منذ أيام أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية د.ياسر علي أن الرئيس الدكتور محمد مرسي استقر علي ثلاثة أسماء ضمن خمسة أسماء ليصبحوا مستشارين له ضمن الفريق الرئاسي المعاون. وكان من الاسماء د.باكينام الشرقاوي الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن العربي بشكل عام والايراني بشكل خاص. في حوارنا معها تحدثت عن المشهد السياسي الحالي معتبرة أن مصر مازالت في المرحلة الانتقالية مستعرضة عددا من العوامل التي ساهمت في عدم تمهيد البلاد التمهيد الكافي لاستقبال رئيس جمهورية منتخب مثل الفراغ المؤسسي والتشريعي معتبرة أن المسئول الأول عن ذلك هوالمجلس العسكري خلال توليه أمور البلاد طيلة عام ونصف العام.وفي حين رفضت الحديث عن اعلان اختيارها ضمن فريق مستشاري الرئيس ورؤيتها للدور الذي يمكن أن تلعبه في موقعها المرتقب لحين صدور القرار الرسمي بذلك, أكدت د. باكينام علي أهمية الالتفاف حول صياغة دستور جديد للبلاد وأهمية استعادة العلاقات مع العديد من الدول العربية وكذلك إيران وتعظيم دور الدبلوماسية الشعبية في الفترة المقبلة. وإلي الحوار: * ما هي رؤيتك للمظاهرات الأخيرة التي شهدتها مصر الجمعة الماضية؟ ** المظاهرات التي شهدتها المنصة الجمعة الماضية لا يمكن اعتبارها إلا مجرد محاولة لإبقاء صوت معارض علي الساحة السياسية وهذا عرف جديد لابد وأن نحترمه ونعمل علي وجوده والمعارضة إما أن تكون موجهة لرئيس الدولة أولحزب أولأي شكل سياسي يمثل الحكم في البلاد. * لكنها لم تكن للمعارضة فقط بل حملت مطلب اسقاط رئيس الجمهورية... ** لابد أن نتمتع باليقظة والحرص في فعالياتنا الاحتجاجية ضد الحاكم وألا تتحول المعارضة إلي مدعاة لهدم أهم قواعد اللعبة البرلمانية وهي التي تتمثل في أننا أتينا بالحاكم الموجود حاليا من خلال صندوق الانتخابات وهي شرعية لابد وأن تحترم خاصة وأنها آلية مشروعة في عملية تداول السلطة وفي المقابل فهناك حق مشروع لا يمكن انكاره وهوحق المعارضة البناءة الموضوعية للحاكم أوللحزب الحاكم. * ما هوشكل المعارضة الذي تحتاجه مصر في الفترة المقبلة؟ ** الفترة المقبلة من عمر مصر في حاجة قوية لوجود المعارضة التي تدعم ارساء قواعد العملية الديمقراطية في أية دولة خاصة وأن مصر تعيش فترة ما بعد الثورة التي تعني التغيير والانتقال إلي مستوي أفضل علي كافة الأصعدة وأية دعاوي لاسقاط الرئيس في هذه المرحلة ضد الديمقراطية بلا شك. * هل ترين أن مصر مازالت تعيش المرحلة الانتقالية؟ أم انها انتهت؟ ** نحن للأسف مازلنا في المرحلة الانتقالية فهي لم تنته بانتخاب الرئيس محمد مرسي كما يتصور البعض والسبب في ذلك كانت ممارسات المجلس العسكري خلال عام ونصف العام قضاها في إدارة شئون البلاد كما أن الرئيس تولي رئاسة البلاد وهي في حالة فراغ مؤسسي فضلا عن اللغط الشديد الدائر حول الجمعية التأسيسية وتشكيلها وازدواجية السلطة إبان تولي مرسي الحكم وعدم وجود برلمان....