حقق المصريون نصر أكتوبر العظيم لأنهم دخلوا الحرب بأمل أن يصنعوا مستقبلا مشرقا لبلادهم بعد أن يهزموا إسرائيل ويفرضوا عليها السلام. وفي ذلك الوقت كان معلوما أن الاستعداد العسكري يكلف بلادنا مليار جنيه سنويا, وكان مثل هذا المبلغ في ذلك الوقت كفيلا برخاء المصريين ورفاهتهم. وكان الظن أنه بمجرد أن تضع الحرب أوزارها لن تحتاج مصر إلي إنفاق ذلك المبلغ علي الجيش, وسيعم الخير وتنتهي المشاكل. لكن المصريين لم يحصدوا ما زرعوا. وكان الحاصد هو أنور السادات وأسرته وأصهاره وبطانته وآخرون صاروا اصحاب ملايين بعد أن كانوا أصحاب ملاليم. فبعد الحرب مباشرة بدأ السادات في إدخال النظام الرأسمالي, لكن القصد كان حسبما بدا للعيان وقتذاك أن يكون النظام الرأسمالي لافتة يتم تحتها نهب الثروة الوطنية. وكان من نتيجة ذلك أن ضاقت الأرزاق بعد أن صارت الدخول لا تكفي أقوات الناس, واضطر مصريون كثيرون إلي القيام بأعمال إضافية لتلبية احتياجات أسرهم أو رحلوا إلي الدول العربية التي صار لبترولها ثمن بسبب الحرب. وبعدها سقطت مصر في دوامة الفساد إلي أن قامت ثورة25 يناير. وكانت الثورة نصرا لمصر وشعبها لا يقل شأنا عن نصر أكتوبر. وقد أطلق أبناء الجيل الشاب الثورة بأمل أن يصنعوا مستقبلا مشرقا لبلادهم بعد أن يسقطوا مبارك ويفرضوا الديمقراطية نظاما للحكم والشفافية قاعدة للاقتصاد. وقد ثار القلق مبكرا من أن يضيع الأمل الذي فجرته ثورة25 يناير مثلما ضاع الأمل الذي أطلقته حرب اكتوبر. وكان من أسباب القلق أن المجلس العسكري بدا حريصا علي الإبقاء علي مؤسسات الحكم كما كانت في عهد مبارك من أجل إبقاء النظام. وكان من أسباب القلق أن السياسيين ساعدوه. والحديث موصول.