نشرت صحيفتا الواشنطن بوست ونيويورك تايمز الأسبوع الحالي خبرا مهما وان كان للوهلة الأولي يبدو وكأنه يخص الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط ولكن ترتيب الخبر في صدر الصفحة الرئيسية علي موقيعهما الالكتروني جعلني أهتم بالقراءة بل والتحليل أيضا. الخبر تركز علي اسوأ موجة جفاف تواجه الولاياتالمتحدة خلال العام الحالي وتلف محصول الذرة في مقاطعة رايس بولاية كنساس الوسطي مما أسفر عن خفض الحكومة تقديراتها لمحصول الذرة السنوي بنسبة 15.5 % وهو يعد أدني مستوي له منذ عام 1995 مع العلم ان الولاياتالمتحدة تنتج نحو 40% من الذرة و20% من القمح علي مستوي العالم. وقال محللون ان تلف المحصول سوف يؤدي الي فشل تجديد المخزون السلعي الذي يعاني نقصا حادا في الاساس وسوف يترجم هذا الفشل الي ارتفاع أسعار السلع الغذائية وأعلاف الحيوانات وهذا يعني انه اذا لم يتحسن الطقس فسوف تشهد أسعار الذرة وفول الصويا ارتفاعا قياسيا يصل الي 20% الي 25% كما سينتج عن ذلك ايضا انخفاض انتاج الحليب والبيض واللحوم وربما يضطر مربو المواشي إلي التخلص منها مع ارتفاع أسعار الأعلاف الجنوني. وإذا رجعنا قليلا الي الوراء سنجد ان الظروف المناخية القاسية أضرت بدول اخري تعد رائدة في تصدير الانتاج الزراعي مثل البرازيل وروسيا واستراليا والهند، وهذا يعني ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك السكر والذرة وفول الصويا والقمح، فضلا عن المنتجات الغذائية منها. ولابد ألا ننسي ان الارتفاع العالمي في أسعار السلع الغذائية واذكاء المخاوف من التضخم ونقص الغذاء العالمي في بعض البلدان النامية،أدي الي الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية في عام 2008 مما أدي الي ثورات علي نطاق واسع في العديد من البلدان العربية ومنها مصر وتونس والجزائر. وتثير موجة الجفاف الأمريكية مخاوف بشأن تراجع الإمدادات الغذائية في البلدان النامية التي تكافح بالفعل مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وقال اريك مونوز المحلل السياسي في منظمة أوكسفام وهي منظمة مساعدات دولية ان الولاياتالمتحدة هي أكبر مصدر في العالم لفول الصويا والذرة والقمح، وارتفاع الأسعار ومن المرجح أن يحدث اضطراب في الأسواق علي الصعيد العالمي، مع عواقب مدمرة لتلك الدول التي تعاني بالفعل للحصول علي ما يكفي من الغذاء. أظن انه حان الوقت لدعم التعاون بين مصر والدول العربية والإفريقية لتغطية الاحتياجات الغذائية من خلال تبادل المحاصيل وتبادل الخبرات لمواجهة تلك الموجة العاتية من الجفاف التي لم تعد تفرق بين الدول النامية والمتقدمة، حان الوقت لسياسة زراعية تعتمد علي الاكتفاء الذاتي والسلع البديلة لان زمن الاستيراد والنوم في العسل أوشك علي الانتهاء!.