95 عاما استغرقها مشروع منخفض القطارة كي يلتفت اليه المسئولون منذ اكتشاف الانجليز له في عام 1917 وحتي الآن ويبدو أن هذه الأعوام لم تكن كافية لدراسة جدوي المشروع وتنفيذه خاصة وأنه مشروع متكامل بحق من حيث استصلاح مساحة زراعية أكبر وتوطين مئات الالآف من الأسر كما أنه من البدائل الضرورية والمتاحة لمواجهة خطر غرق الدلتا. فما هي الأسباب الحقيقية وراء توقف هذا المشروع؟ ومامصير "هيئة مشروع منخفض القطارة" التي كان قد أنشأها الرئيس الراحل أنور السادات. ورصد المشروع علي خريطة النهضة لجمهورية مصر الثانية. في البداية يؤكد د. خالد عودة الخبير الجيولوجي أن النهضة الحقيقية لمصر لن تتحقق إلا من خلال العمل علي مشروع منخفض القطارة المتوقف منذ عام 1930 وحتي الآن. وأضاف أن ملف المشروع عرض علي ملوك ورؤساء مصر المتعاقبين، بداية من الملك فؤاد ثم الملك فاروق الذي قرر البدء فيه قامت الحرب العالمية الثانية فتسبب في زرع الغام بين الساحل والمنخفض في ذلك الوقت مما أدي الي تعطيله، ثم عرض علي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ولكن كان أمامه مشروعان مهمان هما منخفض القطارة وانشاء السد العالي ففضل البدء في مشروع السد العالي، الي أن جاء عصر الرئيس الراحل محمد أنور السادات والذي أمر بانشاء هيئة سميت ب"هيئة مشروع منخفض القطارة" تابع أعمالها لمدة عام واحد قبل اغتياله وظلت تعمل 12 عاما حتي توقفت عن العمل. وخلال هذه الفترة والكلام علي لسان عودة حصلت مصر علي منحة من ألمانيا لانجاز المشروع وعمل بحيرة تستوعب 5 ملايين فدان والبدء في توليد الكهرباء وتم تأليف ستة مجلدات عن المنخفض وجدوي المشروع. ولكن فجأة توقف عمل هيئة المشروع والتابعة لوزارة الكهرباء والطاقة منذ انشائها وحتي الآن حيث ادعي د. حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة السابق أن مشروع انشاء المنخفض لايغطي تكاليفه كما لا يغطي تكاليف انشاء القناة المائية بالمنطقة هذا فضلا عن التكلفة العالية لازالة الألغام التي زرعت في هذه المنطقة في فترة الحرب العالمية الثانية وتوقف العمل بالهيئة منذ عام 1998. وأكد "عودة"أن هذا المشروع هو الكفيل بمواجهة التغيرات التي طرأت علي الطبيعة الجيولوجية لمصر لأن سواحل الدلتا يهددها خطر الغرق الكامل مشيرا الي أنه شكل فريقا بحثيا لاحياء المشروع وهذا الفريق غير خاضع لأي جهة رسمية وتمت الاستعانة بجميع الدراسات والمجلدات التي أعدت حول هذا المشروع وانتهي الأمر الي عدم وجود أي أزمة أو مشكلة في البدء في انشائه، إلا أن الفريق البحثي توصل الي زيادة نسبة الملوحة في مياه تلك المنطقة وهو ما ستتم مواجهته من خلال تحليتها باستخدام الطاقة الشمسية متهما وزارة الكهرباء بتخريب مشروع منخفض القطارة لصالح مشروع المفاعل النووي المصري تحقيقا لمصالح خاصة وكشف د. خالد عودة عن أن الأممالمتحدة حددت سبيلين أمام مصر في هذا الصدد لمواجهة خطر غرق الدلتا إما هجرة المواطنين من الأماكن المعرضة للغزو البحري أو التأقلم علي هذا