في قول الله تعالي: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا, وقفنا لنري مابالآية من بشريات لأهل الإيمان, وما في كلمات الآية من إشارات ولمحات,ومازلنا علي الطريق نتساءل لماذا اختار التعبير بالرسالة فقال: إنا أرسلناك؟ ونقول هذا الاختيار تذكير لرسول الله صلي الله عليه وسلم بما تفرضه الرسالة علي صاحبها من صبر وجلد وجهاد ومشقات تعظم بعظم هذه الرسالة,فهناك النبوة وهناك الرسالة وكل رسول نبي,وليس كل نبي رسولا فالنبي من أوحي الله إليه بوحي أمر بالتبليغ أم لم يؤمر والرسول من أوحي الله اليه بوحي وأمره بتبليغه ولذلك كان عدد الأنبياء أكثر من عدد الرسل فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يارسول الله كم الأنبياء؟قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا, قلت: يارسول الله كم المرسل منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشرجم عقد رأي جمع عظيم من الأنبياء والرسل ومن هنا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم خاتم النبيين وبالتالي فهو خاتم المرسلينولأن الرسول مكلف بالتبليغ والتبليغ لايعني مجرد كلمات تتلي, وألفاظ تقال أنما يعني تغيير عقائد وعادات كان لابد من الصدام والصراع والرفض والإصرار علي مواريث الآباء والأجداد, وجرب بنفسك هذا,وادع بعض من تحب الي أن يترك بعض ماألف من عادات فاسدة لايقرها عقل ولادين, وانظر مدي استجابته لك, وسوف يتضح لك أن الأمر ليس سهلا, فما بالك إذا كنت تريد نقل الشأن من عقيدة باطلة, إلي عقيدة الايمان الحق, إنك لن تقابل بمجرد الرفض, إنما قد تتعرض لما لاتحب ولاترضي ولهذا رأينا ماتعرض له الرسل علي امتداد القرون من إيذاء, وصل الي حد الاعتداء علي أرواح بعضهم, ومنهم من نجاه الله ومن آمن معه, وأهلك قومه الكذبين برسالته, ولذلك تقرأ ما كان من أمر بني اسرائيل وقتلهم الانبياء بغير حق مما كان من الأسباب التي من أجلها ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة,وباءوا بغضب من الله كما قال تعالي ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق..وقال: إن الذين يكفرون بأيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم إلي غير ذلك من الآيات. والنبيون الذين قتلهم قتلته الانبياء هم من كان منهم صاحب رسالة بلغها لهم فرأوا فيها خطرا علي معتقداتهم وعاداتهم وأباطيلهم فكان منهم من كان من عدوان وقتل لأن الفساد والمفسدين لا يعنيهم من يتنسكون وتعبدون. وإنما الذي يزعجهم ويقض مضاجعهم أن يتحول هؤلاء العباد والزهاد المتنسكون إلي خنادق الجهاد يحاولون تغيير الباطل, ورد الناس إلي دين الحق, وانتزاع الضعاف من مخالب أهل الباطل, هنا تعظم المعركة بين القريتين, والنصر إنما يكون لأنصار الله دعاهةالخير, وهذا ما أراد الله أن ينبه إليه نبيه محمدا صلي الله عليه وسلم وهو يقول: إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا. ومن المعاني التي هي من أسباب تطمين رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله بالحق أن الحق الذي أرسل الله به رسوله ما هو؟ علينا أن نعرف أن الحق يقال الموجد الشيء بحسب ما تقضي الحكمة ففعل الله كله حق, ما خلق الله ذلك إلا بالحق, ويقال.. في الاعتقاد للشيء المطاعن لما عليه ذلك الشيء في نفسه كقولنا اعتقادا فلابد في البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق, قال الله تعالي. فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه الحق بإذنه, والحق يقال أيضا للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفي الوقت الذي يجب, والحق الذي أرسل الله به رسوله يجمع بين هذه الأمور الأربعة. فهذا تذكير له بعظمة رسالته وفي سبيلها كل صعب يهون, وإلي لقاء والحمد لله رب العالمين, وللحديث بقيه