لقد كتبت عدة مقالات سابقة أعبر فيها عن مطالب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية, وحملت هذه المقالات هموم هيئة التدريس وكذلك عتابا علي الحكومة ومؤسساتها التي لم تستجب للمطالب المتكررة لأساتذة الجامعات التي نادوا بها من قبل اندلاع ثورة يناير2011, ذلك أن الفئة الأكثر معاناة من قهر وتسلط النظام البائد هي هيئة التدريس بالجامعات, وتمثل ذلك في الحد من الحرية الأكاديمية والتدخل السافر في الشئون الجامعية من الأجهزة الأمنية وتكريس ثقافة الولاء للنظام, وإهدار مبدأ الاختيار الديمقراطي للقيادات وذلك بإلغاء انتخاب عمداء الكليات, وتدني الأوضاع المادية والاجتماعية لأعضاء هيئة التدريس, وكذلك الإساءة لقمم وشيوخ أساتذتنا الكبار الذين تم استبعادهم بعد بلوغ سن السبعين وحرمانهم من كثير من حقوقهم التاريخية مما أحدث فجوة بين أجيال أعضاء هيئة التدريس, وقد تصاعدت أصواتنا في الشهور الماضية بعد أن استمر تجاهل مطالبنا باحتجاجات وتظاهرات بدأت في التنامي, ولكنها لم تحدث أي ضرر بالعملية التعليمية أو تعطيل للامتحانات, ولكن عبرنا بالقدر الذي يسمع صوتنا للجهات المسئولة. وقد جاءت الاستجابة الفعالة والفورية من لجنة التعليم بمجلس الشعب, وفي هذا المقام نتقدم بالشكر والتقدير لأعضاء اللجنة ورئيسها الدءوب الزميل أ.د شعبان عبد العليم الذي بذل جهدا بتجميع الآراء وعقد جلسات الاستماع من جميع الأطراف من ممثلي النوادي والمنتديات والحركات المدافعة عن حرية الجامعة, ويحمد للجنة أنها لم تهمل رأيا أو تسقط فكرة, وترجمت اللجنة كل هذه الجهود في تقرير لتعديل بعض أحكام مواد القانون49 لسنة1972, وحرصت علي عرضه علي مجلس الشعب بكامل هيئته في جلسة عامة وأحسنت صنعا عندما طلب رئيس اللجنة أن ينظر القانون علي وجه الاستعجال تفاديا لثورة عارمة في الجامعات ومراكز البحوث, وقد وافق المجلس بعد تمهيد جميل من رئيسه أ.د سعد الكتاتني الذي أوضح أن تحسين دخول هيئة التدريس ليس تمييزا لهذه الفئة التي عانت كثيرا, كما ركز علي رفع الظلم الذي وقع علي شيوخ الأساتذة والألم النفسي الذي تكبدوه بعد إجراء تعديل غير مفيد وهو تعديل أطفأ شهاب علم وعطاء أساتذتنا الكبار في عام2000. وهنا تجب الإشادة بدور نواب الشعب عند نظر تعديلات القانون فقد عبروا عن موقف تاريخي لنصرة قضية هيئة التدريس والاستجابة لمطالبهم بالقدر الذي سمحت به الظروف الحالية, وقد تبني مجلس الشعب من خلال لجنة التعليم مطالب جموع هيئات التدريس التي تجلت في رفض مشروع القانون المشبوه المعد سلفا في عهد النظام البائد, وإجراء بعض التعديلات علي القانون الحالي وهي تشكل مطالب ملحة للأساتذة, وهو ما حدث بموافقة مجلس الشعب المبدئية علي إقرار آلية انتخاب القيادات الجامعية وإلغاء المادتين121, و123 بما يحقق الاستقرار النفسي للاساتذة فوق سن السبعين من خلال مد فترة بقائهم كزملائهم فوق سن الستين بما يعظم الاستفادة من علمهم وخبراتهم القيمة, ثم الموافقة علي تحسين دخول هيئة التدريس بطريقة محترمة بعد عدة محاولات سابقة من الترقيع والزيادات المهينة التي تكافئ جودة الولاء وليس جودة الأداء. فشكرا لمجلس الشعب ونوابه ورئيسه وأعضاء ورئيس لجنة التعليم بالمجلس لانحيازهم لقضايا الشعب بطوائفه المختلفة. والاستجابة لبعض المطالب الملحة لهيئة التدريس ليست نهاية المطاف ولكنها بداية لاستعادة ريادة اساتذة الجامعات أدبيا وماديا, وسنعمل علي إعداد قانون عصري يشكل نقلة حضارية للجامعات المصرية من خلال توفير اطار تنظيمي وتشريعي يعظم العطاء التربوي والبحثي لصناع العلم ورواد التقدم, ولن ننسي مطالب ابنائنا المعيدين وضمهم لهيئة التدريس علي أن يكون هذا الاجراء حافزا لهم للتفوق وليس التقاعس عن بحوثهم وأن يتحولوا إلي موظفين وليسوا باحثين, وختاما كل الشكر لزملائنا الناشطين والمدافعين عن حقوق هيئات التدريس واستقلال الجامعات وأعضاء النوادي ونقابة علماء مصر وزملائنا في مؤتمر31 مارس وكل من بذل جهدا مخلصا في هذا الشأن, وسنواصل عملنا الجماعي حتي ينعم أعضاء هيئة التدريس بالمستوي اللائق بهم, ومرة أخري كل الشكر لمجلس الشعب ونوابه الكرام الذين أحسوا بمعاناة هيئة التدريس وأنصفوهم وكانت استجاباتهم هي الأعلي والأكثر تأثيرا من مؤسسات الدولة الأخري.