا غسيل المخ ونشر الشائعات وإثارة الفتن والقلاقل وتجنيد العملاء.
ودائما ما أجد شيئا منها في كل مرة من المرات القليلة التي أطالع فيها جريدة الوفد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.