حالة من القلق أصابت الوسط الثقافي مع اقتراب اعلان نتيجة جولة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية وعبر عدد من المثقفين عن خوفهم أن يؤثر النظام القادم علي المؤسسة الثقافية, لكن هذا ماينفيه القائمون علي الهيئات الثقافية مؤكدين أن في استطاعة الثقافة أن تستقل بنفسها بعيدا عن تأثير أي نظام سياسي. يقول الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس هيئة قصور الثقافة أن تلك المخاوف لا أساس لها من الصحة,إلا في ظروف معينة وهي وجود نظام قمعي وبوليسي وشخصاني وهي صفات نظام مبارك. وأضاف عبد الرحمن لو ان الدولة ديمقراطية واصبح القرار فيها ديمقراطيا وأصبحت دولة مؤسسات حقيقية ودولة قانون وليست شعارات فلن تتحقق أي من تلك المخاوف ولن تكون المؤسسة تابعة للنظام, مثل الدول الديمقراطية لأنها تعمل لصالح المجتمع والناس فهذا التخوف يرتبط بشكل الدولة والنظام القادم فلو كان مجرد تغيير في الأسماء دون تغيير في الانحيازات والسياسات والمنهج فتصبح ديمقراطية شكلية مثل فترة مبارك, كما أننا نريد أن ننجح في بناء دولة ديمقراطية حديثة تعتمد علي المؤسسات غير مشخصنة ولا تنحاز فيها إلا لجماهير الشعب, وتراعي وجهة نظر كل الأطياف, فليس معني اني رئيس الهيئة ان ادير المكان وفق أهوائي, فأي رئيس سيذهب ويأتي غيره لذا تكون الاستراتيجية وفق حاجة الشعب, فهناك احتياجات ثقافية مثل الاكل والشرب يجب ان نتعرف عليها, وعملنا يصب في وعي ووجدان الشعب ويخلق تطورا في المجتمع, فالقضية قضية بناء دولة ديمقراطية حقيقية أم شكلية, ليست عزبة يتصرف شخص فيها كما يشاء فنحن لنا دور في تشكيل الوعي كمؤسسة ثقافية. وأكد د. عبد الواحد النبوي رئيس دار الكتب أن هذا التخوف ليس في محله الي حد ما, فاذا رأينا عمل المجلس الأعلي للثقافة أو دار الكتب أو هيئة الكتاب وقصور الثقافة, لن نجدها متأثرة لهذا الحد بسياسة النظام, فنشاط المؤسسة الثقافية يخدم المجتمع وليست جزءا من النظام, فهناك مواقف كثيرة يمكن ان نتذكرها تدل علي السعي وراء حرية التعبير والوقوف أمام التيارات الرجعية. وأضاف عبد الواحد أن وزارة الثقافة ليست متمردة لكن الي حد ما تسير في طريق شبه استقلالي عن الدولة, وعبرت عن تيارات المجتمع كله الديني واليساري والليبرالي وغيره في الندوات والامسيات والكتابات والمنشورات الخاصة بالمؤسسات, فمثلها الثقافة قطعة من الموزاييك تعبر عن المجتمع المصري كله, ولن يستطيع أحد ان يطوع المجتمع المصري ومؤسساته لمصلحة شخص او تيار, إلا بالقوة والعنف ووسائل الاقصاء لكن هذا صعب, وأنا لست خائفا من اي تيار لأننا مجتمع يهضم كل التيارات التي جاءت فلم يؤثر فينا الرومان ولا يونانيون ولا الانجليز ولا الفرنسيون, وهذا سبب قوتنا, فمصر تأخذ من قوتهم وتزيد من رصيدها الحضاري. وأوضح الشاعر محمد كشيك رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بقصور الثقافة أنه في ظل التحولات الضخمة التي تجتاح العالم أصبح لكل مجتمع قوانينه الخاصة التي تحكمه فبالنسبة لدور المثقف في التأثير علي تلك التحولات فهو دور ضعيف, لكن الثورة عكست تركيبة الشخصية المصرية التي تمتد الي7 ألاف سنة والتي ابتكرت مفاهيم المواطنة قبل ان يتكاثر هذا التعريف فأظهرت عروق الذهب في الشعب المصري, وعندما دخلت المفاهيم الخارجية اصيبت بانتكاسة فينبغي ألا يتدخل الدين في السياسة علي الإطلاق والتحولات الثقافية تحدث في العمق لا تظهر تأثيراتها الآن, والمؤسسة الثقافية سينهار شكلها القديم لكي تلبي احتياجات المجتمع الفوار, لا أعرف شكل هذا التغيير لكن يمكن ان تكون علي هيئة جمعيات ثقافية مستقلة.