هكذا وبدون مقدمات تحركنا إلي قرية المهدية التي تقع علي الحدود مباشرة ولا يفصلها عن فلسطين سوي2 كيلومتر فقط, وتعتبر معقل قبيلة السواركة, إحدي أهم وأكبر قبائل شمال سيناء. والذين أشارت اليهم اصابع الاتهام بأنهم متورطون في الحادث ليؤكدوا لنا أن قريتهم شهدت استبسالا أثناء ثورة25 يناير ولا يرضيهم ان تعود اصابع الاتهام والتخوين مرة أخري اليهم. الاهرام المسائي يفتح صدور أهالي المهدية الملتهبة بحرقة ومرارة الحزن علي شهدائنا الذين قتلتهم ايادي الغدر عبر السطور التالية.. البداية كانت مع مصطفي الأطرش الذي وفر لنا مقدمة الحديث ليقول لم نر كأهل سيناء ضباط أمن دولة صالحين, وكل من دخل سيناء دون استثناء كانوا بلطجية, ومارسوا كل فنون وأشكال المهانة والذل, وقد عشنا15 سنة تحت الاحتلال الإسرائيلي, وبعد أن تحررنا منها وجدنا أنفسنا تحت احتلال آخر, وقد أجبرتنا معايشة الطرفين علي المقارنة بينهما رغم أن الإسرائيليين أعداء, والمصريين إخواننا, هذه المقارنة تجعلنا نقول إن اليهود فهموا جغرافيتنا, وطبيعة عاداتنا وتقاليدنا واحترموها, وكان من المستحيل أن يدخلوا بيوتنا أو يكشفوا نساءنا, وعندما كانوا يريدون استدعاء أحدنا كانوا يرسلون لنا عرب مثلنا يطرقون علي الأبواب بكل احترام ويقولون لأصحاب المنزل إن فلانا يريدك, وهذا لم يكن يحدث من ضباط مباحث أمن الدولة وهم مصريون. هنا قاطعنا أحد أبناء المهدية_ لم يريد ذكر اسمه_ قائلا أتذكر جيدا أنه بعد وقوع تفجيرات طابا, وشرم, ونويبع, ألقوا القبض علي النساء والبنات, وأقسم بالله العظيم أنني رأيت سيدة في أمن الدولة جردوها من ملابسها وكانوا يصعقونها بالكهرباء في أماكن حساسة حتي تدلهم علي زوجها وأضاف الرجل ما يحدث في سيناء الآن مقدمة لعودة معاملة أبناء كمواطنين درجة رابعة مرة أخري وبداية لإعادة فتح المعتقلات لتحتضن شبابنا وهذا ما لن نسكت عليه ابدا. وأضاف أحد شيوخ المهدية: نحن مع الأمن والاستقرار, لكن يجب علي الداخلية أن تتغير, وتغير سياستها مع أهل سيناء, وأذكر الضابط في إدارة مكافحة المخدرات في سيناء, الذي توعدنا وقال بالحرف: أنا هرجع البدو يركبوا الجمال تاني, ولفق3 آلاف قضية لأبناء المنطقة, وتم عزله من الشرطة, ونحن لا نقول إننا ملائكة, لأن هناك من يزرع المخدرات, ويتاجر فيها, ومن يتاجر في السلاح, لكن ليس كل أهل سيناء, نحن لسنا ملائكة, ولكن أيضا لسنا كلنا شياطين. وقال الضباط الذين يعملون هنا يعتقدون أنهم من المريخ, وأننا من القاع, ونحن نؤكد أننا أبناء سيناء ونمثل الأمن القومي لمصر, ويجب أن تتم معاملتنا علي هذا الأساس, ويجب أن يعيدوا النظر إلينا, وإلي المنطقة بأكملها, وأؤكد أن كل ضباط مباحث أمن الدولة يحبون العمل في سيناء, ليس حبا في ترابها, لكن لأنها منطقة سهلة ويستطيعون أن يلفقوا فيها تهما كثيرة لنا, فيحصلون علي ترقيات, وأؤكد أيضا أن الضباط كانوا يعرفون كل ما يحدث في سيناء بداية بتجارة السلاح وحتي الحادث الأخير فطائراتنا جابت منطقة بعيدة عن موقع الحادث بعد اكثر من ساعة من وقوع التفجير بينما طائرة العدو الاسرائيلي لم تنتظر أكثر من دقيقة لتفجير المدرعة. وفسر ابراهيم_أحد أبناء المهدية_ الحديث عن وجود مخدرات في سيناء قائلا شعب سيناء بطبيعته محب للزارعة التي تعتبر أحد الفنون التي يجيدها, لكن زراعة المحاصيل المعروفة كانت تستدعي دفع رشاوي للحصول علي تصاريح وزارة الزراعة, والمياه الجوفية, ولأنه لا يوجد شيء يمكن للناس أن تعمل فيه, خاصة أنه لا توجد تنمية, فإنه لا يوجد طريق أمام الناس سوي السلاح والمخدرات, وأؤكد أن الضباط مثلما كانوا يعرفون بأمر تجارة السلاح ويستفيدون منه, كانوا أيضا يتفقون مع الناس علي زراعة البانجو, وكانوا يقتسمون المحصول مع أصحابها وكما نعرف إذا تم ضبط2 كيلوجرام بودرة مثلا, من هو الضابط الذي تولي القضية, ونعرف نصيبه منها. واضاف ابراهيم حتي المسلسلات صورونا فيها علي أننا تجار مخدرات, وكانت أحداث طابا الحد الفاصل بيننا وبين أمن الدولة, فبعدها تحول الإنسان السيناوي إلي مارد, وتوالت الاحتجاجات, وتبادل إطلاق النار, وتحول الأمر إلي أن هناك ثأر بيننا وبينهم, لذلك كانت ثورة25 يناير في سيناء أكثر عنفا من كل أنحاء الجمهورية, ولذلك نطالب بإعادة فتح التحقيقات في أحداث طابا, ودهب, وشرم الشيخ. وقال سيناء ليست ميدانا لإطلاق النار فقط, وأقسم أن المواطن السيناوي إذا وضع في مكانه فإنه يعادل كتيبة كاملة, والناس هنا فاهمين ومقاتلين بجد, وكفانا إحساس بأننا مواطنون من الدرجة الثانية, وكفانا30 سنة من الأخطاء. وتساءل حول عدم تنمية سيناء خاصة الوسط حتي الأن بقوله: لمصلحة من لم يتم إلي الآن تعمير منطقة الوسط التي تتداخل مع الحدود الإسرائيلية, لمصلحة من تظل هذه المساحات الشاسعة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة جرداء, وأين المشروعات التي شقت من أجلها ترعة السلام, ومبررهم في تركها خالية تحسبا لوقوع حرب في المستقبل, عجيب ومضحك, لأن مفهوم الحرب نفسه تغير ولم يعد بالدبابات مثل زمان.