تتعاظم المظاهرة بانضمام لاعب الكرة الشهير, ترفعه الاكتاف, يرتدي( ترنج سوت) يزعق بجدية وعلامات الغضب تلبس وجهه: الشعب يريد اسقاط النظام. تتوارد اليفط امام عيني, اقرأ بنبرات مسموعة: ارحل بقي انت ما زهقتش. ارحل بقي ايدي وجعتني. انشغل بالقراءة, بصراحة الشعارات ظريفة, تبعث علي الأمل, ورجل يحمل طفلا يفرد ورقة مكتوب عليها: ارحل كتفي وجعني. حركة الجماهير تستهلك الفكر, يعصرني القلق: ماذا في الجراب يا حاوي؟ حية رقطاء. وعقرب ضخم. بل في الجراب هاموش. تتعانق قصائد الشعر: كان ياما كان في سالف العصر سلطان لبس التاج ومسك المفتاح تهتز بنت جميلة التقاطيع, فوق رأسها ريشة سميكة بيضاء, وبيدها مفتاح, تتمايل وكأنها مركز الكون, تنغم الأيادي تصفيقها, ينهض اشيب الشعر, يرتل: أبوبدلة بيضة ساب الشارع ودخل البيوت فتش النفوس وكراكيب القراطيس تردد الجوقة: توت يا بلدي توت أخواني.. اعدموه شيوعي.. اصلبوه يدور حول الفتاة من يقلد القطار: توت.. توت ينتفض من بين المضطجعين من يمسك بالمبخرة, يلف في دوائر المحتشدين, وصوت رفيع يبزغ نجمه: ماسك.. حابس.. ناقم.. حانق.. دافس يضعف صفير القطار منسحبا, يتلاشي احتكاك القطار, تتوقف الفتاة عن رقصها, تغني: حبيبي سابني وراح, سافر وفي قلبي جراح.. يخطب الشيخ المرتدي الجبة والقفطان: القصاص من الجور نسور ونياشين والقلب حائر الموت لا يقرب الكواسر يقف الجميع. تصخب دقات الدفوف, يرقصون الزار العنيف, الاصوات تتضاحك: دا عاوز زار شمهورش يا شمهورش مش قادرين نفك لزقته دا جن عنيد وفي التناحة صنديد عايز فرخة ادبح له فرخة وديك بتقول ايه عرقوب هدهد وعرف ديك مسنود نمشي احنا كمان ونروح اللومان طرقات الدفوف تقوي, تردد الجوقة: مش حنمشي هو لازم يمشي ملعون في كل كتاب مش حيفلت من الحساب يذبحون فرخة من البلاستيك المحشو من نشار الخشب ويتبعونها بديك, ينثرونهما في الاجواء, تترنح الأصوات: يا جنية هاتي الجني زي ما خلتيه فرعون هاتيه علشان نعلمه الغرق يا امه نحرقه أو نحرقك ألاحظ ان الدف مكتوب عليه: ده لو كان عفريت كان انصرف مع الاعتذار لا بليس تتبدل الحلقة إلي مسرح الارتجال, تنسج الرواية خيوطا طويلة التيلة, يتبخر الهزل من الصدور, تتبخر اشعاعات الغضب, تتيه الأبخرة في سماء الصقيع, تحيق الانغام المنثورة بالاجواء. شاب يصنع سفينة كرتونية, أمواج البشر تتلاطم حول السفينة, تخفت الاضاءة, تصخب موسيقي النحاس والحديد, تمتلئ الكراتين المتشابكة بالشباب وزجاجات البنزين, تعصف الرياح, ولد يصرخ في هاتفه المحمول: أغيثونا.. ترتج السفينة بعنف, يدلقون المياه علي جنبات سفينة الورق المقوي, علي مبعدة خطوات من المسرح فريقان يلعبان الكرة, تهتف الجماهير مرتلة النشيد الوطني, ركلة من اليمين, وركلتان من اليسار, وتسجل الكرة هدفا, وصاحب القناع الأكبر يمتطي حجرا ضخما, وبعض الأولاد يحرسونه, وبايديهم بنادق آلية خشبية, تتفسخ السفينة, تتشظي إلي قطع صغيرة, يتخيلها الحشد اطواق نجاة, يحاولون التشبث بها, يتناحرون للفوز باحدها, تتكاثر الأمواج الهائجة, يكابد الحشد ضربات الأمواج الهادرة, تخترق الفتيات المتشبثة بدمي اسماك القرش الأمواج, وفي الجوار لابس تاج الأمارة تقبله زوجته, تغطي الرايات سماء الهاتفين, تنطلق الزغاريد, تبدلت الأمواج إلي غرقي, يشكل الشباب مربعا, يكنسون المكان من بقايا الورق وبعض زجاجات البنزين المحترقة, يقترح أحد الوقوف: نشكل لجنة. يرنم ثاني: يا ليل الليالي البليدة اهرب من الأيادي العنيدة يهذي ثالث: السفر إلي بلاد الصقيع. يعقب آخر: اسماك القرش جائعة. يتفلسف خامس: لا الناس هم المخذولين ولا الجند هم المنصورين زخم نشيط يرد: الشعب يريد اسقاط العصابة. يرتل الكورال: متباعة متباعة.. متباعة رخيصة. تتملل صغيرة في ردائها متذمرة: ارحل يا بارد, أنا سقعت. تجاورها فتاة تودع صديقها: باي مبارك.. موبايلات بقي. رجل يذهب وييجي, وتبدو علي وجهه السكينة, يدعو مبتسما: يا رب فيس بوك علي كل ظالم. ينتقد جمود وجهي المستريب: اضحك خلي الثورة تطلع حلوة. اتعبني الوقوف, التقط ورقة كرتون, اقلبها علي الوجه النظيف, اقرا: رابطة نجاري مصر يسألون الأسطي مبارك ما نوع الغراء الذي تستخدمه؟ اقهقه, يلتفت إلي الآخرون, ارفع اليافطة امام نواظرهم, بنت الشعر الكنيش والوجه الياميش ترميني بيافطة مخطوطة: ها تمشي ها تمشي, شعري طويل, عشان اروح احلق. يعلن المسرح عن بدء عرض رواية مبارك يتحدي الملل, أظلام, سكون. عصام الدين محمد أحمد