فكل ذلك ساعد علي عدم خروجنا من الفترة الانتقالية بعد. * وما هي معطيات التعامل مع المشهد السياسي في الوقت الراهن؟ ** لابد من استكمال البناء المؤسسي والسياسي للدولة ونأمل في هذا الصدد أن تخرج لجنة صياغة الدستور بدستور جديد للبلاد يحظي بالتوافق والقبول ويؤسس لسلطة تشريعية سليمة وقوية ويكرس مبدأ الفصل بين السلطات بشكل واضح وتحديد اختصاصات كل سلطة بشكل محدد وعلينا جميعا الآن الالتفاف حول صياغة الدستور. * وكيف أثر غياب البرلمان علي المشهد الراهن في رأيك؟ ** بالتأكيد غياب البرلمان يؤثر علي المشهد السياسي في مصر خاصة وأنه تم حله رغم أنه تم انتخابه انتخابا حرا ونزيها وكان لابد من ايجاد طريقة للتوافق في تطبيق الأحكام القضائية التي قضت ببطلانه بما لم يكن يسمح بغيابه عن المشهد السياسي في هذه المرحلة من تاريخ مصر. * ماذا تقصدين بالتوافق في حديثك؟ ** كان لابد من البحث عن أفضل الطرق في تنفيذ الأحكام من الناحية السياسية والديمقراطية وليس اعاقة العملية الديمقراطية من خلال حل البرلمان فكان من الممكن الاستفادة في هذا الأمر مثلا بالتجربة الألمانية حيث صدر في ألمانيا حكم من المحكمة الدستورية هناك يقضي بعدم دستورية قانون الانتخابات حينها لم يلغ البرلمان وانما تم العمل علي تغيير القانون وتطبيقه علي البرلمان المقبل دون حل أوتعطيل البرلمان القائم وهي التجربة ذاتها التي تكررت في بلجيكا. * هل تعنين أنه كان يمكن الابقاء علي البرلمان رغم الحكم بحله؟ ** بتطبيق مثل التجربتين السابقتين كان من الممكن تلافي الفراغ التشريعي ورفع الكاهل عن مؤسسة واحدة تقوم حاليا بادارة البلاد والتشريع في وقت واحد. * دعينا نتحدث عن مؤتمر الحضارة الذي أعددتم خلاله خطة للنهوض بالبلاد في مايوالماضي.... ** بالفعل أعددنا خطة متكاملة للنهوض بالبلاد في خمسة مجالات تشمل الأمن وإصلاح البرلمان والمحليات والاعلام والتطوير الإداري لأجهزة الدولة وكان ذلك نتاج جهد عدد كبير من المفكرين والنشطاء وأساتذة الجامعات وكان الهدف ربط الفكر بالحركة بأن يتم توليد أفكار وتلخيصها ورفعها إلي أولي الأمر. * وهل يمكن اعتبار تلك المبادرات خارطة طريق للنهوض بالبلاد؟ ** أعتقد أن الفترة المقبلة تحتاج إلي تكامل الأفكار والخبرات وهذه المبادرة مجرد اسهام ضمن اسهامات كثيرة يجب أن يضعها رئيس الجمهورية في الاعتبار حتي يضمن نجاح برنامج النهضة الذي رشح نفسه من خلاله. * استنادا إلي خبرتك في العلاقات الدولية ما تقييمك لتوجه رئيس الجمهورية لاستعادة العلاقات بعدد من الدول؟ ** لا شك في أن انفتاح مصر علي العالم بكل دوله خطوة مهمة وضرورية الآن خاصة وأن من أبرز سلبيات حكم النظام السابق تقزيم مصر واختزال السياسة الخارجية المصرية في اتجاهها الغربي والأوروبي فقط غافلا تماما عن الدول الافريقية والآسيوية والعديد من الدول العربية وعلاقتنا بهذه الدول في الحقيقة مهمة جدا لمصالحنا القومية. * وهذا يتطلب رؤية جديدة لسياستنا الخارجية... ** لا مفر من الانفتاح علي دول العالم خاصة من كانت علاقاتنا مقطوعة بها حتي لا تتكرر أخطاء الماضي خاصة وأننا نمتلك من الموارد والامكانيات المذهلة التي منحنا إياها التاريخ والجغرافيا. * ما هوشكل هذا الانفتاح من وجهة نظرك؟ ** أن يكون هناك شكل من أشكال التكامل بين الأبعاد والمسارات السياسية والاقتصادية وبالأخص الأبعاد الثقافية والاجتماعية من خلال تبادل الثقافات وإبراز دور الدبلوماسية الشعبية بشكل كبير جدا خلال الفترة المقبلة وتكثيف نشاطها لتكون أداة فعالة في سياساتنا الخارجية وهي الدبلوماسية التي أصبح لها ثقل كبير في علاقات الدول وبعضها البعض علي مستوي العالم بأسره. * هذا يجرنا إلي التخوفات التي سادت الشارع المصري والوسط السياسي من اعلان الرئيس مرسي بشأن العلاقات المصرية مع إيران....فكيف ترين ذلك؟ ** ليست إعادة العلاقات مع إيران فقط هي التي تسبب تخوفا لدي المواطنين أوالساسة فالرئيس السابق بتعاطيه مع كافة الأمور سبب تخوفات كثيرة لابد من تخطيها في مصر ما بعد الثورة ونحن كشعب لازالنا نعاني من موروث فكري يجعل من المخاوف قيودا تكبلنا وتعيقنا عن التقدم للأمام وتقلل من القدرة علي المبادرة وتجعلنا في موقع رد الفعل بدلا من الفعل وعلينا ونحن في حالة إعادة لتقييم الأداء أن نتخلص من هذه السلبيات. * لنعد للحديث عن تخوفات اعادة العلاقات المصرية الايرانية... ** مصر هي الدولة الوحيدة إلي جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل مقاطعة لإيران وهذا يتناقض تماما مع الانفتاح الذي ننشده خاصة وأن هدفه دعم استقرار المنطقة وليس دعم العلاقات الثنائية المنفردة وحسب وإعادة العلاقات المصرية الإيرانية خطوة هامة لتصحيح أخطاء الماضي التي أدخلت مصر في عزلة كبيرة. * إن كانت لك كلمة في نهاية الحوار فلمن توجهينها؟ وماذا تقولين فيها؟ ** أوجه كلمتي لكافة المصريين: نحن في مرحلة مفصلية من تاريخ الوطن ولابد أن يقف المصريون وقفة واحدة بكافة الأطياف الفكرية والتيارات السياسية حول نية بناء الوطن ونجاح المرحلة المقبلة لن يحسب للدكتور محمد مرسي وحده أولحزب الحرية والعدالة ولكن سيحسب للجميع وبالجميع. السيرة الذاتية د.باكينام راشد الشرقاوي هي أستاذ نظم الحكم و التنمية بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية بجامعة القاهرة, حصلت علي الدكتوراه عام2000 و دارت رسالتها حول علاقة نظم الاصلاح الاقتصادي بكل من إيران و تركيا بنظم الحكم في كل منهما. و د.باكينام هي ابنة اللواء راشد الشرقاوي مساعد وزير الداخلية لأمن الدولة و الذي أحيل إلي المعاش أوائل التسعينات, كما أنها زوجة المستشار أمجد وطني مهران رئيس محكمة استئناف القاهرة ولديها ابن و ابنة. تدور أبحاث د.باكينام و جميع الأنشطة و الفعاليات الثقافية و الأكاديمية حول السياسة الخارجية الأمريكية و حوار الثقافات و دراسات النظم السياسية و التنمية كما أنها رأست مركز الدراسات الحضارية و حوار الثقافات بكلية الاقتصاد و العلوم السياسية في الفترة الممتدة بين عامي2010 و2011.