الغزو فضلا عن امكانية بناء الدفاعات الساحلية أي حوائط بين البحر والشاطيء إلا أن ذلك سيتكلف عدة مليارات بدون عائد حقيقي علاوة علي أنها تشوه المنظر الجمالي للمنطقة. وأكد أن من 25 الي 30 مليار متر مكعب هي نسبة الزيادة السنوية في البحر الأبيض المتوسط وهي نسبة إذا استطعنا سحبها الي منخفض القطارة فمن المتوقع امتلاؤه خلال 60 عاما فإذا قمنا بانشاء القناة المائية والتي يستغرق بناؤها عامين فسنبدأ خلال هذه الفترة في توليد وانتاج الكهرباء مما يساعد علي بدء استغلال المنخفض بعد سنة ونصف السنة فقط من ملئه مشيرا الي أن مشروع منخفض القطارة تضمنه مشروع النهضة الذي يتبناه رئيس الجمهورية مؤكدا أن الفريق البحثي لا يزال يدرس السلبيات المتعلقة بالمشروع لتفادي ماوقع من سلبيات نتيجة التعجل في انشاء السد العالي. وأضاف أن الفريق البحثي يدرس مع وزارة الزراعة حاليا استغلال مياه الصرف الزراعي في سيوة بدلا من تراكمها في عدد من البرك غير المستغلة من خلال استيعابها في أنبوب وسحب مياه الصرف الزراعي وليس الصحي للمنخفض لتقليل نسبة الملوحة في المنطقة مشيرا الي أن واحة الفرافرة الجديدة التي بدأ العمل فيها مؤخرا علي مساحة 220 ألف فدان يوجد علي الجانب الغربي منها 3.5 مليون فدان وهي مساحات تحتاج 75 سنة لزراعتها. ويقول د. عبده بسيوني - أستاذ الجيولوجيا والمسئول عن هيئة مشروع منخفض القطارة منذ انشائها وحتي توقفها قال ان مشروع المنخفض مازال داخل أروقة الدولة حبيس الأدراج كاشفا عن أن وزارة الكهرباء والطاقة في عهد د. حسن يونس قامت بتحويل هيئة المشروع إلي هيئة تنفيذ المحطات المائية لتوليد الكهرباء "تتولي تنفيذ كل المحطات المائية علي نهر النيل وهي الحيلة التي تم بها إيقاف العمل بالمشروع منذ عام 1998. وأضاف أن قرار تحويل الهيئة إلي هيئة أخري أمر شابه الخطأ وناقض قرار مجلس الوزراء الذي صدر في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات بتاريخ 25-7-1973 والذي نص علي اعتبار مشروع منخفض القطارة مشروعا قوميا واعطائه الأولوية والأهمية الواجبة مع دراسة مدي إمكانية استغلال المشروع في نواح اقتصادية اخري إلي جانب توليد الكهرباء متهما كل المسئولين عن توقف المشروع بأنهم بحثوا عن مصلحتهم الخاصة فلم يجدوها في المشروع. وتساءل "بسيوني": "هل تبنت وزارة الكهرباء بناء السد العالي من أجل بناء محطة كهرباء السد العالي؟ مشيرا إلي أن وزارة الكهرباء كانت تهتم فقط بجدوي المشروع من ناحية توليد الكهرباء فقط وهو ما دفعها إلي توقف العمل بالمشروع بشكل آخر مؤكدا أن هذا المشروع لا يمكن أن يكون من اختصاص وزارة الكهرباء بأي شكل من الأشكال. وطالب بضرورة استصدار قرار جمهوري بانشاء هيئة مستقلة لمشروع منخفض القطارة مع تحديد واضح لأعمالها واختصاصاتها علي أن ينص القرار أن تكون محطة كهرباء ومياه مطروح خاضعة للهيئة مساواة بانشاء السد العالي الذي سخرت له كل الامكانات من المحافظات المحيطة به. وأضاف قائلا ان المشروع يتطلب 7 مليارات جنيه ومن غير