العيد.. فرحة الكبير والصغير من المسلمين, يتزاورون ويتبادلون التهنئة والسعادة مع بعضهم البعض. وسواء كان الفطر المبارك أو الأضحي الكريم يحتفل المسلمون بأيام سعيدة منحهم إياها الخالق عز وجل ليفرحوا ويسعدوا. لكن يبقي لعيد الفطر بعد شهر رمضان المبارك مذاقه الخاص, وفرحته المتفردة لأسباب عدة ويكفي أن الجميع يكون في شوق لمعرفة موعده الذي لا يأتي إلا باستطلاع رؤية كشهر رمضان تماما, بعد أن نهل المسلمون من معين مليء بالخير والعبادة والرحمة والمغفرة والعتق من النار. في البداية يقول الشيخ شوقي عبداللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف للقطاع الديني, ان الله ميز شهر رمضان علي سائر الشهور لما فيه من نفحات ربانية وعطاءات إلهية, إذ يحوي بين طياته ليلة القدر والعشر الأواخر وما لها من مكانة خاصة ويتميز أيضا أنه شهر القرآن, حيث نزل فيه كتاب رب العالمين ليكون دستور أمة, لذا فإن الله أعد لنا الجائزة الكبري في نهاية هذا الشهر الكريم لمن صام نهاره وقام ليله حيث يقول المصطفي صلي الله عليه وسلم فإذا كان آخر ليلة من رمضان غفر لهم جميعا, قال رجل من القوم: يارسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا ألم تر الي العمال يعملون فإذا فرغوا من أعمالهم وفوا أجورهم. واستطرد عبداللطيف حديثه قائلا: ونحن نوفي أجورنا في يوم الجائزة الذي تغفر فيه الذنوب وتمحي فيه العيوب فهو يوم الفرح والسرور, حيث يفرح الصائم بفطره كما قال النبي صلي الله عليه وسلم للصائم فرحتان يفرحهما اذا أفطر فرح بفطره واذا لقي ربه فرح بصومه, لذا فهو يري أن يوم العيد هو يوم الشكر للنعمة التي لازمته طوال شهر رمضان ويجب أن يستقبله المسلم من هذا المنطلق. ويقول عبداللطيف إن هناك حديثا مؤكدا يتحدث عن الملائكة التي تملأ الطرقات في صباح يوم الجائزة تدعو للصائمين, لذا يجب أن يكون هذا اليوم خير ختام لرحلة الصيام الشاقة ولن يتأتي ذلك إلا بعيادة المريض والمسح علي رءوس الأيتام ومساعدة الفقراء والمساكين وصلة الرحم والمصالحة مع من قاطعناهم فخيركم من بدأ بالسلام, كما ينبغي أن يبقي معنا ما تعلمناه من مدرسة الصوم من الصبر والمثابرة وعدم رد السيئة بالسيئة, والعطاء لكل محتاج وقراءة القرآن وقيام الليل, تلك العبادات والسلوكيات التي لابد ألا تظل مقصورة علي الشهر الكريم. ويؤكد الدكتور محمد الشحات أستاذ الشريعة بجامعة حلوان عضو مجمع البحوث الإسلامية, ان للاعياد في الإسلام سواء عيد الفطر المبارك, بعد فريضة الصيام في شهر رمضان, أو عيد الأضحي المبارك بعد فريضة الحج, معني متكاملا يجمع بين مقومات كثيرة يحتاجها المسلم, بداية بالفرحة والابتهاج بأداء العبادة التي كلفه بها خالقه عز وجل, وشكر نعمته والاقرار بعبوديته, مشيرا الي أن عيدالفطر المبارك يمثل هدية من الله سبحانه وتعالي لعباده بعد أن امتثلوا لأوامره بالصيام والقيام والزكاة والتواصل وصلة الرحم والاحساس بالفقراء والمحتاجين فكان تحقيق التكافل والتكامل في المجتمع الاسلامي بفرحة يتشارك فيها الجميع في يوم العيد بعد أن كانوا في معية خالقهم طوال الشهر. ويضيف الدكتور محمد الشحات: يمثل عيد الفطر أيضا مكافأة مادية للمسلمين بعد أيام مباركة مليئة بالروحانيات, أولها رحمة وأوسطها مغفرة وآخرها عتق من النار, وبعد أن حصل المسلم علي بركة هذه الروحانيات من رحمة ومغفرة وعتق من النار, أصبح مؤهلا للفرحة والسرور والاحتفال مع أهله واقاربه وجيرانه بالعيد, كما في الآية الكريمة قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون يونس:85, موضحا أنه بعد تحقيق المسلمين لربوبية الله عز وجل كانت المكافأة من ربه ودعوته لهم بالفرحة في هذا اليوم, والاحتفال معا كمجتمع خاصة بعد أن تحقق الاحساس بالفقراء والمحتاجين وتم التصدق واخراج الزكاة وهو المعني التكافلي بما يجمع حق الله وتحقيق الحكمة من فرض الصيام بالاحساس بالفقراء, ليكتمل الأمر بالتواصل المجتمعي بالتهنئة وصلة الرحم والفرحة المجتمعية بالابقاء علي يومي الاحتفال اللذين كانا موجودين في الجاهلية يفرح فيهما الناس ولم يرغب المشرع في انقطاعهما, لذلك أبدلهما الله عز وجل عيدي الفطر والأضحي ليكون احتفالا طبقا للمنظومة الاسلامية.