لم تعلم مدينة الواسطي أنها ستستيقظ ذات يوم علي خبر مقتل احد ابنائها علي يد جاره.. الخبر الذي زلزل جنبات المدينة الناعمة, بعد أن اصاب الشيطان هدوء العرين بين اثنتين من أكبر عائلات المدينة.. فلم تقعد الدنيا وتلتقط انفاسها, بعد ان اشتعلت نيران الفتنة والأخذ بالثأر, وجابت عائلة المجني عليه الأزقة والأركان بالسلاح, بحثا عن الجاني. لم يعرف الأهالي طريق الليل, بعد ان اضاءت السماء نيران الغضب وطلقات الأسلحة, التي حبب إليهم ابليس اصواتها, وتجمع العقلاء ورؤوس العائلات في محاولة لفض فتيل الازمة دون داع, خاصة بعد ان تطور الأمر, ووصلت النيران من دون رحمة إلي والد الجاني, ولجأوا للشرطة التي ارسلت هنا وهناك ذوي القبول, للحيلولة دون الدخول في اتون حرب لانهاية لها, بين عائلتين كبيرتين. وبعد مجهود شاق دام عدة اسابيع, نجحوا في عقد جلسة عرفية لتقديم الكفن لعائلة المجني عليها, في مشهد مماثل ابدع فيه الفنان يحيي الفخراني في مسلسل عباس الأبيض, حينما اعتق رأس الفنان أحمد عزمي من مقصلة الثأر.. وانتظر الأهالي مرتجفين خوفا من عواقب الأمور, فما بداخل النفوس لايعلمه إلا الله. ووسط الحديث والغبار المتطاير, شق رجل كبير الوقار يملأ جبينه وبعد ان اقترب علمنا انه كبير عائلة, الضيفية يحمل بين يديه الكفن مقدما روحه فداء لابن شقيقه, ووسط لحظات الصمت وحبس الأنفس والانتظار المهيب, تعالت صيحات التكبير من الجميع بصوت5 آلاف من الحضور من أهالي العائلتين بعد ان قبل والد المجني عليه من عائلة المراكبية, الكفن ودموع عينيه تتساقط بانتظار علي تراب الأرض الظمآن قائلا: انا لله وإنا إليه راجعون ومضيفا بأنه قبل الكفن حقنا لدماء شباب العائلتين. وكان مركز الواسطي قد شهد واحدة من أكبر جلسات الصلح العرفي بين عائلتي الضيفية والمراكبية, بحضور عدد من القيادات الأمنية, علي رأسها اللواء عطية مزروع مدير الأمن والعميد زكريا أبوزينة رئيس المباحث الجنائية, والعقيد محمد عبداللطيف رئيس مباحث المركز والنقيب محمد البرنس رئيس مباحث الواسطي وعدد من مشايخ الأوقاف والأزهر ورجال الدين, وعدد من المحكمين العرفيين, ونحو5 آلاف من ابناء المدينة. وفرضت قوات الشرطة حراسة أمنية مشددة لمسافة مائتي متر في المنطقة المحيطة بمركز الواسطي وشارع البنك وحتي النادي الرياضي, لتأمين جلسة الصلح, وشهد الشارع الرئيسي تكدس مئات المواطنين ووجودا واضحا لقوات الشرطة ونحو7 سيارات للأمن المركزي, تحسبا لحدوث اي تجاوزات خلال حضور المئات من أهالي العائلتين. وشهدت الجلسة تقديم الكفن من عائلة الضيفية إلي عائلة المراكبية, حيث قام عم الجاني من عائلة الضيفية بتقديم الكفن إلي والد المجني عليه من عائلة المراكبية, بعد ان أعلن رئيس المحكمين العرفيين قبول الطرف الأول الكفن من الطرف الثاني بالتراضي, كما أعلن التزام الطرفين بالشرط الجزائي وهو نصف مليون جنيه, في حال تعدي اي من الطرفين علي الطرف الآخر. جدير بالذكر ان محاميا شابا لقي مصرعه في المشاجرة محل الخصومة اثر اصابته بطلق من فرد خرطوش في بطنه, بعد ان نشبت مشادة كلامية بينه وبين جاره, كما اصيب والد الجاني بطلق ناري في قدمه انتقاما لمقتل المجني عليه, تم نقل الجثة والمصاب إلي مستشفي الواسطي المركزي, وتطور الأمر إلي اقتحام اهالي القتيل مستشفي الواسطي بالأسلحة, بحثا عن والد القاتل للأخذ بالثأر.