المعقول أن يتم طرحه لشركات أجنبية فهذا المشروع يحتاج إلي الأيدي العاملة المصرية بالدرجة الأولي كما يحتاج لدعم المصريين لأنه سيوفر فرص عمل حقيقية وسيتسبب في إنشاء دولة ثانية داخل جمهورية مصر العربية. من جهته أكد د. محمد بهاءالدين وزير الري والموارد المائية أن المشروع دخل حيز التنفيذ بالفعل وأن وزارة الري من جانبها سوف تستقطب المياه الجوفية الموجودة بمنطقة المنخفض لأن أبعد نقطة في المنخفض تقع علي بعد أقل من منسوب البحر ب130 مترا والمياه الجوفية الموجودة هناك فسوف تهدر بفعل الضغط في مياه البحر حيث تستهدف الوزارة استقطاب المياه الجوفية في مساحة 30 ألف فدان كمرحلة أولي وأن وزارة الزراعة من خلال هيئة التعمير قد شرعت مؤخرا في طرح مساحات من المنخفض للمستثمرين بغرض البيع. وأوضح الوزير أن مهمة وزارة الري في هذا الصدد هي عمل الاستكشافات الخاصة بالمياه وما يرتبط بذلك من دراسات وبحوث اعتمادا علي الميزانية الخاصة بالوزارة وفي حدود الموارد المتاحة مؤكدا أنه جار حاليا استكشاف باقي مصادر المياه الجوفية لاستغلالها وزيادة مساحة الرقعة الزراعية لمعالجة فجوة الغذاء وغيرها من مشكلات. وينفي د. علي اسماعيل رئيس هيئة التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة ما قاله د. عبده بسيوني من أن مشروع منخفض القطارة حبيس الأدراج حيث أوضح أن المشروع مدرج ضمن خطة وزارة الزراعة خاصة وأن منطقة القطارة من المناطق الرئيسية القابلة للتوسع الزراعي والسكاني. وكشف عن أن الوزارة بدأت بالفعل العمل في مساحة 250 ألف فدان جنوب شرق منخفض القطارة كمرحلة أولي وتم تكليف عدد من المراكز البحثية علي رأسها مركز البحوث الزراعية و مركز بحوث الصحراء لدراسة التربة هناك كما تم الاتفاق مع وزارة الري والمركز القومي لبحوث المياه علي دراسة المياه من حيث نوعيتها ونسبة الملوحة في تلك المنطقة. وقال ان المرحلة الأولي سيستغرق العمل فيها من 4 إلي 5 سنوات كاشفا عن أن المرحلة الأولي وحدها تتطلب توفير 15 مليار دولار لتنفيذها وهو مبلغ لابد من تدبيره إما من خلال اللجوء للمؤسسات العربية أو الدولية المهتمة بهذا المجال أو طرح المشروع للاكتتاب الشعبي مشيرا إلي أن المشروع في مجمله يستهدف إقامة مشروع متكامل من حيث جذب السكان والتنمية الزراعية حيث من المتوقع توطين 250 ألف أسرة فيه. - 298 كم: هو طول المنخفض - 80 كم: هو متوسط عرضه - 1917: اكتشاف منخفض القطارة خلال الحرب العالمية الأولي. - 1924: تولت مديرية الصحاري بمصلحة المساحة الجيولوجية التي كان يرأسها الدكتور جون بول في ذلك الوقت الأعمال المساحية للمنخفض. - 1927: قام المهندس حسين سري رئيس مصلحة المساحة الجيولوجية في ذلك الوقت بإجراء دراسة أولية علي المشروع. - 1931: قدم المهندس حسين سري وكيل وزارة الأشغال تقريرا عن المشروع إلي المجمع العلمي المصري. - 1933: نشر د. جون بول دراسة عن المنخفض وإمكان استخدامه في توليد الكهرباء بمجلة الجغرافيا بلندن. - 1998: توقف العمل في هيئة مشروع المنخفض.