بينما تتنوع المشاهد المؤلمة حول العالم من تنازع علي السلطة هنا وحرب أهلية هناك وحكام مستبدين يقومون بتصفية شعوبهم, ودول تتآمر علي أخري, وتكتلات دولية تفرض عقوبات إقتصادية علي أنظمة. فلا تعاني الأنظمة وإنما تعاني الشعوب, يأتي المشهد في فنزويلا ليزيح بعض هذه السحب السياسية الكئيبة. الآن يمكن للمرء أن يتنفس الصعداء.. فثمة دولة في العالم تفلت من براثن التآمر الدولي, وشعب يفرض علينا احترامه مرة بعد أخري. فبفوز الرئيس الفنزويلي هوجو شافيزبولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية أمس بفارق مهم علي منافسه أنريكي كابريليس يتأكد أن الديمقراطية لها أوطان أخري غير الدول الغربية والولايات المتحدةالأمريكية, بما يثبت أن الشعوب قادرة علي اختيار رؤسائها دون وصاية من أحد,ويثبت أن الشعب الفنزويلي استطاع أن يملي إرادته باختيار رئيسه المحبوب ولمرة ثالثة رغم تدني شعبيته مقارنة بما كانت عليه من قبل. واللافت للنظر في نجاح شافيز قدرته علي الحفاظ علي شعبيته وعلي خوض السباق الرئاسي لمرة ثالثة بكفاءة واقتدار رغم إصابته بالسرطان وهي محنة كانت كفيلة وحدها بإخراجه من المضمار- ورغم وجوده علي سدة الحكم منذ14 عاما, بما يعني أن إنجازاته المعروفة ومن بينها محو أمية شعبه وتقليل الفجوة بين الفقراء والأغنياء إلي درجة مقبولة بما يؤكد أنه رجل أفعال وليس مجرد رئيس مفوه له حضور كاريزمي نادر, وقادرعلي استقطاب الناخبين بحلو الكلام. فقد كانت نسبة الفقر تتجاوز ال60% وعلي مدي14 عاما وصلت إلي27% فقط, وهو إنجاز هائل بكل المعايير..صحيح أن الفقر لم يختف تماما من هذا البلد المناوئ للولايات المتحدة علي طول الخط, إلا أن الإنجاز الذي حققه شافيز محسوس بصورة ملحوظة وهو ما ضمن له النجاح الأخير. كما أن نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات الرئاسية والتي بلغت نحو80% تبين درجة الوعي التي وصل إليهاالشعب الفنزويلي وتثبت إيجابيته وحرصه علي اختيار رئيسه بنفسه. الفوز الكبير الذي حققه شافيز فوز للشعب كله, فمنافسه الشابأنريكي كابريليسسارع بالاعتراف بالهزيمة وهنأ شافيز بفوزه المستحق في مشهد ديمقراطي رائع من دون الطعن في النتائج أو إثارة المشكلات أو التظاهر وتحريض مؤيديه علي إفساد هذا العرس الديمقراطي..بما يعني ضمنا اعترافه بنزاهة وشفافية الانتخابات التي شارك فيها أكثر من19 مليون ناخب وأجريت في13 ألف مركز اقتراع في حراسة140 ألف جندي.. منتهي التحضروالرقي.