تعالت الأصوات الرافضة للتشكيل الأخير للجنة إعداد الدستور في الوسط الثقافي, ومنها من طالب بالتوحد لإسقاطها لأنها لم تمثل كل طوائف وفئات الشعب ومنهم المثقفون, الذين أكدوا أن تجاهلم يتم بقصد, وأن الإخوان يريدون ان يسيطروا علي الحكم بكل طريقة, وتحولت المسألة من البحث عن دولة مدنية تحافظ علي حقوق مواطنيها, إلي ساحة صراع للسيطرة علي السلطة. وأوضح المثقفون ان التيار الديني المسيطر علي البرلمان لم تكن لديه النية لإتاحة مساحة للتيار الفكري والتنويري داخل لجنة اعداد الدستور لأنه سيقف ضد قوانينهم التي يريدون ان يدخلوها في الدستور, والدليل علي هذا تجاهلهم للأسماء المقترحة من قبل وزير الثقافة د.محمد صابر عرب والتي تضمنت أسماء لمثقفين كبار مثل' بهاء طاهر, وجمال الغيطاني, والسيد يسين'. قال الكاتب سعيد الكفراوي أري أن الساحة الآن تستهدف فقط الاستيلاء علي السلطة وأصبحت المسألة منحصرة في صراع علي الحكم سواء من التيار الديني او الليبرالي او العسكري, وبخصوص الثقافة يكفي اننا قرأنا كل برامج المرشحين لإنتخابات الرئاسة لكن ولا برنامج واحد ذكر الثقافة والمثقفين ولا حتي ذكر تصور لدور وزارة الثقافة مستقبلا او كيفية الاستفادة من طاقات المجلس الآعلي او خطة نشر تنقل الثقافة إلي ما يجب ان تكونه أو الإهتمام الفعلي بتراث مصر عبر عصوره, لذا أتت اختيارات اللجنة لهذا التمثيل الضعيف للمثقفين في سياق عادل لحالة الثقافة عند المسئولين مع أن المثقف المصري والمبدع المصري يمكنه تصور مستقبل جيد لهذا الوطن ولكن بما اننا واقعون في قبضة الإسلام السياسي وجماعاته المتناحرة وقبائل السلف الصالح والإخوان فلا عزاء للثقافة والمثقفين. غياب المعيار وأوضح الكاتب د.أحمد الخميسي أن تمثيل المثقفين بلجنة إعداد الدستور غير مرض مع احترامي للأسماء التي وردت بها, لكن المشكلة هي أن بأي معيار يتم اختيار المثقفين المشاركين في اللجنة, خاصة أنني كنت اتوقع أن تضم اللجنة كتاب من الذين شكلوا ضمير الثورة مثل بهاء طاهر وعبد الوهاب الاسواني, وأن يكون هناك معيار يرضي المثقفين اكثر ولا يتم اختيارهم لأنهم يعملون في أماكن رسمية. وأضاف الخميسي أن نسبة ووزن المثقفين بشكل عام غير مرضية لأنها جاءت علي ارضية استبعدت المثقفين من الأساس وتجاهلتهم, فعلي اي اساس يتم استبعاد كاتب في قيمة بهاء طاهر ولا أقول هذا لأني ضد فاروق جويدة أو غيرة لكن باي معيار يتم استبعاد بهاء وهو في تقديري هو ضمير الثورة, وتنبأ في روايته' واحة الغروب' بان الأوضاع سوف تتعقد في البلد مما ينذر بثورة, كما أنه بالنسبة للمثقفين قيمة لا خلاف عليها, مما يؤكد أن المشكلة في المعايير فعندما تبدأ بتجاهلهم وتحدث حالة من الغضب من كل الاطياف الثقافية وتحتج علي عدم وجود مثقفين باللجنة فيختار مجموعة من المثقفين بدون معيار, غير ان الشخص المختار مكتوب علي بطاقته الشخصية كاتب, لكن هذه الإختيارات لا تعبر الا عن طبيعة هذا البرلمان الذي تنبت في اجواءه صيحات تنادي بمنع تعليم اللغة الانجليزية فطبيعي ألا يعرفوا من هو المثقف والمفكر الحقيقي, فقال جوته المثقف الألماني' اذا اردت ان تحصل علي اجابة جيدة اطرح سؤال جيد', وهذا ما يفعله الأخوان أخذوا مصر في دوامة تدور حول الانتخابات لا تؤدي بينا الي شيء, والمطلوب بالنسبة للشعب المصري ان يجد عملا وعلما ومسكنا وأكلا لكن الإخوان تجاهلوا هذا وادخلونا في دوامة, فما يحدث بعيد عن هموم الشعب المصري, مما يمثل التفافا علي احتياجات الناس. تقسيم حزبي فيما وصف الشاعر شعبان يوسف تشكيل اللجنة بأنه عبثي وسريالي لانهم لا يفهمون معني تكوين لجنة تاسيسية للدستور, وأنها يجب أن تمثل كل طبقات المجتمع وفئاته, لان من حق اي فرد علي ارض الوطن أن يشارك في صياغة الدستور لكن كالعادة وهي ليست مفاجأة ان التيار الديني يستأثر بالتشكيل, لكي يصبح الفصيل الاقوي في اللجنة وهذه مغالطة لانهم يعتقدون أنهم يشكلون المساحة الاوسع في الشارع المصري عن باقي التيارات وهذا خطأ, فلم يكن في بالهم تمثيل المثقفين والمرأة والمحامين وباقي فئات المجتمع لأن التقسيمة كانت حزبية ليضمنوا لأنفسهم الوجود الأكبر, كما أنهم لا يقرأون التاريخ فقي لجنة الاشقياء أو لجنة الثلاثين ولجنة الخمسين التي شكلت دستور1954, أو لجنة المئة في دستور71 كلها ضمت فنانين ومثقفين. وأضاف يوسف استبعدوا الأسماء المؤثرة في المجتمع لأنهم لا يريدون أن يقتنعوا بأن هناك ناسا تستطيع أن تصيغ الدستور, لأنهم يعرفون أن من يأتي في اللجنة ومستند الي شرعية ثقافية ودستورية سيمنعهم من تمرير المواد التي يريدوها في الدستور والتي تتيح لهم أن يحكموا قبضتهم علي الحكم, فالدستور هو صياغة علاقة متوازنة وديمقراطية وعادلة بين الشعب والسلطة وكافة فئات المجتمع المعاصر. وأكد الشاعر عبد المنعم رمضان أن هناك كثيرا من الأحزاب ليسوا حريصون علي الثورة بل حريصين علي استمرار النظام السابق, وهذا يتضح من مواقفهم كما أنهم الأكثر انسحابا من اللجنة, كما أن اللجنة أخذت من المثقفين فاروق جويدة ومحمد الصاوي فقط وهذا لا يكفي, لكن هل لو أفردت مساحة أكبر للمثقفين في اللجنة كان سيأتي عبد المعطي حجازي, وصلاح فضل,والسيد يسين نفس مثقفي النظام السابق, لأنهم لا يمكن ان يأتوا بمثقفين ثوريين مثل أهداف سويف ورضوي عاشور, وبشير السباعي, لذا علينا الا نحلم بتشكيل أخر, لأن المثقفين غير قادرين علي الاتفاق علي شيء فعدد فرقهم بعددهم, لأن ذواتهم متضخمة وكبيرة ولا يمكن ان تتفق علي شيء, كما أن لهم ممارسات مخجلة فهم اول من خرج من الميدان ليحققوا مكاسبهم, وهنا أقصد النخب الثقافية الذين يظهرون في التليفزيون وفي الصحف.